الأمم المتحدة: الآليات العسكرية في مكانها.. وأكثر من 34 طفلا قتلوا منذ بدء الهدنة

24 مراقبا منتشرون في 5 مدن سورية.. والعدد يرتفع إلى 300 بنهاية الشهر الحالي

مراقبون دوليون يستقلون سيارة للامم المتحدة لدى مغادرتهم الفندق الذي يقيمون فيه في دمشق أمس (رويترز)
TT

حمل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون علميات السلام هيرفيه لادوسو مسؤولية خروقات وقف إطلاق النار لكل من الحكومة السورية والمعارضة، داعيا في الوقت نفسه الدول الغربية إلى الإسراع في إرسال مراقبيها. وقال لادوسو في مؤتمر صحافي أمس بالأمم المتحدة إن الجنرال روبرت مود وصل إلى دمشق يوم الأحد ويتولى قيادة بعثة المراقبين التي تضم عسكريين غير مسلحين، إضافة إلى 35 من المدنيين المتخصصين في مجال حقوق الإنسان والعنف الجنسي، الذين سيتزايد عددهم خلال الأيام المقبلة وفقا لما يحتاج إليه ويطلبه الجنرال مود.

وأوضح لادوسو أن عدد المراقبين وصل أمس إلى 24 مراقبا، وسيزيد بنهاية الشهر الحالي ليصل إلى 300 مراقب لفترة التسعين يوما التي أقرها قرار مجلس الأمن لبعثة المراقبين، وهم منتشرون في خمسة مواقع، وهي دمشق وحمص وحماه ودرعا وإدلب، ويتواصلون مع جميع التيارات والجماعات. وأكد أن وجود قوات أمن سورية إلى جوار المراقبين لا يمنع المراقبين من القيام بعملهم ومقابلة السوريين.

وأشار لادوسو إلى قيام الحكومة السورية برفض منح تأشيرات لبعض المراقبين، خصوصا المراقبين من دول مجموعة أصدقاء سوريا (التي تشمل أكثر من 60 دولة)، دون أن تحدد الأسباب. وقال: «رفضت الحكومة السورية منح تأشيرات دخول لبعض المراقبين العسكريين، ونحن نرفض وضع أي عوائق أو شروط، وما زلنا في مفاوضات، وإذا لم يكن هناك تعاون من السلطات السورية فإننا سنضع هذا الأمر أمام مجلس الأمن».

وقال لادوسو إن المعدات التي يستخدمها المراقبون هي السيارات المدرعة وأجهزة الاتصالات، موضحا أن الحكومة السورية رفضت السماح باستخدام الطائرات المروحية التي تحمل علم الأمم المتحدة لتسهيل مهمتهم، وأشار إلى أن هذا الأمر لا يزال قيد المفاوضات والدراسة مع الحكومة السورية.

وحول الضمانات التي تطلبها الدول لحماية مراقبيها، قال لادوسو: «لا شك أن الوضع فيه مخاطرة كبيرة، ونحن لا ننكر هذه الحقيقة ونقدم للمراقبين أفضل معدات وإرشادات. ولا شك أن هناك حوادث ونحاول أن نأخذ الأمور رويدا والتعامل مع كل حالة بشكل منفصل، ولدينا الآن مراقبون من 24 دولة مختلفة، وما زالت دول أخرى تدرس إرسال مراقبيها».

ودعا لادوسو كل الأطراف إلى مساعدة مهمة المراقبين، وقال: «تظهر تقارير المراقبين أن الجانبين اتخذا خطوات لتسهيل مهمة المراقبين، والبعثة ما زالت في أيامها الأولى، وسنحاول إرسال بقية المراقبين في أسرع وقت».

وأكد لادوسو أنه على الرغم من العدد الصغير للمراقبين فإن لهم تأثيرا فعالا على أرض الواقع، وقال: «المراقبون يرصدون ما يجري، ووجودهم يساعد على بناء الهدوء، والهدوء يساعد العملية السياسية التي يقودها كوفي أنان لتحقيق عملية تحول في سوريا». وأضاف: «نريد التركيز على الحاجة إلى إظهار التعاون من كل الأطراف وخلق مناخ يسهل للمراقبين مقابلة كل أطياف المجتمع السوري، لأن راحة السوريين هي مركز اهتمامنا، وقد عانوا الكثير من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة».

وأشار إلى عدم قيام النظام السوري بسحب الآليات العسكرية من المراكز السكنية، وقال: «نعم، الآليات العسكرية في مكانها، لكن السلطات السورية تقول إنها ليست مزودة بذخائر»، وأضاف: «انسحبت بعض الآليات الثقيلة من حمص، لكن هذا لا يعني عدم وجود إطلاق للنيران، حيث تأتي من أسلحة صغيرة».

وكان أحمد فوزي المتحدث باسم كوفي أنان أشار إلى أن عدد المراقبين سيرتفع بحلول يوم الجمعة إلى 50 مراقبا من العسكريين غير المسلحين والجنود المدربين على مهام حفظ السلام. وشاركت 11 دولة حتى الآن بإرسال مراقبيها، وهي كل من الأرجنتين وبلجيكا والبرازيل وفنلندا والمغرب والنرويج وروسيا وسويسرا والصين وغانا وإندونيسيا. ويتم اختيار المراقبين على أساس ما توفر من بعثات حفظ السلام من الدول المجاورة.

إلى ذلك، قالت راديكا كوماراسوامي، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة للطفولة والصراعات المسلحة، أمس، إن أنباء أفادت بمقتل أكثر من 34 طفلا منذ بدء وقف هش لإطلاق النار بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد وجماعات المعارضة في 12 من أبريل (نيسان) الماضي.

وقالت كوماراسوامي في بيان «أناشد جميع الأطراف في سوريا الإحجام عن الأساليب العشوائية التي ينجم عنها قتل الأطفال وإصابتهم». وأضافت «منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار في 12 أبريل، ورغم نشر مراقبي وقف إطلاق النار من الأمم المتحدة، أفادت أنباء بمقتل أكثر من 34 طفلا».

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن طفلين كانا بين عشرة أشخاص قتلوا في هجوم بالمورتر شنته القوات السورية أمس الاثنين على قرية بمحافظة إدلب في شمال البلاد. وقالت كوماراسوامي أيضا خلال الأيام الماضية إن طفلا واحدا على الأقل قتل أثناء احتجاجات مناهضة للحكومة، كما انتشلت جثة فتاة من تحت ركام منزل متهدم في مدينة حماه.

وتقول الأمم المتحدة إن القوات الحكومية قتلت أكثر من 9000 شخص منذ بدأت الانتفاضة ضد الأسد في مارس (آذار) 2011. وتقول دمشق إن مقاتلي المعارضة قتلوا أكثر من 2600 فرد من الجيش والشرطة.

من جانبه أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهجمات التي وقعت في كل من إدلب ودمشق، داعيا كلا من الحكومة السورية والمعارضة إلى الوقف الفوري للعنف المسلح بكل أشكاله، والتعاون الكامل مع بعثة الأمم المتحدة في سوريا. وأشار مون في بيان أصدره مكتبه مساء الاثنين إلى تحسن في وضع المناطق التي ينتشر فيها مراقبو الأمم المتحدة، لكنه أعرب عن قلقه من مواصلة العنف وأعمال القتل والتجاوزات في سوريا خلال الأيام القادمة.

وحملت الولايات المتحدة الحكومة السورية مسؤولية استمرار وتيرة العنف في البلاد، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إنه «في ظل المعوقات التي تعوق نشر مراقبين ومحققين وصحافيين مستقلين في سوريا، فإنه يصعب معرفة الجهة التي تقف وراء التفجيرات التي وقعت في مدينة إدلب». وأضافت: «ما دام طال أمد العنف سنرى، ليس فقط سوريين مدنيين مسالمين يضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم، وإنما أيضا قيام المتطرفين باستغلال عدم الاستقرار، وهذا جزء لا يتجزأ من المشكلة التي نواجهها في سوريا، وهي أننا لا يمكننا تقييم من الذي يتحمل المسؤولية عن بعض هذه الأشياء.. ولذا فإننا نواصل تحميل نظام الأسد المسؤولية لإسكات بنادقه وتثبيت وقف النار».

وعلقت نولاند الآمال على وصول الجنرال النرويجي روبرت مود إلى دمشق لتولي مهامه لإعطاء معلومات أكثر من أرض الواقع. وقالت: «واشنطن تأمل أن يترك وجود المراقبين أثرا إيجابيا في الأرض في المستقبل».

وتأتي الإدانات ومطالبة الأطراف بالالتزام بوقف إطلاق النار في وقت يفتقد فيه المجتمع الدولي بدائل لمعالجة الوضع في سوريا، حيث تستمر القوى الدولية ومنظمة الأمم المتحدة في تركيز جهودها على إنجاح بعثة مراقبي الأمم المتحدة.

ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الوضع بأنه وصل إلى طريق مسدود، وقالت إن «الغرب لا يزال يؤيد خطة السلام، حتى في الوقت الذي وصفها فيه بأنها غير واقعية، بينما تبدو الحكومة السورية أكثر ثقة أنها تستطيع الصمود في وجه الضغوط الدولية الممزقة والمشتتة». وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أشهر القتال، والعقوبات العربية والغربية التي تستنزف الخزانة الوطنية في سوريا، ورغم الانشقاقات التي أدت إلى تآكل وحدة من الجيش السوري، فإن الحكومة السورية لا تبدو أنها على وشك السقوط، ولا تبدو أنها ستتخلى عن استخدام القوة المميتة. وتابعت الصحيفة أن دول العالم تخشى من عسكرة الصراع، ولا تزال تحجم عن تسليح المعارضة.