أفراد التيار الإسلامي بالجزائر منقسمون بين دعاة مقاطعة الانتخابات وأنصار المشاركة فيها

قيادي من «الإنقاذ» يحث على العزوف.. ورجل دين يعتبر الانتخاب «شهادة لا يجوز كتمها»

TT

دعا قيادي إسلامي جزائري بارز لاجئ بألمانيا، إلى مقاطعة انتخابات البرلمان التي ستجري بالجزائر يوم 10 مايو (أيار) الجاري. ويعود السبب إلى إقصاء «الإنقاذ» من العمل السياسي بذريعة أن نشطاءها ضالعون إما في الإرهاب مباشرة، أو بالتحريض عليه. في الجهة المقابلة، أفتى رجل دين بارز بوجوب الانتخاب مما أربك أفراد التيار الإسلامي، المنقسمين بين دعاة المشاركة ودعاة المقاطعة.

قال رابح كبير العضو القيادي السابق بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، في بيان أمس إن السلطات الجزائرية «لا تملك نية حقيقية في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، تحقق الإرادة السيدة للشعب الجزائري دون وصاية من أحد مهما كان». وعلى هذا الأساس، قال إنه يرى أن «أفضل وسيلة سلمية حضارية في وسع الشعب الجزائري ممارستها، في كنف الأمن والسلام، هي المقاطعة الكلية الشاملة لهذا الاستحقاق لتبليغ رسالة واضحة وصريحة من أجل تغيير أوضاع البلاد نحو الأفضل، ومحاربة الفساد من جذوره وجعل الشعب الجزائري سيد قراره أسوة بكل الشعوب الحرة في العالم، فالشعب الجزائري يستحق أفضل من هذا الوضع».

وغادر رابح كبير الجزائر عام 1993، هاربا من الإقامة الجبرية التي وضعته فيها السلطات آنذاك على سبيل إبعاده عن الجماعات الإسلامية المسلحة، التي نشأت عقب تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها «جبهة الإنقاذ» نهاية 1991. وحصل كبير على اللجوء السياسي بألمانيا، ومنها أطلق حملة معارضة ضد السلطات بالجزائر بمعية أنور هدام القيادي اللاجئ بالولايات المتحدة الأميركية ومراد الدهينة الذي كان لاجئا بسويسرا، والذي يوجد حاليا بالسجن في فرنسا تحت طائلة تسليمه إلى الجزائر. وعاد كبير إلى الجزائر نهاية 2006 على خلفية اعتماد سياسة «السلم والمصالحة الوطنية»، وحاول إطلاق حزب جديد لكن السلطات منعته ورجع إلى منفاه الاختياري.

وقال كبير في بيانه، الذي تملك «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الشعب الجزائري «انتظر، بعد ظهور ثورات الربيع العربي، أن تبادر السلطة الحاكمة إلى إصلاح حقيقي يعيد الأمر برمته إلى الإرادة السيدة للشعب.. لكن بعد تتبع دقيق لما هو معروض تحت مسمى الإصلاح، اتضح أن سياسة الإقصاء والتهميش التي كانت السبب الرئيسي في فشل مختلف سياسات الإصلاح والتنمية وانتشار الفساد، ما زالت متبعة بل ويراد تقنينها. فكيف يمكن أن يتم إصلاح مع إقصاء فئة عريضة من الجزائريين، قد تصل إلى نصف تعداد السكان أو تفوق؟». وأوضح كبير أن ما سماه «إصلاحا مزعوما» جاء حسبه «لاستباق غضب شعبي محتمل». أما ما يقصده بـ«الإقصاء والتهميش»، فهو مضمون قانون الانتخابات الجديد الذي يحظر مشاركة «الإنقاذ» وقياداتها ومناضليها في السياسة والانتخابات.

وتتفق دعوة كبير إلى المقاطعة، مع مساعي نائب رئيس «الإنقاذ» علي بن حاج إلى حشد التأييد لنفس الدعوة في الميدان. وكان رئيس «الإنقاذ» عباسي مدني حث الجزائريين على العزوف الانتخابي، انطلاقا من مكان إقامته بقطر.

لكن مسعى كبير يختلف تماما مع فتوى أصدرها رجل دين معروف بمساجد العاصمة اسمه الشيخ شمس الدين بوروبي، تجعل من الانتخاب واجبا دينيا. وسبب ذلك ارتباكا للكثير من أفراد التيار الإسلامي المنقسمين بين مشارك في الانتخابات ورافض لها. وقال بوروبي في فتواه إن الانتخابات «شهادة، والله أمرنا بعدم كتمان الشهادة». وطالبه بن حاج بمناظرة على أعمدة الصحف «لأثبت له بالدليل أن الانتخاب اختيار قبل أي شيء».