المراقبون يقومون بزيارات خاطفة في دوما وإدلب وحرستا

متحدث باسم «اليونيفيل» في لبنان: لا دور لنا في سوريا.. وتعرض مراقب سابق لاعتداء في تولوز

صورة لمتظاهرين في ادلب أمس مأخوذة من موقع «اوغاريت»
TT

في اليوم الثاني عقب وصول رئيس بعثة المراقبة الدولية الجنرال روبرت مود إلى سوريا، وبعدما وصل عدد المراقبين إلى 30، توزعت مهمتهم يوم أمس على مناطق دوما وإدلب وريف دمشق. فيما نفى نائب المتحدث باسم قوات حفظ السلام في لبنان «يونيفيل» لـ«الشرق الأوسط» ما تردد من أنباء عن تحريك بعض الوحدات إلى سوريا، بينما تعرض عضو سابق ببعثة المراقبين العرب في سوريا إلى اعتداء من مجهولين في مدينة تولوز الفرنسية، وأصدر المجلس الوطني السوري بيانا استنكر فيه الأمر، مشككا في علاقة نظام الأسد بالاعتداء.

وحول تحركات المراقبين الدوليين أمس، قال محمد السعيد، عضو مجلس قيادة الثورة في دوما، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تتعد زيارة المراقبين إلى دوما العشر دقائق يوم أمس وأول من أمس، حتى أنهم لم يترجلوا من السيارات، ولم يعطوا فرصة للناشطين للتواصل أو التكلم معهم، ويوم أمس توجهوا إلى حي (جسر العب) وهو الحي الذي شهد قصفا عنيفا يوم الاثنين بحجة أن عددا من المنشقين يختبئون فيه».

وقال السعيد: «إذا كان الهدف من وجود بعثة المراقبين في سوريا هو إيقاف القتل، وهذا ما نصت عليه بنود خطة أنان، فهي بالتأكيد فاشلة، أما إذا كان عملهم يقتصر فقط على إعداد تقرير حول الوضع في سوريا، فهنا نقول إنها ناجحة». ويضيف «المطلوب من لجنة المراقبين أن تسمح لنا بالتظاهر كي نصل إلى العاصمة دمشق لأن مطلبنا الوحيد والأساسي هو إسقاط النظام». وقد ذكرت بعض المواقع التابعة للمعارضة أن محطة المراقبين كانت أيضا يوم أمس في مناطق حرستا في ريف دمشق وأريحا وجسر الشغور في «إدلب» فيما خرجت المظاهرات في مناطق أخرى مجاورة تطالب بإسقاط النظام. ونقلت لجان التنسيق عن ناشطين قولهم إن قوات الأمن السورية نفذت انتشارا كثيفا عند مبنى البلدية تزامنا مع وجود وفد المراقبين فيها، مشيرة إلى أن النظام عمد إلى سحب آلياته العسكرية من أطراف المدينة بسبب قدومهم.

كذلك، ذكرت لجان التنسيق المحلية في إدلب، أن المراقبين قاموا بزيارة قصيرة لا تتجاوز الدقائق يوم أمس إلى مدينة أريحا، التي كانت تشهد أول من أمس قصفا عنيفا، ثم وصلوا إلى مدينة جسر الشغور.. وحاول ناشطو المدينة أخذهم إلى مواقع تمركز الآليات العسكرية النظامية، ولكن الرفض كان هو الجواب في معظم المدن، علما بأن قرى مدينة جسر الشغور تعرضت الليلة الماضية لأعنف قصف منذ بداية الثورة، وسقط على أثره عدد من القتلى بينهم عائلة كاملة والكثير من الجرحى والمنازل المتضررة، لافتة إلى أن زيارات اللجنة إلى المدن تكون دائما مدعومة بمرافقة أمنية كبيرة.

وقد أكدت لجان التنسيق في إدلب توثيقها 141 قتيلا، بينهم 9 أطفال وعددا كبيرا من الجرحى، إضافة إلى الكثير من المنازل المدمرة، حصيلة عمليات جيش النظام في المحافظة منذ دخول المراقبين الدوليين إلى سوريا حتى أمس، رغم موافقة النظام السوري على وقف إطلاق النار وسحب المظاهر العسكرية من المدن.

وفي إطار مهمة بعثة المراقبين، لفت عدد من الناشطين إلى أنه وبعد وصول بعثة المراقبين إلى سوريا، هناك تراجع في الحملات العسكرية التي تقوم بها القوات النظامية رغم استمرار نزيف الدم. وقال أحدهم ويدعى سالم: «هدأ القصف، ولكن هذا لا يعني أن خطة السلام جرى تطبيقها»، مضيفا أن «إطلاق النار والقذائف الصاروخية والقصف المدفعي والاعتقالات العشوائية لا تزال تحدث». ولفت سالم إلى انخفاض حدة هجمات قوات النظام على «حمص»، معقل التحركات المناهضة للنظام والتي شهدت حملات عسكرية شرسة.

ومن جانبه، قال «أحمد»، وهو ناشط معارض من محافظة «إدلب» شمال غربي سوريا، إن انتشار المراقبين «يهدئ» الوضع مؤقتا ليعود وينفجر سريعا عقب مغادرتهم»، وأضاف: «للأسف، المراقبون مثل الدليل للنظام السوري، أينما ذهبوا عادة ما يتعرض الناس هناك للقتل بمجرد مغادرتهم».

من جهة أخرى، أكد أندريا تينينتي، نائب المتحدث الرسمي باسم قوات اليونيفيل في لبنان، أن المعلومات الصحافية التي أشارت إلى أن اليونيفيل تدرس إمكان سحب بعض الوحدات من لبنان إلى سوريا، وخصوصا وحدات المدفعية والدبابات، لا أساس لها من الصحة.. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مهمة اليونيفيل في لبنان ترتكز على ضمان احترام بنود القرار 1701. والحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب اللبناني، والتأكيد على احترام الخط الأزرق بين الحدود اللبنانية والإسرائيلية، مع تأكيدنا على أنه ليس لنا أي دور أو نشاط في سوريا».

في المقابل، اعتبر الإعلام السوري الرسمي أن مبعوث الأمم المتحدة «عاجز عن كبح تعطش الإرهاب للدماء في سوريا»، وجاء في المقال الذي حمل هذا العنوان في صحيفة «الوطن» أن «الاعتداءات» التي شهدتها الساحة السورية مؤخرا تزامنت مع وصول بعثة المراقبين التي تبدو، بحسب الصحيفة، «عاجزة عن القيام بأي خطوة لوقف الاختراقات والعمليات الإرهابية التي شهدت تصعيدا ملحوظا منذ أن نزلت قدما أول مراقب على أرض سوريا».

ورأت الصحيفة أن أعداء سوريا «من حكام ومرتزقة ومعارضة مأجورة» لم يروا سبيلا لإحباط خطة أنان «سوى نشر الإرهاب والإرهابيين على نطاق واسع في سوريا». من جهتها، رأت صحيفة «الثورة» الحكومية أن «مهمة السيد أنان لا تحتاج قلق الأوروبيين ولا الأميركيين ولا حتى بعض العرب، لأنهم كلما عبروا عن هذا القلق، استبقت صباحاتنا التفجيرات الإرهابية، وكلما تحدثوا عن مخاوفهم على المهمة جاء الرد من الإرهاب أكثر دموية». وتابعت أن هذا القلق «بات بمثابة أمر العمليات الذي تتبعه تصعيدات دموية إرهابية وربما كان إشارة التنفيذ التي ينتظرها الإرهابيون».

من جهة أخرى، فقد أصدر المجلس الوطني السوري بيانا استنكر فيه تعرض العضو الذي سبق له أن أعلن استقالته من بعثة المراقبين العرب في سوريا، الجزائري أنور مالك، للاعتداء في مدينة تولوز الفرنسية. وطالب المجلس السلطات الفرنسية بـ«كشف ومعاقبة مرتكبي هذا العمل الدنيء، وكشف مدى ارتباطهم بنظام الأسد المجرم، وجامعة الدول العربية بالقيام بدورها في حماية المراقبين الشرفاء الذين يتعرضون لكل أشكال المضايقة والتشهير والتهديد بسبب عملهم تحت علم الجامعة العربية في سوريا».