مجلس الأمن يتبنى قرارا بالاجماع يطالب السودانين بإنهاء المعارك.. ويهدد بعقوبات

استئناف ضخ النفط من حقول هجليج.. ومتظاهرون جنوبيون يطالبون حكومتهم بإغلاق مقر الجامعة العربية في جوبا

TT

تبنى مجلس الأمن الدولي أمس بالإجماع قرارا يطالب السودان وجنوب السودان بوقف الأعمال العدائية خلال 48 ساعة، وحل خلافاتهما ضمن مهلة ثلاثة أشهر تحت طائلة عقوبات. ودعا القرار الذي تقدمت به خصوصا الولايات المتحدة وفرنسا الدولتين إلى «استئناف المفاوضات من دون شروط» تحت رعاية الاتحاد الأفريقي حول جميع النقاط الخلافية خصوصا تقاسم العائدات النفطية، وإنجازها في مهلة ثلاثة أشهر.

ويتبع المجلس بذلك قرارا اتخذه الاتحاد الأفريقي. وكانت روسيا والصين، البلدان الشريكان للسودانيين واللذان يشتريان منهما خصوصا النفط، أبديتا تحفظات في البداية، لكنهما انضمتا إلى القرار في نهاية المطاف. وفي 24 أبريل (نيسان) الماضي، أمهل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي أسبوعين للخرطوم وجوبا لاستئناف المفاوضات وثلاثة لإنجازها. ودعا الأمم المتحدة إلى دعم تحركه بموجب الفصل السابع من ميثاقه الذي يقضي بتدابير ردعية لتطبيق قرار في حال وجود تهديد للسلام. ويطلب القرار من البلدين «وقف كل الأعمال العسكرية على الفور بما في ذلك عمليات القصف الجوي» والالتزام بذلك رسميا لدى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة «في غضون ثمان وأربعين ساعة على أبعد تقدير».

إلى ذلك، أعلنت جنوب السودان ترحيبها بقرار مجلس الأمن الدولي، وأكدت على استعدادها للتفاوض مع الخرطوم في أي وقت، لكنها طالبت بنشر قوات دولية على الحدود المتنازع عليها بين الدولتين.

وقال الدكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث الرسمي باسمها، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومته ردت منذ البداية بخارطة الطريق التي أعلنها الاتحاد الأفريقي لحل النزاع. وأضاف أن بلاده أرسلت وفدا عالي المستوى برئاسة دينق ألور وزير مجلس الوزراء، وباقان أموم كبير المفاوضين، إلى نيويورك لإثبات جديتها، إلى جانب إرسالها خطابا رسميا توافق فيه على خطوات مجلس الأمن الدولي. وقال «نحن قمنا بكل ما طالب به الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن بسحب قواتنا من هجليج وسحب الشرطة من أبيي، ولا نقوم بأي اعتداءات ولا نحارب الآن سوى دفاعنا عن سيادة أراضينا». وتابع «لا ندعم أي قوات للمعارضة ضد الخرطوم، وطالبنا بنشر مراقبين وقوات دولية لمعرفة من الذي يقوم بالاعتداء ويدعم أي قوات معارضة». وقال إن الحكومة السودانية ظلت ترفض نشر قوات دولية لأن نواياها مواصلة العدوان على بلاده.

من جهة أخرى، قال ويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، بعد لقاء جمعه مع باقان أموم، كبير المفاوضين من دولة جنوب السودان، أمس، إن حكومة بلاده تدعم الاتحاد الأفريقي وجهوده للوصول إلى حل سلمي للنزاع بين دولتي السودان وجنوب السودان، داعيا الطرفين لإنهاء أي شكل من أشكال دعم الحركات المتمردة في البلدين. وأضاف «لقد بحثنا الموقف على الحدود بين السودان وجنوب السودان خلال الأسابيع القليلة الماضية والحاجة لإنهاء الأعمال العسكرية كافة من كلا الطرفين». وتابع «أرحب بإعلان جنوب السودان الوقف الفوري للأعمال العدائية كافة وعزمها سحب قوات الشرطة من منطقة أبيي المتنازع عليها، تماشيا مع خارطة الطريق التي أعلن عنها الاتحاد الأفريقي بحثا عن السلام في المنطقة». وقال «بحثنا أيضا الحاجة الملحة لعقد محادثات السلام بين دولتي السودان وجنوب السودان لحل الأمور المعلقة كافة بينهما بما فيها إدارة موضوع البترول».

على صعيد آخر، استؤنف أمس ضخ النفط من حقول هجليج بطاقة 55 ألف برميل في اليوم بعد توقف دام عشرين يوما. وأكد الدكتور عوض أحمد الجاز، وزير النفط السوداني، خلال مخاطبته الاحتفال بتدشين استئناف تدفق النفط، أنه قد تم بأيد سودانية خالصة منذ بدء العمل في إنتاج الطاقة الكهربائية مرورا بإصلاح الأعطاب في أنابيب الضخ من الآبار إلى منطقة التحكم وحتى ضخ البترول في الأنابيب، ولم تكن هناك أي خبرات أجنبية.

وحيا الدكتور الجاز القوات المسلحة وقادتها والشهداء والجرحى الذين بذلوا الغالي والنفيس لتحرير هجليج، كما حيا الشباب والخبرات السودانية التي قامت بهذا الإنجاز. وقال «إن هذه الوجوه النيرة أقسمت ألا تنام حتى يعود النفط»، مضيفا «بعون الله تم استئناف ضخ النفط». وقال «إن هذا الإنجاز رسالة قوية للاستعمار، وإن هذه البلاد لن تدنسها قوات البغي والاستعمار»، مشيرا إلى أن «قوى الاستعمار ومن شايعها أرادت أن توقف ضخ النفط».

ومن جهة ثانية، دعا متظاهرون من دولة جنوب السودان حكومتهم إلى إغلاق مكتب الجامعة العربية، لما وصفوه بمواقفها المنحازة إلى جانب الحكومة السودانية في النزاع بين الدولتين حول هجليج، في وقت أعلنت فيه جوبا أنها ستقدم احتجاجها إلى الأمين العام للجامعة العربية مباشرة عندما يلتقي به نيال دينق نيال وزير خارجيتها في وقت قريب، معتبرة أن الجامعة العربية لم يكن قرارها الأخير متوازنا، واستخدمت لغة الخرطوم في المخاطبة.

وسلم المتظاهرون من اللجنة الشعبية للتعبئة العامة مذكرة إلى محمد منصف، سفير الجامعة العربية في جوبا، الذي وعد بإرسالها للأمين العام للجامعة العربية في القاهرة لعرضها على وزراء الخارجية العرب، وطالبت اللجنة حكومة جنوب السودان بإغلاق مكاتب الجامعة ومغادرة أراضي الجنوب في حال استمرارها في دعم حكومة الشمال على حساب الجنوب. واعتبرت أن الجامعة في قراراتها الأخيرة بشأن النزاع بين دولتي السودان كانت منحازة إلى الخرطوم ولم يكن متوازنا. وأدان المتظاهرون أمام مقر الجامعة العربية مواقف بعض الدول خاصة العضو الفلسطيني، واعتبروه محرضا لاستمرار الحرب بين الخرطوم وجوبا.

من جانبه، قال الدكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»، إن مواطني بلاده غاضبون من قرارات مجلس وزراء الجامعة العربية الذي انعقد الأسبوع الماضي وأدان جنوب السودان. وأضاف «مجلس وزراء الخارجية العرب في ذلك الاجتماع مرر خطاب الحكومة السودانية الذي وصف الجنوبيين بالحشرات، هل يعقل أن تكون تلك لغة الجامعة ضد مواطني الجنوب؟». وقال إن الموقف الرسمي للحكومة أنها رفضت قرار الجامعة العربية، وسيقوم نيال دينق وزير الخارجية بتوصيل مواقف جوبا من هذا النزاع بصورة واضحة عندما يلتقي بالأمين العام للجامعة في القاهرة. وأضاف «نرى أن الجامعة انحازت إلى جانب الخرطوم واستخدمت لغة البشير في موقفها بشأن النزاع»، مشيرا إلى أن الجامعة العربية كانت شاهدة في اتفاقية السلام الشامل في نيروبي عام 2005. وفي الخرطوم، أصدر الرئيس السوداني عمر البشير قرارا قضى بتعيين المهندس غازي الصادق، القيادي بحزب الأمة الفيدرالي، وزيرا للإعلام خلفا للوزير السابق عبد الله علي مسار الذي تقدم باستقالته.