سجن شرطيين في تونس بتهمة قتل متظاهر خلال الثورة

تعزيزات أمنية وعسكرية في بن قردان بعد مواجهة دامية بين قبيلتين

TT

قال مصدر رسمي أمس إن محكمة تونسية قضت بسجن شرطيين أدينا بقتل متظاهر لمدة 20 عاما، في أول حكم يصدر ضد عناصر من الشرطة بتهمة قتل مدنيين خلال الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي العام الماضي. وأضاف المصدر: «قضت المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بصفاقس بثبوت إدانة المتهمين عمران عبد العالي ومحمد سعيد خلودة في قضية قتل الشهيد سليم الحضري، والحكم على كل منهما بالسجن 20 عاما». وألزمت المحكمة الشرطيين بدفع تعويضات مالية بقيمة 80 ألف دينار (نحو 60 ألف دولار) إلى عائلة القتيل، ومن المقرر أن تدفع وزارة الداخلية هذه التعويضات.

وقتل خلال ثورة تونس التي ألهبت الشرق الأوسط أكثر من 300 شخص.. وتواجه الحكومة الحالية، التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، عدة ملفات شائكة، من بينها ملف محاسبة قتلة «شهداء الثورة» وسط انتقادات عائلات الضحايا للجهات الرسمية بالتباطؤ في حسم هذا الموضوع.

من جهة اخرى سيطر الهدوء الحذر أمس على منطقة بن قردان التونسية الواقعة جنوب تونس، وذلك بعد أن أرسلت السلطات التونسية منذ صبيحة الثلاثاء تعزيزات أمنية وعسكرية إلى المنطقة، على أثر مواجهات دامية اندلعت بين قبيلتي «الطوازين» و«الربايع» في المنطقة المحاذية للحدود مع ليبيا.

وكانت تلك المواجهات قد أسفرت في حصيلة أولية للأضرار عن حرق 10 منازل سكنية وتحطيم مجموعة من المحلات التجارية، إلى جانب إصابة شخص بطلق ناري نجم عنه بتر ساقه بأحد المستشفيات الجامعية بصفاقس (وسط شرق تونس)، إضافة إلى عشرات المصابين بجروح متفاوتة. كما أوقفت السلطات التونسية عددا من مثيري الشغب لم يحدد عددهم، إلا أن مصادر محلية تشير إلى أن عددهم قد يتجاوز العشرين شخصا ممن شاركوا في المواجهات، وقالت السلطات إنها ستقدمهم إلى القضاء.

وحول أسباب النزاع وتطورات الوضع هناك، ذكر الإعلامي منير بن نصر، من بن قردان لـ«الشرق الأوسط» أن المحتجين من عائلة الشخص المصاب قد أحرقوا منازل سكنية بمجرد ورود خبر بتر ساقه، كما حطموا مجموعة من المحلات التجارية تابعة للقبيلة المعتدية بالطلق الناري. وأدت المواجهات إلى تعطل كامل للمصالح الإدارية أول من أمس، بينما سيطر هدوء حذر على الوضع هناك أمس. وترجح أطراف مطلعة على طبيعة العلاقة بين القبيلتين أن تتجدد المواجهات إذا لم تتدخل السلطات لإعادة الهدوء وتحكيم كبار الطرفين في فض الملفات العالقة بينهما وتعويض الأضرار الناجمة عن المواجهات التي اتخذت طابعا حادا بعد مواجهة أولى يوم الجمعة وهدوء الوضع، ثم تجدده طوال يوم الثلاثاء وأثناء ليلة الثلاثاء الأربعاء.

وأضاف بن نصر أن الهدوء الحذر قد ينبئ بعاصفة قد تطول، وأن الاشتباكات قد تندلع من جديد على حد تعبيره، خاصة أن مثل تلك الاحتجاجات لا يعرف أحدا من يقف وراءها ولمصلحة من يتم تنفيذها.

وتوضح مصادر أمنية أن الوضع هناك «حرج جدا»، وأن الأمن نفسه لم يسلم من الاعتداءات، حيث تم تهشيم سيارتين من سيارات قوات الأمن التي أرسلت في تعزيزات كبيرة إلى المنطقة، وأصيب رجل أمن بداخل إحداهما.

وبشأن العلاقات بين القبيلتين وتأثير المواجهات عليها، قالت منيرة، رزاقي المختصة في علم الاجتماع، إن «العلاقات هناك معقدة للغاية وتحكمها الأعراف والتقاليد أكثر من القانون الوضعي، ومن الأكيد أن المواجهات ستخلف شرخا على مستوى العلاقات بين القبيلتين، وما على السلطات إلا استدعاء كبار القبيلتين والتباحث معهم حول الطريقة المثلى لتعويض الضرر الحاصل لكلا الطرفين حتى لا يشتعل الفتيل من جديد».

ويذكر أن المواجهات كان منطلقها خلاف بين مجموعتين من المصلين حول تعيين إمام المسجد في منطقة «العويجاء» التابعة لـ«بن قردان»، وهو ما أسفر عن تبادل العنف بين القبيلتين وتطور إلى إطلاق نار، ما أدى إلى توسع دائرة المواجهات.