أوباما: مقتل بن لادن «أهم يوم» في ولايتي الرئاسية

أميركا تشترط على طالبان الانفصال عن «القاعدة» للمشاركة في الحياة السياسية

TT

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن مقتل أسامة بن لادن قبل عام يعتبر «أهم يوم» في ولايته الرئاسية وذلك في حديث بث أمس.

وأوباما الذي عاد صباح أمس من زيارة خاطفة لأفغانستان استغرقت بضع ساعات، منح الأسبوع الماضي قناة «إن بي سي» هذه المقابلة المخصصة للعملية التي أحيطت بسرية كبرى ونفذت ضد زعيم تنظيم القاعدة في باكستان. وقال أوباما في المقابلة التي بثت بالكامل مساء أمس ونشرت القناة مقتطفات منها ظهرا على موقعها الإلكتروني: «كان على هذه العملية أن تكون سرية». وأكد أوباما أن «عددا محدودا من العاملين في البيت الأبيض كانوا على علم بها» وأنه لم يتحدث عن العملية مع زوجته ميشال قبل انتهائها. وأضاف: «حتى نشر جزء صغير من هذه (المعلومات) في الصحف كان سيؤدي إلى فرار بن لادن» من مخبئه في أبوت آباد. وأوضح: «لم نكن نعلم في حينها أنه كانت هناك أنفاق تحت الأرض تنطلق من هذا المنزل ويمكنه الفرار منها». وقال أوباما إنه اتخذ قراره وحده بعد التشاور مع أقرب مستشاريه وخصوصا نائبه جو بايدن ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع في حينها روبرت غيتس ورئيس أركان الجيوش الأميركية مايك مولن.

وقال: «قررت المجازفة.. السبب الذي دفعني إلى اتخاذ قرار إرسال وحدة النخبة نايفي سيلز (كومندوس البحرية) للقبض على بن لادن أو قتله بدلا من استخدام خيارات أخرى هو أنني كنت أثق 100 في المائة بهؤلاء العناصر».

ولم يكن الأميركيون واثقين تماما في أن بن لادن كان موجودا في هذا المكان المحدد، وكانت كلينتون ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في حينها ليون بانيتا أيدا شن عملية تنفذها وحدة كومندوس في حين دعم غيتس عملية قصف.

وأضاف أوباما لقناة «إن بي سي» أنه بعد العملية العسكرية وقبل إعلان نجاحها للشعب الأميركي، اتصل بزوجته. وتابع: «قلت لها إنني على الأرجح لن أتمكن من تناول العشاء معها لأن هناك بعض الأمور علي تسويتها».

وكان أوباما خاطب الشعب الأميركي من أفغانستان في الرابعة صباح أمس، وذلك ليصادف الخطاب مساء الثلاثاء في الولايات المتحدة، وكان الخطاب خليطا من الرسميات والانتخابات. وبينما قال أوباما إنه زار أفغانستان لتفقد الجنود الأميركيين الذين يحاربون هناك، وللتوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، أشار أوباما إلى أن الزيارة صادفت الذكرى الأولي لقتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم منظمة القاعدة.

ومرة أخرى، مدح نفسه لإصداره قرار القتل، ومرة أخرى أثار نقد قادة الحزب الجمهوري الذين يتهمونه بأنه يستغل القتل للدعاية لنفسه في الحملة الانتخابية.

ووعد أوباما في خطابه بقدوم «يوم جديد» في أفغانستان، وفي العلاقة بين البلدين، بعد أكثر من عقد من الحرب في أفغانستان. وحسب الاتفاقية، تبقى القوات الأميركية في أفغانستان حتى سنة 2024. بعد 10 سنوات من الانسحاب المتوقع بعد سنتين.

وأكد أوباما في خطابه أمام جنود أميركيين في قاعدة باغرام الجوية، بالقرب من كابل، أن «الهدف الذي حددته بالتغلب على (القاعدة)، ومنعها من إعادة تجميع قواها، بات في متناولنا». وكرر دعوته لطالبان إلى الانضمام للمصالحة الأفغانية. وقال: «قلنا بوضوح إمكانية أن يصبح لهم دور في المستقبل، إذا قطعوا صلاتهم بـ(القاعدة)، واحترموا القوانين الأفغانية.» وقسم طالبان إلى قسمين، أولا: «الذين أظهروا اهتماما بإجراء مصالحة» وبالنسبة لهؤلاء «طريق السلام مرسوم أمامهم». ثانيا: الذين «يرفضون سلوك هذا الطريق» وهؤلاء «سيجدون أنفسهم أمام قوات أمنية أفغانية قوية مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائنا».

وأضاف: «تقدمنا على مدى أكثر من عقد تحت السحب السوداء للحرب. لكن، هنا في الظلمة التي تسبق فجر أفغانستان، يرتسم في الأفق بزوغ يوم جديد» وقال «أعرف أن الكثير من الأميركيين سئموا من الحرب. ولا شيء يؤلمني، كرئيس، أكثر من توقيع رسالة إلى عائلة جندي قتيل، أو النظر إلى عيني طفل سيكبر من دون أم أو أب».

وقال: «لن أترك أميركيين في خطر يوما واحدا أكثر مما هو ضروري لأمننا القومي. لكن علينا إنهاء العمل الذي بدأناه في أفغانستان، وإنهاء هذه الحرب بطريقة مسؤولة».

وكان الرئيس أوباما غادر واشنطن ليل الاثنين وصباح الثلاثاء. وطلب من الصحافيين المرافقين المحافظة على سرية الرحلة. ولم يسمح لهم بنشر خبر الزيارة إلا بعد أن وصل أوباما إلى أفغانستان. وحطت طائرته في قاعدة باغرام العسكرية، ثم توجه في طائرة هليكوبتر إلى القصر الرئاسي في منتصف الليل بالتوقيت المحلي.

وقالت مصادر أفغانية إن الاتفاق يتطلب مصادقة برلمان أفغانستان. وتجاوبت واشنطن مع كابل في شرطين طرحتهما لتوقيع الاتفاق: الأول: نقل مسؤولية سجن باغرام إلى السلطات الأفغانية. والثاني: إنهاء الغارات الليلية للقوات الدولية على متمردي طالبان.

وهذه الزيارة الثالثة لأوباما كرئيس الى افغانستان. الأولى سنة 200 مباشرة بعد أن صار رئيسا، وقابل كرزاي. والثانية في سنة 2010 ولم يبق سوى 4 ساعات في باغرام، مع الجنود الأميركيين ولم يلتق كرزاي.

في الوقت الحاضر، للولايات المتحدة 87 ألف جندي في أفغانستان، وهم يشكلون أكبر فريق داخل قوات الناتو في أفغانستان، والمعروفة باسم «إيساف»، والتي يبلغ مجموع قواتها 130 ألف جندي.

وأشارت مصادر إخبارية أميركية إلى أن التوقيع على الاتفاق حدث قبل 3 أسابيع من قمة حلف الناتو في شيكاغو. ويتوقع أن يقرر الحلف رسميا الانسحاب مع سنة 2014. ويكون بذلك أنهى مرحلة بدأها الحلف سنة 2011. عندما تبنى غزو أفغانستان بعد الهجوم الإرهابي يوم 11 سبتمبر (أيلول) في تلك السنة. وقالت المصادر إن الخطة الأصلية كانت أن يأتي الرئيس كرزاي إلى شيكاغو ويوقع أمام قادة الحلف، لكن كرزاي فضل أن يكون التوقيع في أفغانستان. وأيضا، فضل البيت الأبيض أن يصادف التوقيع ذكرى قتل بن لادن. وحسب بنود الاتفاقية، لا يوجد نص على إبقاء قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان. لكن، تلزم الاتفاقية منح «تسهيلات للقوات الأميركية حتى 2014 وما بعده». وأيضا «إمكانية بقاء قوات أميركية في أفغانستان إلى ما بعد سنة 2014 لتدريب القوات الأفغانية واستهداف عناصر القاعدة المتبقين».

وفي بيان أصدره البيت الأبيض وتزامن خطاب أوباما في أفغانستان، إشارة إلى أن «الولايات المتحدة ستعتبر أفغانستان حليفا رئيسيا غير عضو في الحلف الأطلسي». هذا امتياز سبق أن حصلت عليه بلدان مثل اليابان والأردن ومصر. لكن، هذا الاتفاق «لا يلزم الولايات المتحدة بتوفير جنود أو تمويل في المستقبل».

وأوضحت الرئاسة الأميركية في بيان أن هذا الاتفاق لا ينص على إبقاء قواعد عسكرية أميركية دائمة في أفغانستان، لكنه يلزم هذا البلد منح «تسهيلات للقوات الأميركية حتى 2014 وما بعده»، مع «إمكان بقاء قوات أميركية في أفغانستان إلى ما بعد 2014 لتدريب القوات الأفغانية واستهداف عناصر (القاعدة) المتبقين».

مع عودة الرئيس باراك أوباما صباح أمس إلى واشنطن بعد زيارة سرية استمرت 6 ساعات لأفغانستان، أوضحت أغلبية الأميركيين في استفتاء شعبي أنها تؤيد الانسحاب من أفغانستان، بينما قالت نسبة كبيرة إنها تفضل الانسحاب أسرع من بعد سنتين، كما وعد أوباما.