رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا: وقف إطلاق النار هش وللبعثة «تأثير مهدئ»

النظام ينتقد «الألفة المتزايدة» بين المراقبين و«المسلحين» في حمص

المراقب الدولي الكولونيل فرهاد من بنغلاديش أثناء مغادرة سيارته بحمص أمس (أ.ف.ب)
TT

قال رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا أمس إن لبعثته «تأثيرا مهدئا» للوضع الميداني، إلا أنه أقر بأن وقف إطلاق النار «هش» وليس قويا.

ورفض الجنرال روبرت موود في تصريح لشبكة تلفزيون «سكاي نيوز» البريطانية من دمشق، في أول مقابلة تلفزيونية له، الانتقادات بأن بعثة المراقبة الدولية في سوريا تعمل ببطء.

وقال الجنرال النرويجي إن عدد المراقبين المنتشرين على الأرض في سوريا سيتضاعف خلال الأيام المقبلة، وأضاف: «هذا ليس أمرا سهلا، ونحن نرى من خلال الأعمال والانفجارات وإطلاق النار، أن وقف إطلاق النار هش فعلا، وليس قويا».

وتابع الجنرال موود (53 عاما): «ولكن ما نراه أيضا على الأرض هو أنه في المناطق التي يوجد فيها مراقبونا، يكون لـ(وجودهم) تأثير مهدئ، كما أننا نرى أن العاملين على الأرض يأخذون النصائح من مراقبينا»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهته، أعلن المتحدث باسم بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا نيراج سينغ إن المراقبين الذين وصلوا إلى سوريا «بلغ عددهم (أمس الأربعاء) 31 مراقبا يعملون في مناطق حمص وحماه ودرعا وإدلب وفي المناطق القريبة من مدينة دمشق».

وقد قام وفد من المراقبين أمس، وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، بزيارة حيي دوار كازو والأربعين بحماه، في وقت قال فيه عضو مجلس ثوار حماه أبو غازي الحموي إن «البعثة الدولية مرت في هذه الأحياء، ولكن عناصرها لم يترجلوا من سياراتهم للتحدث للناشطين وأهالي المناطق»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المراقبون زاروا أمس بلدة محردة القريبة من حماه برفقة المحافظ وعناصر أمنية، علما بأن 95% من أهالي هذه البلدة من المؤيدين للنظام». وأوضح الحموي أن «المراقبين لم يلتقوا أيا من الناشطين في محردة؛ إذ إنهم كانوا يلبون أوامر المحافظ الذي أخذهم إلى بلدة لم تتعرض لأي قصف أو أي اعتداءات من قبل قوات النظام».

وفي سياق متصل، انتقد النظام السوري أمس ما سماه «الألفة المتزايدة» بين المراقبين و«المسلحين» في حمص.. إذ كتبت صحيفة «الوطن السورية» الناطقة باسم النظام وتحت عنوان «المسلحون على عينك يا مراقب وألفة متزايدة بينهم في حمص»: «لم يعد هناك من حرج أو من خجل في الحديث عن اللقاءات بين بعثة المراقبين الأمميين والمسلحين، ولا سيما في مدينة حمص التي بات وسطها محتلا من قبل مئات المسلحين الذين يرفضون أي كلام عن وقف إطلاق نار أو تسليم السلاح، ويهتفون على شاشات الفضائيات المعادية لسورية: إما النصر أو الشهادة!!».

ورد أبو هاني، أحد أعضاء لجان التنسيق المحلية في حمص، على اتهامات «الوطن السورية»، مؤكدا أن «المراقبين لا يتحدثون مع عنصر مسلح إلا إذا كشف عن هويته العسكرية، وبالتالي إلا إذا كان من العناصر المنشقة عن المؤسسة العسكرية». وعما قالته «الوطن» عن «ألفة متزايدة» بين المراقبين و«المسلحين»، قال عضو لجان التنسيق أبو هاني لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي أن يميل المراقبون للضحية وليس للجلاد».

وأعرب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي عن استغرابه من تصريحات مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون السلام إيرفيه لادسوس وكلامه عن «رفض سوريا منح تأشيرات دخول لعدد من المراقبين»، نافيا «وجود أي سياسة تمييزية سورية تجاه جنسية المراقبين»، وأضاف: «نص الاتفاق الذي تم توقيعه في دمشق مع بعثة المراقبين يتضمن بشكل واضح وصريح موافقة الطرفين على جنسية المراقبين»، لافتا إلى أن «أكثر من 124 جنسية مرحب فيها في دمشق».

وأوضح مقدسي أنه لا يوجد رفض من الجانب السوري، وأن أساس الاتفاق الموقع هو «أن تمارس سوريا حقوقها السيادية كافة من جهة، والحفاظ على أمن وسلامة المراقبين من جهة ثانية، خاصة أن لدى السوريين حساسية خاصة من بعض الجنسيات؛ منها من كان لها دور أساسي في فرض عقوبات والتأثير مباشرة على معيشة المواطن السوري، ومنها من كان رأس حربة في تحريض المجتمع الدولي».

كما استغرب مقدسي توقيت كلام مساعد الأمين العام للأمم المتحدة في الوقت الذي اعترف فيه رئيس البعثة الجنرال موود بـ«التسهيلات التي يقدمها الجانب السوري ليتمكن المراقبون من ممارسة عملهم بسلاسة».

من جهته، أكد جمال قارصلي، وهو معارض سوري يعيش في ألمانيا وعضو سابق في البرلمان الألماني، أن خطة المبعوث الدولي كوفي أنان في سوريا لن تنجح لعدة أسباب؛ أهمها أن شروط نجاحها غير متوفرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» «كالعادة، كل العالم ينظر في الوقت الحالي إلى دخول المراقبين وعددهم، ولكن النقاط الأخرى نسيت؛ السلاح الثقيل.. الثوار الذين يملأون السجون».

وعن إمكانية التوصل لحل سياسي في سوريا في وضعها الحالي، قال قارصلي: «الرغبة لدى السلطة معدومة، لأنه إذا وقع أي إصلاح ستضيع هيمنتها على الوضع وهي لا تريد ذلك، ونحن بعيدون عنه، والحكومة لم تفعل شيئا ليثق الناس في أي تصرف من طرف السلطة، وما تقوم به الحكومة مثل الإصلاح والدستور الذي أعلنت عنه في شباط (فبراير) مليء بالثغرات ويسمح للرئيس ليبقى رئيسا حتى 2028، وهذا ما يجعل الثقة منعدمة».

وعن إمكانية تحقيق دولة ديمقراطية في سوريا رغم تعدد الطوائف فيها واختلاف التوجهات، اعتبر قارصلي ذلك ممكنا، وقارن الوضع السوري بالواقع التركي قائلا: «لو أخذنا تركيا مثلا؛ فيها طوائف متعددة وعلويون، ولكن فيها ديمقراطية.. تركيا دفعت ثمن الديمقراطية غاليا في الستينات والسبعينات».

وقال قارصلي في اتصال هاتفي أمس إن «المعارضة السورية وبمختلف توجهاتها متفقة على ثلاث نقاط أساسية؛ وهي: تغيير النظام، والتحول الديمقراطي، والإصلاح. وهي موجودة بعدة أنواع في الداخل والخارج، وتمثلها عدة مجموعات، ولا مشكلة في ذلك، لكن المهم أن يعلموا جميعا أن الثورة السورية تحتاج لقيادة موحدة، وأتمنى أن يكون الحل للأزمة سوريا بمساعدة أصدقاء سوريا وليس خارجيا»، وأضاف: «أنا أتمنى أن تتفق جميع أطياف المعارضة، وعلى السلطة أن تفهم أن لا خط رجعة، وعلى أصدقاء سوريا أن يدعموا ويضغطوا على هذا الوضع من أجل الحوار، وإذا ضاع زمام الأمور، فقد تحدث كارثة».

وحول الثمن الذي تريده روسيا، قال قارصلي إنها تريد تأمين مصالحها في المنطقة، وأضاف أنه «على المعارضة أن تؤمن المصالح الروسية وتقدم مبادرات بأنها ستضمن مصالحها في المنطقة لكسبها».