تغريم «نسمة» التونسية ضمن صراع الحريات

القروي لـ «الشرق الأوسط» : الحكم جس نبض حول حرية التعبير

TT

قضت محكمة تونس الابتدائية، أمس، بتغريم نبيل القروي مدير تلفزيون «نسمة» التونسي 2400 دينار تونسي (1700 دولار) لعرض قناته في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فيلم الرسوم المتحركة الإيراني - الفرنسي «بلاد فارس» (برسيبوليس) الذي اعتبرت أنه تضمن «تجسيدا للذات الإلهية». وقال القروي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحكم الصادر ضده باطل مهما كانت طبيعته، مضيفا أنه في كل الأحوال يمس من حرية التعبير والإعلام في تونس. واعتبر في تصريحه أن الحكم هو «جس نبض حول حرية التعبير» ، مضيفا انه يكشف عن طبيعة تعامل السلطة القائمة مع الإعلام الذي قد يهدد بتكميم فمه إذا لم يلتزم بحدود معينة. وأدين القروي بتهمة «عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدة» حسب نص الحكم. وصدر حكم، أيضا، ضد نادية جمال رئيسة الجمعية التونسية «صوت وصورة» التي قامت بدبلجة الفيلم، وكذلك الهادي غنيم المسؤول عن البرمجة بالقناة بمبلغ قدره 1200 دينار تونسي (نحو 850 دولارا أميركيا)، كما قضت نفس المحكمة ببراءة المتهمين من جريمة النيل من الشعائر الدينية.

وفي أجواء تسيطر عليها الشكوك المتبادلة حول الصحافة التي يصبو لها التونسيون بعد الثورة والنقلة التي عرفها الإعلام في مواكبة التطورات الجديدة، صدر الحكم القضائي ولم ينل رضا أي طرف من الأطراف، فقد رفع أمام المحكمة عدد من التونسيين المنتمين للتيارات الدينية المتشددة شعارات رافضة للحكم وطالبوا بسجن القروي، كما رفعوا شعارات منددة بالإعلام التونسي. وعبر محامو قناة «نسمة»، بدورهم، عن رفضهم للحكم. وأبلغ عبادة الكافي، محامي القروي، أن موكله سيطعن في الحكم بالاستئناف. وطالب محامو القروي بعدم قبول الدعوى في هذه القضية لأن فيلم «برسيبوليس» حاصل على ترخيص عرض من وزارة الثقافة وتم عرضه في قاعات سينما تونسية.

وأعلن المحامي رفيق الغاق الذي أقام الدعوى ضد القروي مع عشرات من المحامين: «سننظر في إمكانية استئناف القضية من جديد»، مضيفا «لكن العقوبة في مثل هذه القضايا هي السجن بين 3 و6 أشهر نافذة».

وقال غوردن غراي السفير الأميركي لدى تونس: «أشعر بقلق بالغ وخيبة أمل عقب إدانة بث قناة (نسمة) لفيلم سبق الموافقة على توزيعه من قبل الحكومة التونسية». واعتبر أن إدانة القناة بسبب بث هذا الفيلم «تطرح مخاوف جدية حول حرية التعبير في تونس الجديدة». إلى ذلك، احتفلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف يوم 3 مايو (أيار) من كل سنة، هذا العام في تونس، من خلال برنامج مكثف يستمر ثلاثة أيام. وقدمت نقابة الصحافيين التونسيين من ناحيتها، أمس، تقريرا انتقدت من خلاله وضع الإعلام في تونس، وقالت نجيبة الحمروني في ندوة صحافية عقدت وسط العاصمة التونسية: «نحن نخوض حول معركة حرية الصحافة وليس لنا تشريعات تحمي الصحافي». وأضافت: «سيتواصل تدخل السلطة في الشأن الإعلامي وسنضيع سنة أو سنتين أخريين في انتظار تشريعات جديدة تستجيب لتطلعات الإعلاميين».