الأمير سعود الفيصل للوفد المصري: السعودية تدعم ولا تتدخل في شؤونكم الخاصة

بعد وصول وفد برلماني مصري يضم كافة الأطياف إلى العاصمة الرياض

الأمير سعود الفيصل لدى استقباله الوفد المصري برئاسة د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري بحضور د. عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي (تصوير: أحمد يسري)
TT

اتفق السعوديون والمصريون أمس على أن ما حدث من تصرفات طالت السفارة السعودية في القاهرة أعقبها سحب الرياض لسفيرها للتشاور قبل نحو أسبوع، لن تقوض عرى العلاقة التاريخية بين البلدين، وأعرب وفد مصري رفيع يتقدمه الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري، والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى، ورؤساء الأحزاب وممثلو القوى السياسية والنيابية، وممثلو مشيخة الأزهر ودار الإفتاء وممثلو الكنيسة الأرثوذكسية، عن مدى أهمية العلاقة مع السعودية انطلاقا من مواقفها التاريخية مع مصر.

استقبل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الوفد المصري، وأكد في كلمة له أن وصول الوفد إلى الرياض يعد «بادرة مقدرة وغير مستغربة على الشعب المصري العريق»، موضحا أنها «تجسد وبكل وضوح عمق ومتانة أواصر المحبة والأخوة والصداقة التي تجمع بين الشعبين والبلدين الصديقين».

ورحب الأمير سعود الفيصل بالوفد باسم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وباسم الشعب السعودي، وقال مختصرا حديثه للوفد المصري الشعبي في ثلاث نقاط: «إننا نرحب دوما وأبدا بأشقائنا المصريين في المملكة، وقد كان وجود مئات الألوف منهم لدينا خير عون لنا في تحقيق ما نصبو إليه من نماء ورفاه وتقدم، ومن الثابت إحصائيا أن الجالية المصرية الكريمة في المملكة من أكثر الجاليات فخرا بالسلوك والتزاما بالقوانين وتحليا بمكارم الأخلاق وكريم التعامل وهذا مجددا ليس بمستغرب عليهم».

وأضاف: «إننا في المملكة العربية السعودية ننظر إلى أشقائنا نظرة الأخ والصديق والمحب، نسعد لأفراحهم ونحزن لأحزانهم ونتمنى لهم كل الخير في كل الأوقات ولا يمكننا مطلقا أن نأخذ الأبرياء بجريرة أي مذنب إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، كما أننا لم ولن نتخذ من الأخوة والمحبة والصداقة ستارا لتبرير التدخل في شؤونهم أو فرض الوصاية عليهم فأهل مكة أدرى بشعابها، والشعب المصري العظيم أدرى بمصالحه من أية جهة أخرى خارجية.. ومنطلقنا في المملكة من الأخوة والمحبة والصداقة أن تكون صادقة وتلتزم بالاحترام المتبادل، ومن هنا فإننا لا ندعم التدخل في شؤون الآخرين ولا نتبع دعمنا بالمن والأذى بل ندعم الأشقاء، لأن مصيرنا مشترك وأهدافنا مشتركة ومصالحنا مشتركة».

وشدد بالقول: «لقد أثبت التاريخ مرارا وتكرارا أن أي تلاق وتقارب وتعاون بين بلدينا الشقيقين كان دوما يحقق المصلحة العليا للأمتين العربية والإسلامية، علاوة على تحقيقه المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين العربي السعودي والعربي المصري، ولذلك فإننا لا نستبعد أبدا أن تقف أصابع خارجية لا تريد الخير لنا ولا لمصر ولا للأمة جمعاء وراء أي تعكير في صفو العلاقات الراسخة والمتينة والمتنامية بين بلدينا وشعبينا، ونحن واثقون كل الثقة إن شاء الله أن العقلاء من الطرفين قادرون على تجاوز الصغائر وإدراك ضخامة القواسم المشتركة بيننا والتي تدعونا دوما للسعي نحو المزيد من التقارب والتعاون والتحالف ولو كره الكارهون».

وجدد وزير الخارجية السعودي ترحيبه بالوفد، وقال: «أرحب بزيارتكم الكريمة ونثمن خطوتكم المباركة ونسأل المولى عز وجل أن يحفظ بلدينا وشعبينا الشقيقين من كل مكروه».

من جانبه أكد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري، أن مصر ما بعد الثورة تحتاج إلى وقفة السعودية ودعمها، مشددا على أن مستقبل العلاقات بين القاهرة والرياض سيسير نحو الأفضل، وقال في كلمة ارتجلها: «جئنا لنعبر عن عميق مشاعرنا تجاه السعودية حكومة وشعبا»، مثنيا في الوقت ذاته على دور السعودية التاريخي في حرب أكتوبر 1973م، وعلى دعم المملكة الدائم للشعب المصري، مشددا على أن «حادثا عابرا» لن يعكر أجواء العلاقات.

وأكد الكتاتني أن السعودية ومصر هما من يقود المنطقة، مشددا على أن طبيعة العلاقة بين البلدين بعد ثورة 25 يناير ستكون أعمق وأقوى.

من جهته، قال السفير أحمد قطان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة استئناف السفارة والقنصليتين مرتبط بقرار من خادم الحرمين الشريفين، مبينا أن التفاؤل يسيطر على المشهد الآن.

وذكر قطان أن الإعلام المصري هو من دفع بمن سماهم «الغوغائيون» للتهجم على السفارة، مثنيا في الوقت ذاته على أن قرار سحبه للتشاور وإغلاق السفارة دفع بالأمور نحو «السلامة».

من جانبه أوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد صبحي الممثل المصري وعضو الوفد أنهم سيتقدمون لخادم الحرمين الشريفين باعتذار حين اللقاء به اليوم، وسيتقدمون بطلب عودة السفير السعودي، مؤكدا أن الاعتذار للسعودية وقادتها ينبع من مكانة مصر.

بينما أبدى أيمن نور رئيس حزب غد الثورة لـ«الشرق الأوسط» ارتياحه للخطوة التي انتهجها وفد بلاده، مؤكدا أن اللقاء بخادم الحرمين الشريفين سينقل مستوى العلاقة السعودية المصرية إلى مستوى أفضل، لافتا إلى أن الوفد يحمل أفكارا طموحه لنوعية النهج السياسي المقبل بين البلدين سيطرحها على الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وكان الوفد البرلماني المصري والذي يضم رؤساء الهيئات البرلمانية والعديد من ممثلي القوى السياسية والشعبية في مصر، وهو برئاسة كل من رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي وصل إلى العاصمة الرياض في وقت سابق من مساء أمس، وقد استقبل الوفد لدى وصوله قاعدة الرياض الجوية الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى، والدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام، وعبد العزيز العقيلي وكيل المراسم الملكية، والسفير أحمد قطان سفير السعودية لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية، واللواء ركن طيار عبد اللطيف الشريم قائد قاعدة الرياض الجوية.

وفي تصريحات لهما قبل مغادرتهما مطار القاهرة، توقع رئيسا مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان) أن يصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قرارا بعودة السفير السعودي إلى القاهرة خلال زيارة الوفد للمملكة. وقال الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، إن «الهدف من الزيارة هو التأكيد على عمق العلاقات المصرية السعودية، مهما حدث من أحداث فردية يمكن استيعابها في ظل العلاقات الوطيدة بين البلدين التي لا يمكن أن تتأثر بمثل هذه الأحداث ومن خلال القانون». وأضاف أن الوفد سيؤكد أن المصريين المقيمين في السعودية هم في وطنهم الثاني، وأن حقوقهم وكرامتهم مصانة، مؤكدا أن المصريين في السعودية يشعرون بأنهم في بلدهم الثاني والسعوديين المقيمين في مصر يشعرون بأنهم في بلدهم الثاني.

وأكد رئيس مجلس الشعب أن مصر والسعودية دولتان كبيرتان في المنطقة، وهما القاطرة التي يمكنها قيادة المنطقة. ورفض رئيس مجلس الشعب الرد على سؤال حول القضايا التي يمكن أن يناقشها الوفد خلال الزيارة مع المسؤولين السعوديين، موضحا أن مهمة الوفد البرلماني الكبير لن تطرق إلى أي موضوعات أو ملفات تخص العلاقات بين البلدين مثل دعم مصر اقتصاديا أو العمالة المصرية في السعودية.

وقال الكتاتني إن الوفد يهتم في المقام الأول بعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، ثم تأتي بعد ذلك مناقشة أي موضوعات أخرى، مشيرا إلى أن الإعلام يجب أن يتحلى بالمسؤولية.

ومن جانبه أكد الدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى، أن الوفد البرلماني يمثل جميع أطياف الشعب المصري، وهو يحمل كل الود والمحبة لإخوانه في السعودية، الذين يحملون المشاعر نفسها لشعب مصر، مشددا على استنكار جميع أطياف الشعب المصري بما فيها الحكومة والمجلس العسكري ما حدث أمام السفارة السعودية.

وأشار رئيس مجلس الشورى إلى عمق الروابط التي تجمع الشعبين المصري والسعودي، قائلا إن شعب مصر صاحب حضارة ولا يمكن أن يرضى بما يخل بروابط العلاقات المتينة مع الأشقاء العرب تحت أي ظرف. وأوضح أن المواطن المصري أحمد الجيزاوي سوف يحاكم أمام محكمة في التهمة الموجهة إليه، وسوف يؤكد الوفد المصري على ضرورة توافر جميع الضمانات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات.

يذكر أن الوفد المصري يضم رئيسي المجلسين محمد سعد الكتاتني وأحمد فهمي، ووكيلي مجلس الشعب أشرف ثابت ومحمد عبد العليم داوود، ووكيلي مجلس الشورى مصطفى حمودة وطارق السهري، وحسين إبراهيم ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة في مجلس الشعب، وعلي فتح الباب ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى، والدكتور عصام العريان رئيس لجنة العلاقات الخارجية، والدكتور محمد سعيد إدريس رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب، ورضا فهمي رئيس لجنة الشؤون العربية والدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى، وعددا من رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب في المجلسين، بالإضافة لرئيس حزب الوفد الليبرالي الدكتور السيد البدوي.