أهل حماه يعيشون بين خوف الاعتقال ورعب القتل رغم وجود المراقبين

أحد المتساكنين: قوات الأمن تأمر الناس كل يومين بجمع الجثث التي يلقى بها خارج الضاحية

TT

بدا هذا الشارع في مدينة حماه والذي ظهرت عليه آثار القصف الذي استمر لأشهر مهجورا إلى أن خرجت مجموعة صغيرة من الأطفال من منازلهم في حذر لتحية مراقبي الأمم المتحدة الذين يزورون المدينة.

وكتب على أحد جدران حي الأربعين في شمال حماه عبارة «يسقط خائن سوريا» والحي معقل لمعارضي الرئيس بشار الأسد وتعرض لقصف عنيف على يد قواته التي تحاول سحق الانتفاضة التي دخلت الآن شهرها الرابع عشر.

وبدأت الحياة تدب تدريجيا في الشارع الخالي مع انضمام نساء يرتدين عباءات سوداء طويلة إلى الأطفال قبل أن يظهر في نهاية المطاف بضعة رجال انضموا للحشد الصغير شجعهم على ذلك وجود الأمم المتحدة في الضاحية التي باتت منطقة أشباح.

وفي مدينة ما زالت ذكرى قمع والد الأسد الراحل لانتفاضة إسلامية مسلحة قبل نحو 30 عاما حاضرة بالأذهان حيث قتل عدة آلاف قال كل من تحدثوا لـ«رويترز» في حي الأربعين إنهم يعيشون في رعب من الأجهزة الأمنية. وبعد ثلاثة عقود من تلك الأحداث يروي الكثيرون قصصا جديدة من المعاناة.

وقالت طفلة في نحو الثامنة من العمر طلبت عدم ذكر اسمها إن الجيش قتل عشرة من أقاربها قبل بضعة أيام. وقالت إن الجنود أوقفوهم صفا أمام جدار وأطلقوا عليهم النار. وأضافت «الآن الجيش يخيفني». وقالت صديقة لها تقف بجوارها «نسمع كل ليلة إطلاق نار وقصفا ونحن مرعوبون». حسب «رويترز».

وكان زقاق قريب محفورا ومسدودا فيما قال السكان إنه إجراء متعمد من جانب قوات الأمن لمنع المرور عبره.

وخرجت نساء من منازل قريبة يحملن ملابس في حقائب ويمسكن أطفالهن وقلن إنهن يردن المغادرة قبل زيادة القصف ومداهمات قوات الأمن في يومي الخميس والجمعة.

وقالت امرأة إنها أخذت معها ابنتيها وابنا عمره ثماني سنوات وتركت آخر عمره 15 عاما خشية أن يوقفه الجنود عند نقطة تفتيش لأنه يبدو كبيرا بما يكفي ليشتبهوا في كونه من مقاتلي المعارضة. وقالت «لذا تركته هنا مع أمي».

وتحدثت أخريات عن فقد أزواج وأبناء. وقالت إحداهن «لا نعلم إن كانوا أحياء أم أمواتا. كل من لها صبي هنا أرسلته بالفعل إلى خارج المدينة».

وقال رجل يدعى عبد الله إن قوات الأمن تأمر الناس كل يومين بجمع الجثث التي يلقى بها خارج الضاحية. وأضاف «بعض الجثث التي نجمعها تكون بدأت في التحلل».

وعلى الجانب الآخر من الشارع الواسع وقفت مجموعة أخرى من الناس تراقب قائلين إنهم لن يعبروا خوفا من نيران القناصة.

وقال مصطفى (12 عاما) إن سكان المدينة يسمعون إطلاقا متواصلا للنار ويعيشون في خوف. وقال «لا توجد مدارس ونحن خائفون من الجيش.. اعتقلوا شقيقيَّ وأقاربي ولا نعلم لهم مكانا».

وكشف رجل آخر يدعى حمزة عن فخذه للمراقبين ليريهم جرحا يقول إنه نتج عن إصابته برصاصة خلال مظاهرة سلمية قبل بضعة أيام.

وقال «نعاني من هذا النظام منذ الثمانينات. عانى أهل حماه الكثير ونحن.. كل السوريين.. نعلم ما يمكن أن يفعله هذا النظام. إنه مستعد لقتل كل السوريين للبقاء في السلطة». ورغم أنه تم تركيب نوافذ جديدة لكن أجزاء بحوائط المدرسة ما زال يبدو عليه أثر العنف. وكانت بكثير من المباني المحيطة فتحات كبيرة نتيجة القصف أو الإصابة بقذائف صاروخية كما انتشرت ثقوب الرصاص على جدران كثير من المنازل. ووضعت أكياس الرمل حول حفر على الطريق.

لكن ليست كل مناطق حماه تبدو كساحات حرب. فالي الجنوب بوسط المدينة كانت الشوارع مزدحمة بالناس وحركة المرور عادية والمتاجر مفتوحة كما أشاعت اللافتات الانتخابية قبل الانتخابات البرلمانية المقررة يوم الاثنين أجواء بأن الأوضاع طبيعية.

وفي ساحة العاصي التي كانت موقعا للاحتجاجات ضد الأسد في الصيف الماضي شارك فيها عشرات الآلاف جرت تغطية عبارات مناهضة للرئيس السوري بالطلاء ورفعت صورة كبيرة له في وسط الساحة.