السودان وجنوب السودان: الحدود هادئة بعد إنذار الاتحاد الأفريقي

سودانيون يعلنون عن جمعية أخوة بين شعبي البلدين

TT

قال جيشا السودان وجنوب السودان، اللذان خاضا اشتباكات لأسابيع على طول حدودهما المتنازع عليها، أمس، إن الحدود أصبحت هادئة بعد أن وافقا على خطة الاتحاد الأفريقي لوقف إطلاق النار التي تحظى بدعم الأمم المتحدة. وأثارت الأزمة بين خصمي الحرب الأهلية السابقين مخاوف من العودة إلى حرب شاملة، مما دفع الاتحاد الأفريقي إلى إصدار إنذار للطرفين لوقف القتال، مع تهديد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض عقوبات إذا لم يمتثلا.

وقال الصوارمي خالد سعد، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، أمس، إنه لا توجد عمليات عسكرية على الحدود، وهناك أجواء من الحذر والترقب. وأضاف أن الوضع كان هادئا خلال اليومين الماضيين. وأوضح أن الجيش السوداني لم يعلن عن هدنة رسمية، لكن الجبهات هادئة.

وقال فيليب أقوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، إن الحدود التي اندلعت على طولها اشتباكات بين المتمردين المدعومين من الخرطوم ومن جوبا هادئة. وتابع قائلا «الوضع على الحدود هادئ في الثماني والأربعين ساعة الماضية».

وبعد عدة جولات من المحادثات الفاشلة لحل المنازعات على صادرات النفط وترسيم الحدود والمواطنة، تصاعدت التوترات خلال الشهر المنصرم إلى قتال على طول الحدود غير المرسمة بدقة والتي يبلغ طولها 1800 كيلومتر. وقال جنوب السودان إنه قبل خارطة الطريق المؤلفة من سبع نقاط التي اقترحها الاتحاد الأفريقي والتي دعت إلى وقف جميع العمليات الحربية، بينما قال السودان إنه يوافق على الخطة من حيث المبدأ. وقال السودان إنه يثق في بعثة الاتحاد الأفريقي وإنه ملتزم بالتعاون معها.

وقال بيان لوزارة الخارجية السودانية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن السودان يؤكد على موقف حكومته الالتزام بالحلول الأفريقية للمشكلات والنزاعات الأفريقية، كما اقترحتها مؤسسات الاتحاد الأفريقي وعلى رأسها القمة الأفريقية. وترحب وزارة الخارجية بإدانة مجلس الأمن الدولي لاعتداء دولة جنوب السودان وعدوانها على هجليج ودعوته لتكوين لجنة تقصي حقائق بشأن التخريب الذي أحدثه العدوان في المنطقة وفي المنشآت النفطية.

كما تجدد الوزارة ثقة حكومة السودان في الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس ثابو مبيكي، وتؤكد استعداد السودان للتعاون معها لإنجاز ما أوكل إليها من قبل الاتحاد الأفريقي. وتشدد حكومة السودان على أن هدفها الاستراتيجي هو إحلال السلام الدائم بين البلدين، وتأمل أن تتجاوب حكومة جنوب السودان مع متطلبات قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي وقرار مجلس الأمن وذلك بإعطاء الأهمية القصوى لقضايا الأمن والسلم والعودة إلى طاولة المفاوضات بجدية وإرادة سياسية تؤدي إلى إنهاء ملف القضايا الأمنية العالقة بما يفتح الباب لتناول بقية القضايا وحلها في إطار الوساطة الأفريقية. وستتابع وزارة الخارجية الجوانب المتعلقة بتطبيق القرار على ضوء موقفنا العام من عناصره حسبما ورد في رسالة السيد وزير الخارجية إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. كما تعرب وزارة الخارجية عن شكرها وتقديرها لأصدقاء السودان في مجلس الأمن الذين كان لموقفهم الأثر الواضح في إزالة بعض التشوهات التي شابت مشروع القرار عند طرحه أولا، وفي إدراج بعض الفقرات الإيجابية بالقرار وتحسين البعض الآخر.

إلى ذلك، قال فيليب أقوير، المتحدث باسم جيش الجنوب، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن قواته ملتزمة في مواقعها الدفاعية وليست لديها عمليات حربية خارج حدودها. وأضاف «لكن لن نصمت إذا وقع علينا هجوم على مواقعنا بحجة أن هناك قرارا من مجلس الأمن الدولي وسنرد عليه». وقال إن الخرطوم دائما ما تقوم بعمليات هجومية، وإن ذلك ظل مستمرا منذ عامين. وأضاف «نتوقع الآن أن يستمروا في الهجوم على الأراضي (بالجنوب) وينكروا كعادتهم أن يكون الهجوم من قواتهم، فهم ينكرون القصف الجوي أمس واليوم وغدا». وتابع «عدم نشر قوات دولية ومراقبين على طول الحدود يجعل القوات المسلحة تشن هجماتها».

ونفى أقوير بشدة دعم جيش بلاده لقوات الحركة الشعبية في شمال السودان بزعامة مالك عقار. وقال إن قوات الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق موجودة في الشمال وتقود عملياتها من هناك. وأضاف «الحكومة السودانية سبق أن وقعت في جنيف عام 2002 اتفاقية وقف عدائيات في جنوب كردفان مع القائد عبد العزيز آدم الحلو، ووقعت أيضا في عام 2004 اتفاق سلام في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق». وقال «لم يكن عبد العزيز الحلو أو مالك عقار من جنوب السودان عندما وقعت معهما الخرطوم اتفاقيتي المنطقتين.. فلماذا ينكر المؤتمر الوطني وجود صراع داخل السودان مع قيادات تلك المناطق؟». وتابع «هذا دليل على أن الخرطوم تلصق الاتهامات بشكل عشوائي، عليها أن ترجع لترى الاتفاقيات التي وقعتها مع الحلو وعقار»، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية لديها إمكانيات ومؤسسات أقدم من دولته يمكن أن تستوعب بها قوات الحركة الشعبية في الشمال. وقال «نحن على الرغم من الإمكانيات الضعيفة استطعنا استيعاب عدد كبير من الميليشيات في الجيش الشعبي».

من جهة ثانية، أعلن ناشطون سودانيون في الخرطوم أمس عن تأسيسهم جمعية للأخوة بين السودان وجنوب السودان، رغم المواجهات العسكرية الجارية على الحدود بين البلدين والمخاوف من اتساع نطاقها إلى حرب شاملة بين السودانيين. وقال محجوب محمد صالح، الصحافي السوداني المخضرم الذي انتخب لرئاسة الجمعية «ندرك أن العلاقة بين الدول قد تتعرض لتوترات، لكن الضمانة لهذه العلاقة أن تظل العلاقة الشعبية بمنأى عن هذه التوترات الطارئة». وأضاف «لا بد أن نحافظ على العلاقات الشعبية حتى تكون الضمان لاستمرار العلاقة». وتضم الجمعية في عضويتها صحافيين وأساتذة جامعات ورجال أعمال والرعاة الذين يعيشون على الحدود مع دولة الجنوب»، مشيرا إلى أن الجمعية تم تسجيلها لدى مجلس الصداقة الشعبية العالمية السوداني، وهو هيئة شبه حكومية.

من جانبه، قال البروفسور الطيب زين العابدين، نائب رئيس الجمعية «عندما حدث ما حدث في هجليج قال لنا البعض إن الوقت غير مناسب لتدشين الجمعية، لكننا رأينا أن هذا هو الجو المناسب لتسجيل موقف». وأضاف «نريد القيام بأنشطة اقتصادية من خلال جمع رجال أعمال من الدولتين ليتعاونوا لتحقيق مصالحهما. كما أننا نحضر لورشة لصحافيين من الدولتين ليسهموا في خفض حالة التوتر بين البلدين من خلال أعمالهم الصحافية». وتابع «نحضر أيضا لورشة أخرى لمديري الجامعات في الدولتين للاتفاق حول تعاونهم في التدريب والبحث العلمي والدراسات العليا».