المخطوفان السعوديان المحرران: السفارة السعودية لدى لبنان قادت جهدا أمنيا دقيقا لتحريرنا

توفيق الشقاقيق يواصل استقبال المهنئين.. وعبد الله يرقد على السرير الأبيض

توفيق الشقاقيق بين المهنئين في الاحساء
TT

أكد المختطف السعودي توفيق الشقاقيق، الذي وصل إلى المنطقة الشرقية بعد اختطافه مع قريبه عبد الله الشقاقيق في بيروت من قبل عصابة عراقية في لبنان، أن السفارة السعودية قادت عملا منظما ومحكما بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية للإيقاع بالعصابة، وتحرير المخطوفين.

وبعد أيام من الإفراج عنه مع زميله، يسترجع توفيق في لقاء مع «الشرق الأوسط» تفاصيل الأيام العصيبة التي قضاها تحت الحجز والتعذيب والتنكيل من قبل عصابة كانت تستدرج السياح للإيقاع بهم والحصول على مبالغ مالية كبيرة منهم.

وقال إن السفارة السعودية، عندما تلقت طرف الخيط من قريبه الذي أبدى شكوكا في طلبات الحصول على المال بشكل سريع، أخذت الأمر على محمل الجد وأعدت خطة محكمة بالتنسيق مع الأمن اللبناني للوصول للحقيقة، وأرشدت عن إجراء تحويلات تحت المراقبة حتى تتم معرفة أصحابها والتعرف على سجلهم الإجرامي.

وأسفرت العملية عن الإيقاع بالخاطفين، ساعة كان المخطوفان في الشقة برفقة أفراد آخرين من العصابة، وقد تمكنا من الفرار فقفزا من الدور الثاني، في اللحظات التي كان فيها أفراد العصابة الذين توجهوا لتسلم المبلغ من البنك في قبضة الأمن اللبناني.

وكان المخطوفان السعوديان توفيق وعبد الله الشقاقيق، وصلا مساء الأربعاء الماضي إلى الدمام، وفي حين تم نقل عبد الله إلى مستشفى الظهران لتلقي العلاج إثر كسور تعرض لها، انهمك توفيق باستقبال المهنئين.

ويروي توفيق الشقاقيق، من منزله في الأحساء لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل رحلة العذاب التي تعرض لها وقريبه في بيروت، ويقول: «بعد وصولنا إلى مطار بيروت فجرا، أرشدنا سائق تاكسي إلى شقة تطل على البحر، فاستأجرناها، لكننا لم نمكث فيها سوى عشر دقائق، حتى فوجئنا بهجوم ثلاثة من الرجال متنكرين بزي أمني علينا، وأخذوا يفتشون الغرف والشنط الخاصة بنا، ولم نكن نعلم ما هو التخطيط الذي رسموه، وهل هم تابعون فعلا للأمن اللبناني».

يضيف «سألناهم: كيف نعرف أنكم من الأمن؟ فقال أحدهم: هل تريد أن تحاسبني، وعلى الفور أخذ عصا كهربائية وضربني بها أنا وزميلي».

ويتابع «بعد ضربنا بالعصا الكهربائية، أشار إليهم شخص بدا كأنه قائدهم بتوثيقنا بالحبال، ووضع كل شخص منا في غرفة مستقلة، واستمر الوضع قرابة الساعة، ومن شدة التعب الذي لاقيناه غلب علينا النعاس. في اليوم التالي، بدأوا يتحدثون معنا، وقالوا إن هناك (فدية) يتعين دفعها للإفراج عنا، وقد طلبوا في البداية مبلغا ماليا قدره 200 ألف دولار، وحين أخبرناهم بأن هذا المبلغ غير متوفر، قالوا عليكم تدبر الأمر وإلا سيجري قتلكم».

وقال الشقاقيق «على الرغم من طلب الفدية، فإنهم لم يتوقفوا عن ضربنا وتعذيبنا، وتوثيقنا بالقيود، واستمروا في تعذيبنا بوسائل من بينها كعب السكين، أو حزام البنطلون. وكنا معصوبي العينين ومقيدي اليدين بحيث كل واحدة في غرفة مستقلة».

يضيف توفيق «استمر التعذيب بشكل أشد على زميلي عبد الله، فقال لهم سوف أعطيكم ما تطلبون، ثم بدأوا التفاوض معه على توفير مبلغ الفدية، فحاول تخفيضه إلى 100 ألف دولار، لكنهم رفضوا بدعوى أن رئيسهم لن يقبل بأقل من 150 ألف دولار».

يضيف «بعد موافقتنا على تدبر أمر الفدية المطلوبة، فكوا قيودنا وسمحوا لنا بالاغتسال، وصرنا نعاني من مشكلة توفير المبلغ الذي طلبوه.. وهم الذين اقترحوا علينا الاتصال بأحد ممن نعرفه في السعودية لكي يوفر المبلغ ويحوله عبر البنوك».

وتابع «طلبنا جهاز (لاب توب) يمكننا من خلاله الدخول لحساباتنا البنكية لتحويل ما يمكننا، ولكنهم أخذوا من محافظنا مبالغ مالية لشراء الكومبيوتر، وبعد شرائه بدأنا بتحويل المبلغ من حسابات الأخ عبد الله، وواجهتنا مشكلة بأن الحد المسموح بتحويله يوميا لا يزيد على 16 ألف دولار في اليوم، لكنهم أظهروا التبرم بسبب الوقت الذي ستستغرقه عمليات التحويل.. وهنا بدأوا يضغطون للطلب من أحد الذين نعرفه في السعودية القيام بعملية التحويل إلى حسابهم».

تابع «قمنا بالتحدث مع أحد أقربائنا واسمه (علي) لتحويل المبلغ الباقي وتم تنبيهنا ألا نتحدث معه بأي كلام.. تحت طائلة التهديد بالتعرض لحياتنا.. وكانوا يراقبوننا حتى من خلال المكالمات الهاتفية.. وخلال الاتصال أخبر زميلي عبد الله، قريبه (علي) بأنه بحاجة فورا وبشكل عاجل لمبلغ 100 ألف دولار، وذلك لشراء شقة في لبنان، ولكن (علي) شعر بأن الموضوع فيه ريبة ولا يمكن لنا أنا وعبد الله شراء شقة في لبنان».

يقول «في تلك الأثناء، وهذا ما عرفناه فيما بعد قام (علي) بإبلاغ السفارة السعودية في بيروت، والتنسيق معها، وتم الاتفاق مع أحد المصارف لوضع أرقام وهمية للتحويل، يتم من خلالها تسلم المبالغ، وكانت الصدفة أن البنوك في السعودية تغلق يومي الخميس والجمعة، بينما تغلق في لبنان يومي السبت والأحد، مما وفر للسفارة وقتا كافيا للتنسيق مع الجهات الأمنية».

يضيف توفيق: «في اليوم الثامن من الحادثة تم إرسال رقم الحساب الذي من خلاله سوف يتم التعامل، وكان هناك رجلان جاهزان، أحدهما لتسلم المبلغ، والآخر وهو قائدهم يرافقنا، وكان أحدهم يدعى (خلف)، والآخر (عبد الحي).. وكانوا من جنسيات عراقية، وكان يبدو أن تلك الأسماء وهمية». تم إرشاد قريبهما علي لاختيار فرع آخر للبنك، مما أعطى المراقبين الأمنيين فرصة لتتبع حركاتهم ومعرفة أماكنهم، وبعدها توجهوا إلى بنك في شارع الحمراء ببيروت، حيث كان رجال الأمن اللبناني وبتنسيق مع السفارة السعودية بانتظارهم، وتم فورا الإيقاع بهم والقبض عليهم.

يضيف «عند القبض على أفراد العصابة التي ذهبت لتسلم المبلغ، كان أحدهم يرافقنا في الشقة، وفي حين كنت أنا مقيد القيدين، كان زميلي عبد الله طليقا، فطلب منا الدخول لدورة المياه، لأن مسؤول العصابة سوف يدخل إلى الشقة، فمكثنا قرابة الساعتين، حيث زاد علينا الجوع والعطش، فحاولنا كسر الباب ولكن دون جدوى، ثم حاولنا فتح الباب بمفتاح حديدي حتى تم فتحه، ثم وجدنا نافذة مفتوحة وتطل على الخارج بارتفاع كبير جدا يصل لحدود 6 إلى 7 أمتار، يعني بحدود الدورين، فقفزت وقفز من ورائي عبد الله، ورغم الألم والمعاناة من أثر القفزة فإننا مشينا للهرب في حدود 150 مترا للابتعاد عن موقع الحادثة، ولأن المنطقة سكنية فقد وجدنا أحد الجيران الجالسين فاستنجدنا به وأخبرناه بأن هذه آثار حادث مروري ويجب التوجه لأقرب مركز صحي، فكان بالقرب منا ضابط شرطة فتم البلاغ من قبله وفعلا وخلال نصف ساعة تم التوجه إلى المستشفى وبلغنا رجال الأمن بموقع الشقة ومن ثم توجهنا إلى مستشفى الجامعة الأميركية بواسطة الهلال الأحمر وخلال 10 دقائق كان السفير السعودي موجودا في المستشفى ومعه مرافقون وتم تلقي العلاج».

أكد أن «السفارة السعودية أدت دورا رئيسيا، حيث قامت بالتنسيق مع السلطات اللبنانية في وضع خطة محكمة وكمين أثمر عن تحريرنا، وقد تعرضنا لجروح بعد أن قمنا بالقفز من ارتفاع 7 أمتار في العمارة التي تم احتجازنا فيها وقد تم علاجنا بمستشفى الجامعة الأميركية ببيروت».

في حين تحدث لـ«الشرق الأوسط» حسين صالح الشقاقيق، والد المختطف (توفيق) وقال «نحمد الله على عودتهما بالسلامة، والحقيقة إننا فرحون في هذا اليوم السعيد، وأشكر حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ووزير الخارجية والأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية وحكومتنا على وقوفهم المستمر مع شعبهم، سواء في الداخل أو الخارج، كما أوجه الشكر لسفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان علي عوض عسيري والعاملين في السفارة على تعاونهم، حيث لم يفارقونا منذ اللحظات الأولى في الحادثة وحتى تحريرهما».