«العسكري» فض اعتصام العباسية بالقوة وفرض حظر التجول

لاحق المتظاهرين حتى ميدان رمسيس ومروحياته حلقت فوقهم

عناصر من الجيش يشتبكون مع متظاهرين نجحوا في التسلل من خلال الأسلاك الشائكة المحيطة بمقر وزارة الدفاع في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

نفذت قيادة المجلس العسكري الحاكم في مصر تحذيرها الذي لوحت به أول من أمس، وفضت أمس بالقوة اعتصام محتجين في محيط وزارة الدفاع. كما أصدر المجلس أمس، بيانا أعلن فيه فرض حظر التجوال بمحيط منطقة العباسية التي شهدت اشتباكات دامية بالأمس بين المتظاهرين وقوات الجيش، وذلك اعتبارا من الساعة 11 مساء أمس (الجمعة) وحتى الساعة 7 من صباح اليوم (السبت).

وحدد البيان الذي ألقاه اللواء مختار الملا، مساعد وزير الدفاع المصري، مناطق حظر التجوال في: تقاطع الشوارع المحيطة بوزارة الدفاع وشمل شارع الخليفة المأمون وإحسان عبد القدوس والفنجري مع صلاح سالم وشارع كوبري سرايا القبة أعلى مترو الأنفاق وأسفل الكوبري مع مصطفى منصور وشارع الزعفرانة حتى منشية الصدر ومحمود شكري مع سرايا القبة وشارع الوحدة الأفريقية مع صلاح سالم وشارع رمسيس حتى منطقة الدمرداش ولطفي السيد حتى مستشفى الدمرداش وتقاطع رمسيس مع صلاح سالم وشارع الجيش مع ميدان العباسية.

وقرر المجلس في بيانه اتخاذ كل من يلزم من إجراءات يكفلها القانون حيال من يخالف. وقال البيان إن المجلس يهيب بجميع المواطنين الالتزام التام مع التأكيد على أن القوات المسلحة ستتصدى بكل حزم لكل من يخرق حظر التجوال.

وشهد ميدان العباسية مهاجمة قوات الشرطة العسكرية والجيش لمتظاهرين تبادلوا معها التراشق بالحجارة، واقتحمت ميدان العباسية، وواصلت ضغطها على المسيرات التي كانت في طريقها إلى الميدان، ودفعتهم للتراجع إلى منطقة ميدان رمسيس بوسط القاهرة، وفرضت حصارا على آلاف النشطاء. وبات المتظاهرون بين سندان قوات الجيش من جانب ومجهولين أطلقوا طلقات خرطوش باتجاههم قرب منطقة غمرة المتاخمة لميدان رمسيس من جانب آخر.

وكانت وتيرة الاشتباكات تصاعدت بين قوات الشرطة العسكرية والمتظاهرين في محيط وزارة الدفاع، وتراشق الجانبان بالحجارة. فيما تضاربت الروايات عن أسباب تفجر الموقف، ففي حين قال نشطاء وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش ألقى القبض على نشطاء كانوا بالقرب من الحاجز المقام للفصل بين المتظاهرين والجيش ما أجج الاشتباكات، قالت مصادر عسكرية إن المتظاهرين رشقوا عناصر الجيش بالحجارة.

وقامت قوات الجيش باستخدام خراطيم المياه لدفع المتظاهرين إلى الخلف، ثم استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع وسط سقوط العشرات جراء الاختناق، وحلقت مروحيات الجيش للمرة الأولى منذ فبراير (شباط) من العام الماضي، في سماء العباسية، وتحركت عشرات الآليات والمصفحات باتجاه الميدان.

وتمكنت قوات الشرطة العسكرية من إخلاء ميدان العباسية وتقدمت باتجاه المتظاهرين، حيث أزالت خيام المعتصمين المنصوبة منذ نحو أسبوع، وواصلت عناصر الجيش ضغطها ودفعت المتظاهرين للعودة إلى ميدان رمسيس على بعد نحو 3 كيلومترات. وألقت القبض على عدد من المتظاهرين وبعض مراسلي ومصوري الصحف والقنوات الفضائية. وقال شهود عيان: إن المتظاهرين وقعوا في حصار بين قوات الجيش ومجهولين في لباس مدني منعوا المتظاهرين من استخدام الشوارع الجانبية للفرار من سحب الغاز المسيل للدموع، فيما سمع دوي إطلاق نار دون معرفة مصدره. وشوهدت مدرعات للجيش تقترب من موقع الأحداث باتجاه ميدان العباسية.

وأعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع عدد المصابين بأحداث العباسية إلى 72 مصابا، نافية وجود حالات وفاة بينهم. وأوضحت أنه تم نقل 6 من المصابين إلى المستشفيات نتيجة إصاباتهم جراء التراشق بالحجارة في الوقت الذي أصيب فيه 50 شخصا باختناق، فيما قالت مصادر طبية غير رسمية إن أعداد المصابين وصلت إلى 150 مصابا على الأقل. بينما قال مصدر عسكري إن هناك أكثر من 20 مصابا بين صفوف الجيش، نافيا ما تردد عن استخدام قوات الجيش الأسلحة في فض الاعتصام.

ومع تطور الاشتباكات أعلنت حركة شباب 6 أبريل (نيسان) جبهة أحمد ماهر انسحابها من الاعتصام، وهو ما أوضحه ماهر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» قائلا: إن «جميع مجموعات 6 أبريل انسحبت من مقر الاعتصام، وبقي فقط مجموعات الأطباء والمسعفين لإعانة الفريق الطبي الميداني في إسعاف المصابين»، وبرر ماهر انسحاب حركته قائلا: «انسحبنا حقنا للدماء».

وكان ميدانا العباسية والتحرير قد استقبلا أمس آلاف المتظاهرين في جمعة «النهاية»، التي دعت إليها قوى سياسية وحركات ثورية، احتجاجا على الأحداث الدامية التي شهدها ميدان العباسية، خلال الأيام القليلة الماضية، والتي أودت بحياة 9 أشخاص وإصابة 174 وفق الإحصائيات الرسمية.

واتفقت معظم القوى والأحزاب على المطالب في جمعة «النهاية» - رغم اختلافها على مكان التظاهر - والتي تتمثل في إلغاء المادة 28 ورحيل المجلس العسكري وتسليم الحكم إلى سلطة مدنية في موعدها المقرر يونيو (حزيران) المقبل، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، ومحاسبة الجناة في أحداث العباسية.

وكان عدد من القوى السياسية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وأحزاب غد الثورة والوسط والبناء والتنمية والحضارة وعدد آخر من الأحزاب والتيارات والحركات السياسية قد أعلنت عن مشاركتها في المليونية، فيما رفض المشاركة عدد من الأحزاب على رأسهم حزب النور.

وعقب صلاة الجمعة، توجهت مسيرتان كبيرتان من مسجدي الفتح بميدان رمسيس، ومسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، إلى ميدان العباسية للتضامن مع معتصمي وزارة الدفاع، وسط هتافات مناوئة للمجلس العسكري.

وكانت قوات الجيش قد اصطفت خلف الأسلاك الشائكة بأفرادها وعرباتها المدرعة في محيط وزارة الدفاع، وقامت قوات تأمين الوزارة بإذاعة القرآن الكريم وبعض الأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت التي وضعتها على إحدى السيارات. وعلى الجانب الآخر من الأسلاك الشائكة، حاول العشرات من النشطاء تأمين خط فاصل بين الجانبين مشكلين جدارا عازلا بأجسادهم قبل اندلاع الأحداث.

وفي ميدان التحرير، مقر تظاهر أنصار جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، حضر آلاف المتظاهرين منذ مساء أول من أمس إلى الميدان عقب إعلان الجماعة التظاهر في ميدان التحرير، وجابت المسيرات أرجاء الميدان عقب انتهاء صلاة الجمعة، وردد المتظاهرون هتافات ضد المجلس العسكري، وعدد من مرشحي الرئاسة، من بينها: «المشير باطل.. وشفيق باطل.. وموسى باطل».

وقال الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين المتحدث الإعلامي باسمها إن «الإخوان» أعلنوا في بيانهم أول من أمس دعوة الجماهير إلى التظاهر في ميدان التحرير، ولم ولن يذهبوا إلى ميدان العباسية تفاديا لأي احتكاك أو صدام.

وتم نصب 3 منصات بالميدان للقوى السياسية المشاركة في فعاليات أمس، تضم منصة جماعة الإخوان المسلمين الأكثر عددا، ومنصة أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المستبعد من انتخابات رئاسة الجمهورية، ومنصة القوى الثورية. وطالبت منصة «الإخوان المسلمين» المتواجدة بالميدان بتسيير مسيرة من التحرير باتجاه العباسية عقب صلاة الجمعة.