الأمير سلمان بن عبد العزيز: أحب الأعمال الإدارية لنفسي هي أعمال دارة الملك عبد العزيز

أكد الدور الوطني والعلمي للدارة وأنها الذراع التوثيقية للأحداث والإنجازات السعودية

TT

يؤكد الأمير سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، في كل مناسبة ذات علاقة، الدور الوطني والعلمي الكبيرين لدارة الملك عبد العزيز وأنها الذراع التوثيقية للأحداث والأخبار والإنجازات السعودية منذ أول ظهور للدولة السعودية عام 1157هـ، وهذا ما يظهر عشقه للتاريخ وعلومه وفلسفته في قراءة الواقع والاستعداد للمستقبل، فدارة الملك عبد العزيز في تاريخها الذي يمتد لأكثر من أربعين عاما تعيش عصرها الذهبي بفضل تلاقي إيمان أمير المؤرخين بالتاريخ، كونه أبا العلوم، مع نوعية النشاط الفكري والعطاء المعرفي للدارة، فصارت دارة الملك عبد العزيز، بإدارة وزير الدفاع ورئيس مجلس الإدارة، منارة علمية عالية الجودة تستقطب كثيرا من الأفكار البحثية والدراسات، ومنصة كبيرة لاحتواء الباحثين والباحثات والعناية بهم، وباتت الدارة رافدا قويا وغنيا لحركة البحث العلمي وقنواته المختلفة بفضل تعدد الأنشطة وتكاملها، الذي لم يكن ليتحقق لولا الرؤية بعيدة النظر، إذ لا يبخل في مجالسه العامرة بالعلم والعلماء والمعرفة والفكر بإظهار حبه لدارة الملك عبد العزيز وأنها مؤسسة تحمل اسم المؤسس عرفانا بإنجازه التاريخي في تأسيس دولة إسلامية حديثة هي امتداد للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية، ولأنها تخدم في إصداراتها وأنشطتها المواطنة الحقة وتوثيق مفاصل اللحمة الوطنية، وتكشف عن تاريخ المشاركة المتفاعلة بين الشعب والقيادة منذ أيام توحيد المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها وحتى هذا اليوم.

ويقول الأمير سلمان «إن أحب الأعمال الإدارية لنفسي هي أعمال دارة الملك عبد العزيز»، وهذا الحب العميق لدارة الملك عبد العزيز من قلبه انعكس على جودة العمل فيها وصارت تسابق الزمن من أجل موافقة رغبة رئيس مجلس إدارتها في خدمة تاريخ الجزيرة العربية بمآثرها الفكرية وإرثها المعرفي وتاريخ المملكة العربية السعودية التي قامت على التوحيد وتهتدي بمنهاج الشريعة الإسلامية الخالدة - يعبر عنه ما قالته الأميرة حصة بنت سلمان بن عبد العزيز في محاضرة عن مآثر والدها والجوانب الفكرية والثقافية والإنسانية في شخصيته على هامش تدشين كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية، جاء فيها: «..أذكر يوم أعلن عن تعيين والدي وزيرا للدفاع كان أول ما شغل تفكيره ما إذا كان يستطيع الاستمرار في رئاسة مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز التي شارك في تأسيسها ولا يزال يعتبرها ابنته، شقيقة لي، لأنها من أكثر الإنجازات التي تجلب له الفخر والسعادة، حيث تحمل اسم أبيه وتستقر الآن في المكان الذي عاش فيه وخلا فيه إلى القراءة وتدبر القرآن الكريم، ثم إنها مجاله الذي هو شغوف به كإنسان مفكر»، في شهادة تاريخية من شخصية قريبة من وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة الدارة عن المكانة التاريخية والعلمية لدارة الملك عبد العزيز.

وتجلى حب الأمير سلمان بن عبد العزيز للتاريخ بمجالاته وكتبه وبحوثه ودراساته حين وافق على إنشاء جائزة تحمل اسمه وتشرف عليها في البداية الدارة، بل وقرر أن تكون قيمتها المادية من ماله الخاص وأن يرعى توزيعها على الفائزين والفائزات بنفسه، فكانت جائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية التي لاقت تقديرا كبيرا من الأوساط العلمية المتخصصة ومشاركة فاعلة للظفر بقيمتها العلمية، ويبدو في قمة فرحه وسعادته حين يحتفي والدارة بالمؤرخين والباحثين والباحثات في حفل توزيع جوائزها ومنحها التي وصلت هذا العام دورتها الرابعة.

ويقول وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز في كلمته للحضور والفائزين والفائزات في الدورة الأولى للجائزة والمنحة عام 1426هـ - 2005م، معبرا عن حبه للمهتمين بالتاريخ ودورهم في خدمة الأمة الإسلامية، «فإنه من المحبب لنفسي أن أكون بين هذه النخبة الطيبة من المهتمين بتاريخ الجزيرة العربية بصفة عامة، وتاريخ المملكة العربية السعودية بصفة خاصة. فنحن أمة عريقة نمت جذورها في هذه الجزيرة التي انطلق منه العرب إلى كل مكان، ومن ترابها الطاهر شع نور الإسلام ليصل إلى بقاع الأرض قاطبة، ومن هنا كانت المسؤولية الملقاة على عاتقنا في هذه الدارة عظيمة جدا..»، في إشارة منه إلى عظم المسؤولية التي يجب أن تتحملها الدارة في ظل التاريخ المشرق للعرب والمسلمين في الجزيرة العربية وإنتاجهم الغزير والكثير من أمات الكتب الدينية والمراجع العلمية والمآثر العقلية التي شاركت في بناء التاريخ البشري من خلال ظهور الإسلام وتأثيره البالغ في هذه المؤلفات والأحداث، وهذا ما جعل دارة الملك عبد العزيز برعايته واهتمامه على أهبة الاستعداد لأداء واجبها الوطني ودورها المنوط في حركة البحوث والدراسات حول التاريخ.

وقال في نفس الكلمة ما يؤكد اهتمامه المبكر بالتاريخ ومؤسساته وطلاب علمه والمؤرخين: «.. لقد كنت أتتبع أعمال الدارة منذ إنشائها، وكنت أشهد بسعادة بالغة انطلاقتها الكبرى في عهد الملك فيصل (رحمه الله)، وبإشراف من الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ (رحمه الله). وعندما كلفت برئاسة مجلس إدارتها، انصرفت إلى الاهتمام بالنهوض بها، والقيام بكل ما نستطيع لدفعها إلى الأمام، وبحمد الله وفضله تكللت الجهود بالنجاح، وأصبحت الدارة في مقدمة المؤسسات الفكرية والتاريخية.. وتمكنت الدارة في زمن قصير من إثبات وجودها».

ويدل هذا على عناية الأمير سلمان بن عبد العزيز بالدارة وأعمالها منذ وقتها الأول وهذا ما شهد به كثير من المسؤولين بها السابقين، فلم تكن رعايته ومتابعته لمسيرتها بمجرد تعيينه رئيسا لمجلس إدارتها، لكن اهتمامه تضاعف بعد ذلك بسبب المسؤولية التاريخية حين أصدر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز عام 1417هـ قرارا برئاسة الأمير لمجلس إدارة الدارة، وذلك بترشيح من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ومن الرواسخ الإدارية التي فتحت بحكمة وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، أن شكل مجلس الإدارة من أعضاء ينتمون لدوائر حكومية ومؤسسات تعليمية وثقافية تتقاطع استراتيجياتها مع استراتيجية الدارة حتى تتجاوز أول مؤسسة سعودية معنية بالمصادر التاريخية - حسب أمين عام الدارة الدكتور فهد السماري - حواجز البيروقراطية وحتى يتم التنسيق على أوسع نطاق فتتحرر الدارة من الثقل الإداري في الإجراءات وتنطلق بسرعة يقتضيها كثيرا النشاط العلمي والفكري والبحوث والدراسات، لكن الأمير سلمان، وبتواضع جم يتصف به المثقف الحقيقي دائما، لا ينسب كل إنجازات دارة الملك عبد العزيز إلى نفسه، بل دائما ما يقدم شكره وتقديره للعاملين في الدارة وأعضاء مجلس الإدارة والباحثين والباحثات، فيقول وسط حضور إحدى دورات الجائزة والمنحة: «.. وتمكنت الدارة في زمن قصير من إثبات وجودها، وليس ذلك بما بذلته وحدي من جهود، بل بالرجال المخلصين الذين يعملون في هذه الدارة من أعضاء مجلس إدارتها ومنسوبيها أو الذين يتعاونون معها»، معطيا بذلك درسا إداريا مفاده أن التعاون والتكامل بين الآراء والجهود هو الوسيلة الأنجع للوصول للهدف، وأن الجهود الكبيرة تتكون من جهود أصغر بتراكمها المتناسق تؤدي للأهداف المرسومة، ويقول في هذا السياق: «هذه الجائزة والمنحة في دورتها الثانية تأكيد على دعم وتقدير المهتمين بدراسات تاريخ الجزيرة العربية، وما الإقبال عليها من الباحثين والباحثات إلا دليل على الحركة العلمية والبحثية النشطة في وطننا الغالي»، فالجائزة والمنحة من معطيات الحراك العلمي المتسارع، في ظل دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلم والمعرفة وشؤونهما المختلفة.

في كلمات وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز في دورات الجائزة والمنحة تظهر معاني الفخر بالعلم والاعتزاز بتاريخ الوطن والانتماء لتاريخ الأمة الإسلامية، ويظهر أكثر فرحا من الفائزين بجوائزها لأنه استطاع أن يقدم خدمة لأمته من خلال تاريخها الذي هو جذورها وسوقها الباسقة، وهو التاريخ الذي وإن تفرقت الأمم واختلفت هموم المجتمعات وتباينت إنجازاتها يظل المشرب الصافي الزلال الذي يحقق وحدة القضية ويوثق المساهمة العربية والإسلامية في السياق الإنساني الكبير، لقد نجحت جائزته ومنحته لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية أن تظهر دارة الملك عبد العزيز بدعمه في أحلى صورها الوطنية وأن تكشف مزيدا من شخصية الأمير سلمان بن عبد العزيز المرتبطة بالتاريخ والثقافة الأصيلة والمستنيرة بالجديد المفيد، فمن شروط الجائزة والمنحة أن يكون البحث المرشح مبتكرا وفيه جدة وحداثة وألا يخدش وقار العلم وصفاءه بعصبيته.