السلطة أمام امتحان صعب لفرض «هيبتها» في جنين

الدم يفجر أزمة أمنية كبيرة تعهد معها أبو مازن بالضرب بيد من حديد

TT

أصبحت هيبة السلطة الفلسطينية على المحك، مرة أخرى، بعدما نجح مسلحون في فرض هيبتهم في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وهددوا قادة أمنيين بالقتل، وأطلقوا الرصاص على منزل محافظ المدنية الذي قضى بعدها فورا بأزمة قلبية. ولجأت قيادة السلطة إلى آخر ما كانت تتمناه، وهو العودة مجددا إلى المربع الأول، مربع «محاربة الفلتان».

وانبرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، شخصيا، وهو القائد الأعلى للقوى الأمنية الفلسطينية، لتهديد من وصفهم بالخارجين عن القانون، في جنين، وقال بعد اجتماع طارئ، لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية «سنضرب على يد أولئك الذين يحاولون العبث بالأمن والأمان».

ومثل هذا الكلام لم يسمع من أبو مازن من فترة طويلة، بعدما ظنت السلطة أنها انتهت من معركة فرض القانون في المناطق التي تسيطر عليها في الضفة، غير أن التطورات الدراماتيكية الأخيرة في جنين، هزت هذه الصورة.

ولا يريد عباس لهذا الصورة أن تهتز، وقال «لن نسمح لأي طرف بأن يقوم باستغلال أي ظرف مهما كان، للقيام بأعمال العبثية» وأردف بصرامة «سنقوم بمعاقبة هؤلاء الخارجين عن القانون». وتابع بقوله «لأن توفير الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني هو من أهم أولويات السلطة الفلسطينية».

غير أن الواقع على الأرض في جنين بعد أسبوع من اشتباكات أدت إلى مقتل أحد أبناء عائلة التركمان، في قرية بير الباشا جنوب المدينة، وهي عائلة كبيرة ومعروفة، يشير إلى خلاف ذلك. وبدأت القصة، عندما قتلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، الأسبوع الماضي، الشاب أمثل غوادرة التركمان (26 عاما) خلال اشتباك مع قوة كانت في مهمة «لتنفيذ أوامر اعتقال صادرة عن المحاكم المختصة، على خلفيات جنائية». وقالت الشرطة إن أمثل قتل أثناء مقاومته للشرطة في القرية، وهو محكوم بالأشغال الشاقة المؤبدة».

وتبنى وقتها محافظ جنين قدورة موسى، المعروف بصرامته، قائلا «إن هذا الحادث لم يكن ليحدث لولا قيام المجموعة السابقة بمباغتة القوة الأمنية ومهاجمتها بالسلاح الناري»، مضيفا «إننا كنا نأمل القبض عليه (أمثل) وتسليمه للعدالة، لكنه من بدأ بإطلاق الرصاص، وتم ضبط سلاحه الناري (بندقية من نوع إم 16).

كانت هذه البداية، وبعدها هددت عائلة وأصدقاء امثل بالانتقام. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحين معروفين هددوا المحافظ ومسؤولين أمنيين عبر الهاتف، وطلبوا تسليمهم الشرطي الذي أطلق النار على ابنهم.

ورفضت السلطة الطلب الذي يمكن أن يجر إلى ثأرات عائلية كبيرة، وتدخلت حركة فتح، وزار عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية للحركة، السبت الماضي عائلة التركمان، ودعاهم إلى تغليب لغة العقل والاحتكام للقانون، متعهدا بتشكيل لجنة تحقيق في ظروف مقتل الشاب غوادرة.

وكانت لافتات كبيرة في المكان تحمل اسم كتائب الأقصى التابعة لفتح، تنعى أمثل، ومثلها لافتات لسرايا القدس التابعة للجهاد. لكن أحدا لم يقل إنه مطارد أو متهم.. وتضاربت المعلومات.

وقبل يومين جاء الرد سريعا، على شكل إطلاق نار كثيف على منزل محافظ المدينة القوي، أربك كل الحسابات، فخرج موسى مسرعا على رأس قوة أمنية يطارد مطلقي النار، وبعد ساعتين توفي بذبحة صدرية.

جماعة أمثل، يصرون على تسليمهم الشرطي الذي قتله، والسلطة تريد مطلقي النار على منزل المحافظ، وكثير من الجماعات الأخرى تنتظر تدهورا آخر للموقف في المدنية التي كانت توصف يوما «بعش الدبابير» وتريدها السلطة «مدينة للسلام».