الإمارات: إذا كانت إيران بهذا الاستكبار بلا «نووي» فكيف ستكون بامتلاكه؟

رئيس الأركان: السلام يحتاج إلى قوة.. وتعرض أي دولة خليجية لاعتداء يمثل اعتداء على كل دول المجلس

TT

اعتبرت الإمارات العربية المتحدة، أمس، أن الاستعراض العسكري الذي قامت به إيران مؤخرا في جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة وزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «الاستفزازية» لهذه الجزيرة «يعد خرقا واضحا للتفاهمات التي تمت بين البلدين»، مشيرة إلى أن استمرار إيران في برنامجها النووي سيؤدي إلى اختلال في المنظومة الأمنية بالمنطقة وامتلاكها لهذا السلاح سيمثل «رد فعل يشوبه التوتر والاستكبار، بسبب إصرار إيران على احتلال جزر الإمارات الثلاث»، معتبرة أن «القوات المسلحة الإماراتية تقف في مصاف جيوش الدول المتقدمة تسليحا وتدريبا وتقنية، وهي ليست موجهة ضد أحد أو للعدوان على أحد، وأنها للدفاع عن مكتسباتنا وحقوقنا العادلة والدفاع عن الحقوق العربية»، مؤكدة أن «السلام يحتاج إلى قوة تحميه وتدعمه وتدافع عنه».

وفي أول تصريح من نوعه لمسؤول عسكري إماراتي رفيع عبر اللواء الركن عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، عن تزايد القلق الإماراتي والخليجي والدولي من سياسة إيران «الاستفزازية» تجاه مواقف بلاده السلمية لحل هذه القضية، وكذلك تجاه تنامي البرنامج النووي الإيراني والمخاوف من دخول المنطقة في سباق للتسلح النووي.

وأكد أن هذه المخاوف تستند في الأساس إلى ضرورة العمل على إبعاد المنطقة عن أي شكل من أشكال التسلح النووي. وشدد على أن «استمرار إيران في برنامجها النووي سيؤدي إلى اختلال في المنظومة الأمنية بالمنطقة»، معتبرا أن «امتلاك إيران لهذا السلاح سيمثل رد فعل يشوبه التوتر والاستكبار، بسبب إصرار إيران على احتلال جزر الإمارات الثلاث، واعتبار القضية شأنا داخليا، على الرغم من كونها إحدى القضايا الثابتة على جداول أعمال القمم الخليجية والعربية والإسلامية، كما تحظى بدعم دولي لحق الإمارات في جزرها ولجهودها وموقفها لحل هذه القضية بالطرق السلمية».

وأشار نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية في حديث لمجلة «درع الوطن» بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة الإماراتية، إلى أن إيران أعلنت أكثر من مرة عن تصدير مبادئ الثورة الإيرانية، و«نحن ليس لنا دخل في أن تكون لإيران ثورة، ولكن أن تقرر تصدير الثورة للإمارات فهذا حديث ينقصه التمعن والحكمة، إذ لا يجوز أن تجبر جارك على أن يفعل ما تريد، كما لا يجوز أن تقرر إطعامه مما تأكل وتفرض عليه أجندات هو لا يرغب فيها، فكل جار له حقه في داره».

وتساءل «إذا كانت إيران تصرح بهذا، وهي لم تمتلك بعد السلاح النووي، فماذا يحدث بعد أن يحصلوا عليه؟ بالتأكيد ستدخل المنطقة في سباق محموم لامتلاك أسلحة الدمار الشامل».

وأعرب عن مخاوف دول المنطقة من أي تسرب نووي من المفاعلات النووية الإيرانية أو من محطات التخصيب أو من عيوب فنية في البرنامج الإيراني الذي يعتمد على تقنية غير متطورة في هذا المجال، لافتا إلى أنه «في المنطقة طوائف وهناك حرب تحت الرماد، وقد تكون هناك حرب طائفية، ففي العراق مثلا هناك حرب طائفية بين المتطرفين من السنة والمتطرفين من الشيعة، فإذا امتلكت إيران هذا النوع من السلاح فإنه سيولد رد فعل لبعض الدول في المنطقة بأن تمتلك هي الأخرى هذا السلاح لخلق نوع من توازن القوى في المنطقة»، مستطردا «بالتالي سيتسابق عدد كبير من الدول في المنطقة لامتلاك هذا السلاح مما سيكون له تأثير سلبي على أمن واستقرار المنطقة وعليه نرى أنه من غير الحكمة أن يكون هناك توجه لامتلاك السلاح النووي في المنطقة».

وأكد نائب رئيس الأركان الإماراتي، أن الأمن الخليجي المشترك خيار استراتيجي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «بل هو الخيار الوحيد الذي يؤمن استقرار وأمن دول الخليج على الصعيد الجماعي، وعلى الصعيد الفردي، بمعنى أن تعرض أي دولة لاعتداء يمثل اعتداء على كل دول المجلس، فالأمن الخليجي كل لا يتجزأ، لافتا إلى موقف قوات درع الجزيرة في مملكة البحرين الشقيقة ودورها في حماية أمن واستقرار وطمأنينة هذا البلد».

وفيما يتعلق ببرنامج الدرع الصاروخية الخليجي الذي تم إعلانه في الرياض مؤخرا، قال المزروعي «القصد من برنامج الدرع الصاروخي خلق منظومة متكاملة من الإنذار المبكر بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وردة الفعل تعني إذا انطلق صاروخ مثلا تجاه الرياض فإن أجهزة أبوظبي سترصده وتبلغ عنه والعكس صحيح، فنحن نرى أن من حق كل دولة الدفاع عن نفسها، وهذا حق مشروع تكفله القوانين الدولية والدفاع الخليجي المشترك هو خيار استراتيجي وقرار حكيم وعاقل ينسجم مع حق الإنسان في الدفاع عن نفسه وفقا للقوانين الدولية».

واعتبر المزروعي، أن «كلمة الأمن الخليجي تعني كل دول مجلس التعاون وهو خيار استراتيجي، وأعتقد أنه هو الخيار الاستراتيجي الوحيد الذي يؤمن أمن أي دولة من دول الخليج العربي واستقرارها ويدعم ويزيد من استقرار دول المجلس مجتمعة، كما أن زعزعة الأمن في دولة من دول الخليج العربي يزعزع الأمن لكل الدول، فالأمن مرتبط ارتباطا كليا وجزئيا بأمن دول مجلس التعاون، وهو لا يتجزأ وقدمت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نموذجا لهذا المفهوم في مملكة البحرين الشقيقة، حيث وجدت قوات درع الجزيرة في المملكة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وأضاف «ليس هناك سوى عنصر واحد هو رغبة قادة دول المجلس وشعوب المنطقة في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والدفاع عن إنجازاتها وحماية مكتسباتها، في مواجهة أي تهديد طارئ وهذه الرغبة هي التي تعطي قوة درع الجزيرة دفعة لتنفيذ المطلوب منها بكل ثقة واقتدار قوة درع الجزيرة موجودة وعزيزة ومهابة الجانب والقوات متفاهمة وهذا ما يعزز قدرتها على صد أي هجوم والتعامل مع كل المواقف».

وفيما يتعلق بالوضع الحالي في البحرين قال المزروعي «لا أعتقد أن هناك تحديات تواجه الرغبة في تعزيز الأمن بين الدول.. فالرغبة موجودة، أما التحديات أو التغيرات فالكل على استعداد لمواجهتها، وواضح لدى الجميع أن الاستقرار في مملكة البحرين هو استقرار في الرياض وفي أبوظبي والكويت وبقية دول المجلس. والكل وصلته الرسالة وقرأها جيدا وفهم معناها، وكما قلت آنفا أمن الخليج كل لا يتجزأ وأي عدوان على دولة من الدول يعتبر اعتداء على كل دولة».

ولفت المسؤول العسكري الإماراتي إلى أن «السلام يحتاج إلى قوة تحميه وتدعمه وتدافع عنه»، معتبرا أن تنامي قوة بلاده العسكرية ليس موجها ضد أحد أو للعدوان، «وإنما للدفاع عن مكتسباتنا وحقوقنا العادلة والدفاع عن الحقوق العربية، والوقوف إلى جانب الشعوب المتضررة من الحروب والكوارث من دون تفريق أو تصنيف بين عرق أو لون، والمساهمة في دعم المشاريع التي تخدم الإنسان وتخفف معاناته انطلاقا من إيماننا بأن السلام يحتاج إلى قوة تحميه وتدعمه وتدافع عنه».

وأضاف «إننا لسنا بمعزل عما يدور من حولنا ونواكب كل التطورات والمستجدات»، لافتا إلى أن «ما قامت به إيران مؤخرا من استعراض واستفزاز في جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة وزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الاستفزازية لهذه الجزيرة التي تحتلها إيران منذ عام 1971 يعد خرقا واضحا للتفاهمات التي تمت بين البلدين، لإيجاد حل سلمي لقضية احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، كما يتنافى مع مبادئ حسن الجوار».

وتابع المزروعي «إن قواتنا المسلحة تقف اليوم في مصاف جيوش الدول المتقدمة تسليحا وتدريبا وتقنية»، مشيرا إلى أن «استمرار مسيرة تطوير القوات المسلحة، ينطلق من أن الإمارات دولة محبة للسلام وتعمل على دعم الأمن والسلم الدوليين، والحرص على بناء جيش عصري وقوي يعتمد في الأساس على الكفاءات الوطنية المتسلحة بالعلم والإيمان بوطنها وبرسالتها الوطنية والدولية والإنسانية».

واعتبر أن «ما يحدث من حولنا من تطورات متسارعة إقليميا وعلى صعيد الشرق الأوسط، يؤكد الرؤية الصائبة والحكيمة لقيادتنا التي أعطت كل جهدها واهتمامها وسخرت كل الإمكانات لتطوير قواتنا المسلحة، وبما يعطي الأولوية لحماية مكتسباتنا ومسيرتنا التنموية ونهضتنا وكرامتنا في مواجهة أي قدرات هجومية طارئة ما يجعلنا رقما مهما في المنظومة الأمنية الإقليمية والدولية».