جمعة «إخلاصنا خلاصنا».. دامية في دمشق وغاضبة في حلب

إدلب وحماه تتقدمان المحافظات السورية بأكبر عدد من المظاهرات

لافتتان رفعهما سوريون أمس في جمعة «إخلاصنا خلاصنا» فيها عبارات عتاب لأهالي حلب فيها ورسالة لبعثة المراقبين (أوغاريت)
TT

واجهت قوات الأمن السورية آلاف المتظاهرين في جمعة «إخلاصنا خلاصنا» بالرصاص الحي، إذ تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أن القوى الأمنية السورية أطلقت النار لتفريق مظاهرات مناهضة للنظام خرجت في عدد من المناطق السورية.

جمعة «إخلاصنا خلاصنا» التي أرادها المتظاهرون في سوريا دعوة للمعارضة لتتوحد وترص صفوفها، تحولت إلى يوم دام، لا سيما في العاصمة دمشق، بعد مقتل أكثر من عشرة شباب في حيي التضامن وكفرسوسة في إطلاق نار من قبل قوات الأمن على متظاهرين خرجوا هناك، ليتجاوز عدد قتلى مظاهرات يوم أمس في حصيلة أولية سبعة وثلاثين شهيدا بينهم طفل وسيدة وثلاثة أشخاص قضوا تحت التعذيب وعائلة كاملة من حلب وعشرة قتلى في دمشق (التضامن – كفرسوسة) وسبعة قتلى في إدلب وستة قتلى في حماه وخمسة قتلى في حمص وـربعة قتلى في حلب وقتيلان في دير الزور، وقتيلان في درعا، وقتيل في المليحة في ريف دمشق، بحسب ما أفادت به لجان التنسيق المحلية، وذلك بعد يوم دام عاشته مدينة حلب بعد هجوم قوات الأمن والشبيحة على طلاب تظاهروا في الجامعة والسكن الجامعي، ومقتل ستة طلاب وجرح العشرات واعتقال نحو مائتي طالب، وتشريد المئات بعد صدور قرار بإغلاق الجامعة وإخلاء السكن الجامعي، لتكون نصرة طلبة جامعة حلب العنوان الأبرز في مظاهرات السوريين يوم أمس، في وقت تعرض فيه حي الوعر في لقصف مدفعي بالتزامن مع اشتباكات عنيفة في حيي القرابيص والقصور، مع ازدياد التوتر الأمني على نحو خطير في مدينتي دمشق وحلب، العاصمتين السياسية والاقتصادية.

وقال ناشطون في دمشق إن قوات الأمن والشبيحة أطلقت النار على مظاهرات خرجت في بلدة جوبر المتصلة بحي العباسيين جنوب غربي العاصمة، كما جرى إطلاق نار كثيف في حي العسالي، تلته حملة مداهمات واعتقالات عشوائية بعد خروج مظاهرة في الحي. وهاجمت قوات الأمن والشبيحة مظاهرات خرجت في حي التضامن المحاصر والذي شهد حملة اعتقال شرسة في اليومين السابقين، ويوم أمس فقط تم اعتقال أكثر من 150 شابا إثر انتهاء صلاة الجمعة، وترافقت حملة الاعتقالات مع إطلاق نار كثيف من رشاشات متوسطة (بي كي سي) أسفر عن مقتل سبعة أشخاص. وفي حي كفر سوسة أسفر الهجوم على تشييع شاب كان قد سقط برصاص الأمن عن مقتل ثلاثة أشخاص، وقالت لجان التنسيق المحلية سقط «ثلاثة شهداء في الحي إضافة إلى العديد من الجرحى بينهم حالات خطيرة إثر إطلاق النار من قبل قوات الأمن على مشيعي الشهيد عدي جنبلاط». في حين تمت محاصرة أحياء نهر عيشة والحجر الأسود والعسالي التي تحيط بحي الميدان، كما شهد حي الميدان خروج مظاهرات حاشدة تم تفريقها بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع. وفي ريف دمشق، قال ناشطون إن أعمدة الدخان شوهدت تتصاعد بعد سماع انفجار ضخم في مدينة قطنا في الغوطة الغربية في محيط مبنى مفرزة الأمن العسكري، وسمعت صفارات سيارات النجدة تهرع إلى تلك المنطقة. ولم تتوافر تفاصيل عن ذلك الانفجار.

من جانب آخر، قالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن والجيش النظامي قامت بإطلاق النار «لتفريق مظاهرات في بلدة المليحة وفي منطقة الست زينب وفي حي الحجر الأسود. وشنت قوات الأمن والشبيحة «حملة مداهمات للمنازل وتكسير للأثاث واعتقالات عشوائية في شارعي الثورة وتشرين والأعلاف». وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن والشبيحة قامت بحملة مداهمات في منطقة البعلة في حي القابون وسط تعزيزات أمنية وعسكرية دخلت المنطقة منذ الصباح الباكر يوم أمس.

وفي انخل في محافظة درعا (جنوب)، جرى إطلاق نار لتفريق مظاهرات حاشدة خرجت هناك. وفي مدينة داعل، قتل موسى أحمد فالح الجاموس بعد إصابته على أيدي قوات الأمن عند حاجز علما وتعذيبه حتى الموت، علما بأنه سائق حافلة وتم تدمير حافلته إثر دهسه بإحدى الدبابات، بحسب لجان التنسيق المحلية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل ثلاثة أشخاص فجر يوم أمس الجمعة في محافظة حمص، أحدهم إثر إصابته برصاص مصدره القوات النظامية السورية قرب السجن البولوني بعد منتصف ليل الخميس الجمعة في مدينة حمص، والثاني برصاص عشوائي من القوات النظامية في حي القصور في المدينة، والثالث في مدينة الرستن برصاص قناصة. وحول الوضع في محافظة حمص (وسط) التي خرج فيها أكثر من 50 مظاهرة يوم أمس في الريف والمدينة، قال ناشطون إنه وبعد تراجع العمليات العسكرية والقصف انخفض «عدد الشهداء الذين يسقطون يوميا، لكن في المقابل هناك ازدياد في أعداد الحواجز والقناصة، وارتفاع في أعداد الجرحى والمعتقلين بشكل مطرد، وزيادة في عمليات النهب والسرقة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش النظامي وما زال يقيم في منازل الناس فيها بعد أن نهب محالهم».

ويوم أمس، كان الأبرز في حمص خروج مظاهرة حاشدة في مخيم العائدين بحمص ردا على مقتل الشاب ربحي درباس برصاص قوات الأمن التي هاجمت المظاهرة وأطلقت رصاص من رشاشات متوسطة وقنابل صوتية لترويع الناس. وفي تدمر (وسط البادية)، أطلقت قوات الأمن النار بكثافة من حاجز هدى الشعراوي، وسمع دوي انفجارات مع انتشار لسيارات الأمن في شوارع المدينة، وشوهدت الدبابات تخرج من سجن تدمر. وخرجت مظاهرات في قرى الحولة والقصير وتلبيسة وتلكلخ والقريتين والرستن، والأخيرة زارها يوم أمس وفد المراقبين الدوليين وبث ناشطون مقاطع للمراقبين الدوليين وهو يتجولون في الرستن ويلتقون جنود وضباط الجيش الحر هناك.

من جهة أخرى، عثر صباح أمس الجمعة في الحقول الواقعة بين قريتي جوزيف وابلين في جبل الزاوية في محافظة إدلب (شمال غرب) على جثامين ثلاثة مواطنين كانت الأجهزة الأمنية اعتقلتهم قبل أيام، بحسب ناشطين. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له إن «القوات النظامية السورية أطلقت الرصاص لتفريق مظاهرات في حيي الفردوس والأندلس في مدينة حماه (وسط) وفي بلدة قلعة المضيق في ريف حماة». وشملت المظاهرات بلدات وقرى عدة في حلب (شمال) بالإضافة إلى المدينة، وجبل الزاوية في محافظة إدلب (شمال غرب) ورصد في محافظة حلب ازدياد عدد المظاهرات على نحو كبير حتى في البلدات، لا سيما المنكوبة مثل تل رفعت وعندان والباب. وقال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في حلب إن أكثر من 63 مظاهرة خرجت في حلب خلال الساعات الأربعين الماضية، وقامت قوات الأمن والشبيحة بهجوم شرس على المظاهرات التي خرجت يوم أمس في حلب وأكبرها كان في حيي الشعار والأعظمية، وقامت بإطلاق النار لتفريقها، بينما هتف المشاركون «معليش شو فيها.. بكرة بنكفيها». وقال ناشطون إن أربعة أشخاص قتلوا في حلب يوم أمس في حي السكري على أيدي الأمن والشبيحة وهم من عائلة واحدة. وخرجت مظاهرات حاشدة في أكثر من 600 نقطة تظاهر ليتجاوز العدد 700 مظاهرة، ففي إدلب ورغم الحملات العسكرية المتكررة التي تعرضت لها بلدات ومدن المحافظة خرجت نحو 160 مظاهرة، أكبرها وأكثرها تنظيما كانت في مدينة بنش. وفي محافظة حماه خرجت نحو 130 مظاهرة، وفي دير الزور التي تعرضت قراها للقصف ولعلميات عسكرية واسعة سجل خروج 60 مظاهرة، وفي درعا نحو 55 مظاهرة، وفي الحسكة 26، واللاذقية 41، وفي محافظتي دمشق وريفها 110 مظاهرات، وذلك خلال ساعات نهار يوم الجمعة، وجرى تفريق غالبيتها بالقوة المفرطة، وسقط خلالها نحو 37 قتيلا.

من جانب آخر، صرح المتحدث باسم مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، في جنيف أمس الجمعة، بأن هناك «مؤشرات طفيفة» على احترام خطة أنان ميدانيا في سوريا. وقال المتحدث للصحافيين «هناك مؤشرات على الأرض تفيد بإحراز تقدم، ولو أنه بطيء وطفيف، وهناك أيضا مؤشرات ميدانية لا ترونها»، مضيفا أن «عملية الوساطة هذه تجري بطبيعتها بعيدا عن الأضواء». وقال أنان أيضا إنه سيبلغ مجلس الأمن الدولي بعملية تطبيق خطته في الثامن من مايو (أيار) في اتصال فيديو كونفرس من جنيف. وأضاف أن «خطة أنان تسير على السكة، ولا يمكن حل أزمة بدأت قبل أكثر من عام في يوم أو أسبوع». وأضاف «في الواقع، الأمر سيتطلب مزيدا من الوقت لجمع كل الخيوط، لكن تأكدوا من أنها سيتم جمعها».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن من بين الضحايا الذين سقطوا بالأمس ثلاثة سوريين قتلوا في حمص، بينهم سوري من مخيم العائدين. وقال المرصد إن قتيلا من حي دير بعلبة سقط برصاص عشوائي من قبل القوات النظامية في حي القصور. وأضاف أن شخصا قتل في مدينة الرستن برصاص قناصة، بينما قتل ثلاثة آخرون إثر استهداف سيارتهم من قبل حاجز للقوات النظامية قرب دوار العجزة بمدينة حماة. وأفاد المرصد بأن عائلة مكونة من ثلاثة أفراد، هم رجل وزوجته وطفلهما، قتلوا إثر إطلاق الرصاص عليهم في حي السكري بمدينة حلب. وكشف المرصد عن العثور صباح يوم أمس الجمعة في الحقول الواقعة بين قريتي جوزيف وأبلين بجبل الزاوية في إدلب، على جثامين ثلاثة مواطنين كانت أجهزة الأمن اعتقلتهم قبل أيام. وأفاد بأن شخصا قتل إثر إطلاق الرصاص عليه من قبل القوات النظامية السورية في محافظة دير الزور.