الرئيس اللبناني: لسنا قاعدة لتهريب السلاح إلى سوريا.. ولا تورط لدول خليجية في موضوع باخرة السلاح

المحكمة العسكرية تدعي على 21 شخصا متورطا.. وانتقادات نيابية لاتهام السعودية بالوقوف وراءه

محتجون في إدلب أثناء تشييعهم أمس جنازة أحد القتلى الذين أسقطتهم القوات النظامية (رويترز)
TT

لاقت الاتهامات التي وجهها السفير السوري علي عبد الكريم علي إلى المملكة العربية السعودية لناحية ادعائه وقوفها ودول خليجية وراء سفينة «لطف الله - 2» التي ضبطتها السلطات اللبنانية محملة بالأسلحة مؤخرا، وهي في طريقها إلى سوريا، سلسلة مواقف منتقدة، جاء أبرزها على لسان الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي أكد أن «لبنان ليس قاعدة لتهريب السلاح إلى سوريا»، جازما بأنه «لا تورط لدول خليجية في موضوع باخرة السلاح»، التي ذكرت مصادر أمنية أنها قادمة من ليبيا إلى لبنان، ومرسلة إلى المعارضة السورية.

وشدد سليمان، خلال لقاء مع الصحافيين المعتمدين في القصر الرئاسي، على أنه «لا قواعد مسلحة في لبنان ضد سوريا، وليس هناك مسلحون يدخلون لبنان من سوريا، أما من يدخل من الفارين من دون سلاح فيصبح لاجئا»، لافتا إلى أن «التحقيقات مستمرة» في القضية. وقال سليمان إنه «لا مصلحة للبنان في التدخل في سوريا وتغليب فريق على آخر»، معتبرا أن سياسة «النأي بالنفس» التي تعتمدها الحكومة اللبنانية في الموضوع السوري «سياسة صالحة».

ووضعت سلسلة مواقف نيابية الادعاءات السورية في إطار «ممارسات النظام السوري في الالتفاف على الحقيقة والتغطية عليها، ومحاولاته الدائمة للإيحاء بأن أزمته مرتبطة بعوامل خارجية». وقال النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الاتهامات السورية «تندرج في سياق السياسة التي يبرع النظام السوري فيها، وتقوم على أن يرمي المسؤوليات على الآخرين في ما يحصل في الداخل السوري»، معتبرا أنه «منذ بداية الأزمة عمل على تصوير الوضع وكأن هناك من يسعى من الخارج لتحريك الوضع الداخلي».

ورأى أن «للنظام السوري اليوم مشكلة مع ذاته، تجعله غير قادر على سماع الرأي الآخر واحترام حريات الناس وحقهم في التعبير، لذلك فهو يزج بالمعارضين في السجون، ويقمع الثورة، ويسفك دماء المدنيين». ولاحظ أنه «أمام تفاقم الوضع الداخلي واتساع رقعة الثورة التي وصلت إلى حلب، يقوم النظام السوري مجددا برمي التهم على الآخرين، فلم يجد أمامه إلا المملكة وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي كانت سباقة في مطالبته بالاستماع لمطالب المتظاهرين ووضع حد للقتل والعنف». وانتقد الحجار «محاولة النظام السوري إنكار المساعدات الخيرة التي قدمتها المملكة لسوريا ولكل دولة عربية محتاجة»، مؤكدا أنه «لم يستغرب اتباع النظام سياسة النكران وعدم الاعتراف بالحقيقة، والتي من شأنها أن تأخذه في نهاية المطاف إلى نهايته المحتومة، ألا وهي سقوطه».

واتهم النائب مروان حمادة السفير السوري بأنه «تفوه بكلام غير مسؤول ومن مكان غير مألوف»، حين اتهم من وزارة الخارجية اللبنانية، السعودية بالوقوف خلف السفينة «لطف الله 2»، مشيرا إلى أن علي «اتهم المملكة العربية السعودية وقطر وأطرافا أخرى تقوم بأعمال إنسانية لرعاية النازحين السوريين، بأنها وراء قضية السفينة، وهذا كلام مردود».

ورأى حمادة أن ما صرح به سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان علي عواض عسيري «وضع النقاط على الحروف»، متمنيا لو «وُضعت النقاط على الحروف من قبل السلطات اللبنانية». وسأل «ألا تكفينا المصائب التي نتحملها من سوريا ليزاد عليها اعتداء على علاقات لبنان بقطر والسعودية»، لافتا إلى أن «المطلوب هو أن تصدر الحكومة تصويبا واضحا يضع علي في مكانه ويعيد الكلام إلى مصدره وإلى قائله». وطالب النائب في كتلة المستقبل عاطف مجدلاني «الحكومة بوضع حد لتجاوزات المفوض السامي (السفير السوري) في بيروت ومنعه من تعكير علاقات لبنان مع محيطه العربي، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي تعتبر واحدة من أهم وأبرز أصدقاء لبنان». وقال «ما دامت حكومة الأمر الواقع قد رفعت شعار النأي بالنفس عن الأزمة السورية، فإنها مطلوب منها على الأقل أن تطبق ما تنادي به وتمنع السفير السوري من تحويل وزارة الخارجية إلى منبر يستخدمه لكي يتهجم على دول صديقة للبنان».

ودعا الحكومة اللبنانية إلى «الطلب من وزير خارجيتها أن يصدر توضيحا يؤكد فيه أنه لا علاقة للبنان الرسمي بالاتهامات التي ساقها سفير النظام السوري ضد المملكة، وألا تكون الخارجية اللبنانية متورطة فعلا في هذه الاتهامات، وألا تكون تؤدي دورها في الدفاع عن النظام السوري على حساب المصالح اللبنانية، لأن هذه تهمة لا تشرف الخارجية ولا الحكومة برمتها، ولن نقبل أن تتعرض مصالح أهلنا في الداخل والخارج إلى الإضرار جراء سياسة التبعية التي تنتهجها حكومة السلاح وتفرضها على اللبنانيين».

وفي موازاة هذه المواقف، أعلن وزير الدفاع اللبناني فايز غصن أن «التحقيقات الجارية بشأن السفينة تحقق تقدما، وهي ستستمر وصولا إلى معرفة كل المتورطين والضالعين بهذه القضية ومعاقبتهم»، داعيا إلى «ترك التحقيقات تأخذ مجراها، وعدم إطلاق التكهنات والتحليلات». وأكد، في بيان أمس، أنه «من غير المسموح تمييع التحقيقات من خلال إدخالها في نفق القيل والقال»، مؤكدا أن «أي محاولة للتدخل في التحقيقات ومحاولة حرفها عن مسارها الصحيح سوف تبوء بالفشل ولن تمر».

وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ادعى على 21 شخصا بينهم عملاء جمركيون، وطاقم السفينة «لطف الله 2». والمدعى عليهم، وفق ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام»، في لبنان هم «13 سوريا، بينهم ثمانية موقوفون، وأربعة لبنانيين، بينهم ثلاثة موقوفون، ومصريان موقوفان، وهندي موقوف، وأربعة سوريين مجهولي باقي الهوية، وليبي مجهول باقي الهوية، وفاران لبناني وسوري من وجه العدالة»، وذلك بجرم «إقدام بعضهم بالاتفاق والاشتراك على شراء ونقل وشحن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر الحربية والمواد المتفجرة وتحميلها وشحنها من ليبيا إلى طرابلس في شمال لبنان، بهدف القيام بأعمال إرهابية، وإقدام البعض الآخر على التدخل في الجرم سندا إلى المادة 335 عقوبات، والمادتين 5 و6 من قانون 58/1/11، و72 أسلحة، وهي تنص على عقوبة الإعدام». وقد أحيل الادعاء إلى قاضي التحقيق العسكري الأول.