النيابة العسكرية تحبس 300 ناشط 15 يوما على ذمة التحقيق في أحداث العباسية

طنطاوي تقدم جنازة «شهيد» القوات المسلحة وتفقد الجنود الجرحى

المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر يزور أحد ضحايا أحداث العباسية بأحد مستشفيات القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

بينما قررت النيابة العسكرية بمصر أمس حبس 300 ناشط 15 يوما على ذمة التحقيق في أحداث العباسية بين متظاهرين مناوئين للمجلس العسكري الحاكم، وقوات من الشرطة، تقدم المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس، مشيعي مجند قتل في الاشتباكات التي اندلعت أول من أمس حو محيط مقر وزارة الدفاع شرق القاهرة. ورافق المشير طنطاوي في زيارته للجرحى رئيس أركان القوات المسلحة الفريق سامي عنان، وشملت الزيارة مصابي القوات المسلحة بمستشفى كوبري القبة العسكري، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة موجهة إلى القوى السياسية عن عزم المجلس «فرض هيبته».

وتفقد المشير طنطاوي أمس أيضا موقع الأحداث في ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع. وتقدم المشير أمس مشيعي المجند سمير أنور سمير الذي توفي متأثرا بطلق ناري في البطن في أحداث فض الاعتصام أمام وزارة الدفاع. وقدم طنطاوي العزاء لأسرة المجند، مؤكدا أن رجال القوات المسلحة لا يبخلون بأرواحهم في سبيل الوطن وأنهم يقومون بواجبهم تحت أي ظروف.

وقالت مصادر عسكرية إن حظر التجول الذي فرض أمس على منطقة العباسية ومحيط وزارة الدفاع من الساعة الحادة عشر مساء وحتى السابعة صباحا، سوف يستمر حتى صباح اليوم (الأحد).

إلى ذلك، قررت نيابة شرق القاهرة العسكرية حبس 300 ممن ألقي القبض عليهم خلال أحداث العباسية لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات. وكانت قوات الشرطة العسكرية والقوات الخاصة قد ألقت القبض على المتهمين يوم الجمعة الماضي، وتمت إحالتهم للنيابة العسكرية التي قررت حبسهم بعد العرض عليها أمس وإرسال الفتيات إلى سجن القناطر والرجال إلى سجن الاستئناف. وفي وقت لاحق من مساء أمس قالت مصادر من النيابة العسكرية إنه تم الإفراج عن الفتيات، فيما تجري التحقيقات مع العشرات من الشبان الآخرين.

وقال مصدر عسكري إن عناصر الجيش لم تقم بالقبض على أي فرد إلا بعد التحذير عبر كل الوسائل الإعلامية والمباشرة بالرجوع إلى حق التظاهر السلمي في ميدان التحرير وعدم محاولة اقتحام وزارة الدفاع باعتبارها رمزا وطنيا وعدم التعرض للقوات التي تقوم بتأمينها.

وتابع المصدر أن المتهمين يواجهون خمسة اتهامات، هي التعدي على إحدى مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة عملها، واستعمال القوة والعنف مع عناصر القوات المسلحة، وقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة، والتجمهر، والوجود في أماكن عسكرية.

وبدا الارتباك في صفوف الأحزاب السياسية التي خرجت تعليقاتها أقل حدة تجاه المجلس العسكري، لكن نشطاء مستقلين وقيادات ائتلافات شبابية وجهوا انتقادات عنيفة تجاه إجراءات المجلس العسكري، وحاولوا التضامن مع الموقوفين في مظاهرة احتجاجية أمس أمام النيابة العسكرية في ضاحية حي العاشر (شرق القاهرة)، تحولت لاشتباكات محدودة بين أهالي المتهمين والنشطاء من جهة وعناصر الشرطة العسكرية من جهة ثانية.

ووجه الشيخ حافظ سلامة وهو داعية إسلامي له مكانة بين قطاع من الناشطين، انتقادات حادة للقوات المسلحة، نافيا مزاعم عن ضبط السلطات سلاحا يخص الناشطين في مسجد النور الموجود قرب وزارة الدفاع في منطقة العباسية. وقال سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأخبار عارية تماما عن الصحة.. لم يكن هناك أي سلاح بالمسجد»، وتابع سلامة: «مسجد النور تابع لوزارة الأوقاف وبالتالي حتى لو كانت هناك أسلحة فالمسؤولية تقع على وزارة الأوقاف».

وأوضح سلامة أن الشرطة العسكرية هجمت على المتظاهرين في مسجد النور بعد صلاة العصر رغم إعطائهم الأمان بعدم الهجوم عليهم. وقال سلامة: «وعدوا بتأميننا لكنهم غدروا بنا وقاموا بالهجوم على المسجد بالأحذية، تماما كما فعل الجنود الفرنسيون في الأزهر قبل قرنين من الزمان».

في المقابل أعرب حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن اعتقاده بأن القوات المسلحة استخدمت القوة الجبرية وليس القوة المفرطة في فضها لاعتصام المتظاهرين أمام وزارة الدفاع، وقال حسني لـ«الشرق الأوسط»: «المتظاهرون حاولوا اقتحام منطقة عسكرية لا يمكن التهاون بشأنها وبالتالي للدولة ممثلة في القوات المسلحة الحق في الدفاع عن هيبتها ومبانيها خاصة أنها تواجه جموعا بلا عقل أو قيادة منظمة». وتابع: «القوة المفرطة تكون عند استخدام قوة أكبر من القوة المطلوبة في فض الاعتصام وهو ما لم يحدث.. والدليل عدم وجود قتلى أو شلالات دم».

ويعتقد حسني أنه من الوارد تأجيل الانتخابات الرئاسية حال تصاعدت الأمور مرة أخرى، قائلا: «هناك نذر غير مريحة لرغبة المجلس العسكري والتيارات الإسلامية في إفشال الانتخابات الرئاسية».

من جهته، قال خالد أبو بكر، الخبير القانوني، إن إحالة المتهمين بأحداث العباسية يكون للنيابة العسكرية في الأوضاع الطبيعية وفقا للقانون لأنها أحداث تتعلق بمبان ومؤسسات عسكرية، لكنه استدرك: «الجيش أساسا في الشارع ومن الطبيعي أن يحتك به المواطنون يوميا وبالتالي كان خطأ إحالتهم للنيابة العسكرية».

وقال أبو بكر لـ«الشرق الأوسط»: «ما حدث كان خطأ منذ البداية ولا يوجد أي وزارة دفاع في العالم يتم الاعتصام أو التظاهر أمامها.. والقانون أعطى لحرس السفارة إطلاق الرصاص الحي على من يهاجمها».

وأوضح أبو بكر أن القانون حدد أن يكون التعامل مع المتظاهرين أولا بالتحذير بمكبرات الصوت ثم برشاشات المياه ثم طلقات الرصاص في الهواء ثم الضرب على الأقدام».

ومن جانبها أعربت إنجي حمدي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، عن أن أحداث الأمس كانت رسالة من المجلس العسكري للقوى الثورية أنه بيده كل شيء ويمكنه فرض السيطرة وقتما شاء. وقالت إنجي: «ما حدث لا يمكن وصفه إلا بالمذبحة.. لقد كان قرارا بالقضاء على الثوار»، مستشهدة على ذلك بمطاردة القوات المسلحة للثوار في المناطق السكنية البعيدة عن وزارة الدفاع.

ونفت حركة 6 أبريل وجود أعضاء لها ضمن المعتقلين، لكنها قالت في بيان لها إن أربعة من نشطائها مختفون، قبل أن تعلن إنجي حمدي أن أحدهم عثر عليه فاقدا للوعي على الطريق الدائري قرب القاهرة.