الفرنسيون يحبسون أنفاسهم بانتظار الحسم الرئاسي اليوم

3 مفاتيح تؤثر على النتيجة.. وهولاند يريد بدء رئاسته سريعا إذا حالفه الفوز

الصورتان الرسميتان للمرشحين ساركوزي وهولاند كما بدتا معروضتين معا على جدار بباريس (رويترز)
TT

في الساعة الثامنة من مساء اليوم، ستظهر على شاشات التلفزيون الفرنسية صورة الرئيس الذي سيحكم فرنسا طيلة خمس سنوات جديدة. وحتى تلك اللحظة سيحبس الفرنسيون أنفاسهم، فيما يتوقع المراقبون أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة للغاية بعد دعوات التعبئة التي أطلقها مرشحا اليمين واليسار نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند.

وحتى آخر لحظة من ليل الجمعة - السبت، واصل المعسكران تعبئة أنصارهما في هذه الحملة التي كانت من بين الأعنف التي عرفتها البلاد منذ تأسيس الجمهورية الخامسة واعتماد الانتخابات الشعبية المباشرة وسيلة للتعرف على اسم الرئيس. وتبين العنف في المناظرة التلفزيونية بين ساركوزي وهولاند التي خرج منها الثاني منتصرا، وفق ما أفادت به استطلاعات الرأي، وأقر به أركان حملة ساركوزي أنفسهم.

غير أن القلق عاد ليغزو أرواح أنصار المرشح الاشتراكي في الساعات الأخيرة، بعد أن أفاد آخر باستطلاع للرأي نشرت نتائجه الساعة السادسة مساء الجمعة أن نسبة تقدم هولاند على منافسه اليمين تراجعت إلى حدها الأدنى منذ بدء الحملة الانتخابية وتقلصت إلى أربع نقاط (52 في المائة لهولاند و48 في المائة لساركوزي). ولذا، فقد شدد هولاند في آخر مهرجاناته الانتخابية على أن الانتصار «لم يحصل بعد» داعيا ناخبيه إلى التعبئة والتوجه إلى صناديق الاقتراع. وبالمقابل، فإن ساركوزي استمر في «نفخ» معنويات أنصاره راميا بآخر قواه في المعركة وواعدا إياهم بـ«مفاجأة كبرى» مساء الأحد.

ونقل أمس عن أحد أركان حملة ساركوزي الانتخابية أنه «لو توافر للرئيس المنتهية ولايته أسبوعان إضافيان لكان فوزه بالانتخابات مؤكدا»، في إشارة إلى نجاحه في الأسابيع الأخيرة في اللحاق بمنافسه الاشتراكي.

وفي أي حال، فإن كل طرف يهيئ سهرة اليوم في حال حالفه النجاح. وعلم أن اليسار عازم على الاحتفال بالنصر في ساحة الباستيل التي شهدت احتفال الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران بالنصر في 10 مايو (أيار) 1981. أما إذا حالف الحظ ساركوزي مجددا، فإن أنصاره سيتجمعون، كما في عام 2007، في ساحة الكونكورد التي تسيطر عليها المسلة الفرعونية. وأمس، وبسبب انتهاء الحملة الانتخابية رسميا، التزم المرشحان الراحة. اختار ساركوزي تمضية يوم أمس مع زوجته كارلا بروني وطفلتهما جوليا بينما اختار هولاند التوجه إلى دائرته الانتخابية في مدينة تول (وسط).

وأعيد التأكيد مجددا على ضرورة احترام القانون الذي يمنع نشر أي نتائج انتخابية قبل الساعة الثامنة مساء تحت طائلة الملاحقة والعقوبات. ولم تكن تحذيرات اللجنة العليا للانتخابات والنيابة العامة والهيئة العليا للوسائل السمعية والبصرية كافية لتردع بعض الوسائل الإعلامية من انتهاك القانون، وأولها وكالة الصحافة الفرنسية التي تمولها الدولة الفرنسية نفسها. وستغلق المراكز الانتخابية أبوابها في الساعة الثامنة مساء في العاصمة والمدن الكبرى وضواحيها، بينما تتوقف عملية التصويت في الأرياف والمدن المتوسطة الساعة السادسة أو السابعة. ويراد من منع الكشف عن النتائج قبل الثامنة تفادي التأثير على تصويت الناخبين الذين ينتخبون في وقت متأخر. ويبلغ عدد الناخبين في فرنسا وفي المناطق التابعة لها عبر البحار 46 مليون ناخب. وكان أول المقترعين ناخبو منطقة سان بيار ميكلون الواقعة مقابل الساحل الكندي الذين اقترعوا يوم أمس.

ويحلم هولاند بأن ينجح في إعادة اليسار إلى قصر الإليزيه الذي لم يدخله سوى رئيس اشتراكي وحيد هو فرنسوا ميتران. وخسر اليسار الانتخابات الرئاسية الثلاث، التي جرت منذ عام 1995. وبقي الرئيس شيراك طيلة ولايتين (من 1995 وحتى 2007). وإذا خسر ساركوزي المعركة اليوم فسيكون ثاني رئيس للجمهورية الخامسة يفشل في التجديد لولاية ثانية بعد فاليري جيسكار ديستان.

ويرى مراقبون أن هناك ثلاثة «مفاتيح» ستقرر مصير الجولة الثانية هي نسبة المشاركة ووجهة أصوات اليمين المتطرف ومصير أصوات الوسط. وبالنسبة للمشاركة يتوقع أن تزيد على ما كانت عليه في الدورة الأول حيث زادت قليلا على 70 في المائة. أما بالنسبة لتصويت الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم لصالح مرشحة اليمين المتطرف وزعيمة الجبهة الوطنية، فإن استطلاعات الرأي أفادت بأن ساركوزي قد يحصل ما بين 57 و60 في المائة منها في حين ستذهب نسبة 20 في المائة من الأصوات لصالح هولاند والنسبة المتبقية ستمتنع عن التصويت. وكانت لوبن قد أعلنت أنها شخصيا ستمتنع عن التصويت. لكنها تركت لناخبيها حرية الاقتراع لمن يرغبون. غير أن أركان اليمين المتطرف يراهنون على خسارة ساركوزي الأمر الذي سيخدمهم سياسيا لأنه يعني تفكك حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني (الحاكم) واحتمال قيام أحلاف انتخابية مع الجناح اليميني المتشدد داخله.

وبالمقابل، فإن مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي حاز على أقل من 10 في المائة من الأصوات، فقد فاجأ ناخبيه وأنصاره بإعلانه أنه «شخصيا» سيصوت لصالح هولاند، مما دفع اليمين إلى اتهامه بالخيانة وفتح النار عليه واعتبر أن خياره «غير منسجم مع قناعاته».

وهكذا، يتوجه الناخبون اليوم إلى صناديق الاقتراع مشدودي الأعصاب. لكن نهاية هذه الانتخابات لا تعني أنهم ارتاحوا من السياسة والاقتراع، إذ إن الانتخابات التشريعية مقبلة في يونيو (حزيران). وبأي حال، فإن هولاند راغب، وفق ما نقل عن أركان حملته، في حال انتخابه أن تتم عملية التسلم والتسليم سريعا وعدم الانتظار حتى 16 الحالي موعد انتهاء رئاسة ساركوزي رسميا. ويبدو الفرنسيون موافقين على هذه الجزئية، لأنهم يعلمون أن التحديات التي تنتظره لا تحتمل التأجيل.