اليونان: انتخابات حاسمة اليوم قد تقضي على الحزبين الرئيسيين

ألمانيا تدعو أثينا لتحمّل مسؤوليتها إذا جاء الاقتراع بفائزين يرفضون التزامات الديون

رجلان يسيران أمام صور انتخابية لزعيم حزب «اليسار الديمقراطي» فوتيس كوفيليس في أثنيا أمس (أ.ب)
TT

يتوجه اليونانيون إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات تشريعية يعتبرها محللون حاسمة وقد تشهد انهيار الحزبين الكبيرين التقليديين وبروز الأحزاب المتطرفة بقوة، مما يثير مخاوف من شلل البلاد والتشكيك في جهود التقشف لضمان بقائها في منطقة اليورو. ودعي أكثر من 9 ملايين ناخب لاختيار 300 نائب، بينما يهيمن الغموض حول النتائج، خصوصا بعد تزايد السخط الشعبي على الحزبين الكبيرين الاشتراكي والمحافظ اللذين حكما البلاد سنوات طويلة مضت وتسببا في وصول البلاد إلى وضعها الراهن.

وفي اليوم الأخير للحملة الانتخابية، جاء التحذير من ألمانيا الحريصة على احترام أثينا لالتزاماتها التي تفرض عليها، خصوصا اتخاذ تدابير جديدة في شهر يونيو (حزيران) المقبل لتوفير 11.5 مليار يورو في خلال سنتين. وقال وزير المالية الألماني فولفانغ شوبل في كلمة بكولونيا بحسب وسائل الإعلام اليونانية: «إذا صوت الناخبون اليونانيون لغالبية لا تفي بهذه الالتزامات، ستتحمل اليونان العواقب». وشدد على أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي «عمل طوعي»، في حين تتوقع استطلاعات الرأي أن يصوت نصف الناخبين اليونانيين تقريبا للأحزاب الصغيرة التي ترفض إملاءات التقشف أكانت من أقصى اليسار أو من أقصى اليمين.

إلا أن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يشترطان احترامها لمواصلة دعمهما لهذا البلد الذي يواجه من دون ذلك الإفلاس، مما قد يؤدي إلى ترنح العملة الواحدة. كما حذرت المؤسسة المالية الدولية (أي أي إف) شريكة أثينا لإعادة هيكلة الديون اليونانية، أول من أمس، من هيمنة التكتل الرافض لسياسة التقشف الذي تقدره بـ «60 في المائة من الأصوات أو أكثر»، مما «سيجعل من الصعب قيام ولاية شعبية واضحة لدعم تصحيح الميزانية والإصلاحات».

ويترافق هذا الرفض لمهندسي خطة التقشف المحليين، حزب باسوك الاشتراكي الذي يتوقع أن يخسر أكثر من نصف الـ44 في المائة من ناخبيه في 2009، وحزب الديمقراطية الجديدة المحافظ الذي لن يعطيه فوزه المتوقع بنحو 25 في المائة الحكم، مع كره كبير لأوروبا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع اليونانيين لم يعودوا يدعمون اليورو.

وعنونت صحيفة «أثنوس» (شعبية اشتراكية) أمس «القرار الكبير» في انتظار الناخبين: «اليورو والاستقرار أو دولة على شفير الهاوية»، مستعيدة التساؤل الذي طرحه الزعيم الاشتراكي إيفانغيلوس فينيزيلوس الذي أقام مساء أول من أمس تجمعه الانتخابي الأخير في أثينا. ولفتت صحيفة «اليفثيروس تيبوس» الناطقة باسم «الديمقراطية الجديدة» إلى «الحاجة لاستقرار» البلاد.

لكن الصحيفة التي هي في قطيعة مع الزعيم المحافظ أنتونيس ساماراس الذي استبعد حتى الآن أي تعاون مع باسوك مهددا بإجراء انتخابات إن لم يحصل على «ولاية قوية للحكم بمفرده» - تحدثت عن سيناريو ائتلافي نظرا إلى «تهديد بروكسل بقطع القروض (الموعودة) في غياب حكومة قوية ومستقرة».

وما زالت البلاد تنتظر 160 مليار يورو بحلول عام 2015، إضافة إلى 98 مليارا حصلت عليها منذ مايو (أيار) 2010. ولن يكون أمامها متسع من الوقت لإيجاد سلطة تنفيذية قبل عودة الترويكا من ممثلي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي التي تراقب تصحيح ماليتها، في منتصف مايو الحالي، حيث سيتعين أيضا إرسال ممثل إلى اجتماع مجموعة اليورو. وذكر صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع أن «شيئا لم يتغير» بينما سيطلب من الحكومة، «تحقيق الأهداف الرئيسية» للنهوض التي وافق عليها «باسوك» و«الديمقراطية الجديدة» منذ تحالفهما في حكومة أزمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وإذا كان فينيزيلوس، (55 عاما)، يدعو إلى مهلة إضافية لعام، ويعارض ساماراس، (61 عاما)، حجم التدابير واعدا بتخفيض الضرائب، فإن ما يتقرر في صناديق الاقتراع اليوم ليس إرادتهما بقدر ما هي قدرتهما على فرض التضحيات الجديدة المطلوبة. وحتى في حال قبول «الديمقراطية الجديدة» في نهاية المطاف باتفاق مع الاشتراكيين، فإنها الصيغة الوحيدة الضامنة لائتلاف يحظى بالغالبية بحسب التوقعات. وبموجب الدستور، فإن أمام البلاد عشرة أيام لحسم الموقف.

وأبدى ممثلون عن أحزاب صغرى تفاؤلا بالفوز. وقال يانيس بورونوس، عضو اللجنة المركزية للحزب التقدمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعتقد أن الحزب التقدمي هو الأمل الوحيد للشعب اليوناني لتشكيل حكومة يسارية، وإلغاء مذكرة الدائنين وقيادة الشعب والبلاد إلى مرحلة جديدة وإنقاذ المرتبات والأجور والمعاشات وتأمين مستقبل الشباب.

وأوضح وزير الداخلية تاسوس يانيتسيس أن عمليات عد الأصوات سيقوم بها برنامج كومبيوتري يوناني وشركة خاصة للخدمات بتكلفة 2.5 مليون يورو، مقارنة مع 3 ملايين يورو في عام 2009. كما خفضت الحكومة التكلفة الإجمالية لهذه الانتخابات بنسبة 20 في المائة مقارنة بالانتخابات الماضية بسبب الأزمة المالية، لتصل التكلفة الإجمالية 60 مليون يورو.