ثوار الداخل يشكلون البرلمان السوري المؤقت

نص على تكليف «ضابط أو شخصية عسكرية» بتشكيل قيادة أركان داخل الأراضي السورية

TT

أصدر الثوار السوريون بالداخل بيانا أعلنوا من خلاله عن تشكيل «البرلمان السوري المؤقت». وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن هذه المبادرة جاءت «تلبية للإرادة الشعبية، ولملء الفراغ الدستوري الحاصل بعد أن أسقطت الثورة السورية شرعية دولة الاحتلال الأسدي، فقد أعلن الثوار داخل سوريا اليوم (6 مايو/ أيار 2012) عن تشكيل البرلمان السوري المؤقت، بهدف إنشاء مظلة سياسية دستورية تُمسك زمام الثورة وتُدير الأزمة التي أوجدها الاحتلال الأسدي سياسيا وعسكريا، وإنشاء جيش تحرير وطني (مؤسسة عسكرية) يقوم بتحرير سوريا من هذا الاحتلال، بالإضافة إلى بناء مؤسسات الدولة المدنية بشكل عملي داخل سوريا وليس مجرد تصورات ووعود».

وتقوم المبادرة حسب البيان على استنساخ أول تجربة ديمقراطية - رسخت في أذهان الشعب السوري - والمتمثلة في الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي وتأسيس أول برلمان سوري، وبشكل يحاكي تجربة الآباء المؤسسين في الأربعينات من القرن الماضي.

وتم ترشيح أعضاء البرلمان من نشطاء الداخل فقط، عن طريق التنسيقيات والتكتلات السياسية والشعبية، وقد مُثّلت كل محافظة تبعا لبرلمان عام 1943 الذي شُكّل في ظل الاحتلال الفرنسي آنذاك وكان تعداده 120 نائبا. وبعد أن تم تشكيل البرلمان وعقد أول اجتماع له اتُّخذت عدة قرارات أهمها إلغاء الدستور الحالي وإعادة العمل بدستور عام 1950 والذي هو في الأصل «دستور الاستقلال»، مع الأخذ بعين الاعتبار أن دستور الاستقلال هو ما أجمع عليه الثوار وأبناء الوطن، وعمل عليه نخبة من خيرة المثقفين وذوي الخبرة لسنوات طويلة.

ونص البيان على وقف العمل مؤقتا بمواد الدستور التي تعطي الصلاحيات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتُعطى الصلاحيات للبرلمان كونه صاحب السلطات في حالة الفراغ الدستوري. ويتم تشكيل مجلس الدفاع الوطني طبقا لدستور الاستقلال والذي ستكون إحدى مهامه تشكيل قيادة أركان داخل الوطن تعمل على إنشاء جيش تحرير وطني لحماية المدنيين ومكتسبات الوطن وبسط سلطة القانون على الدولة والعمل على إجلاء الاحتلال عن مراكز القرار في الدولة.

كما نص البيان على حل حزب البعث، وإعادة جميع ممتلكاته للدولة، وإحالة قياداته إلى القضاء للمحاكمة على ما اقترفوا من قتل وتنكيل وتشريد وغيرها من الجرائم لمن تثبت إدانته. كذلك تكليف «ضابط أو شخصية عسكرية» بتشكيل قيادة أركان داخل الأراضي السورية، وتُعرض على البرلمان للموافقة عليه، بحيث تكون القيادة تابعة للجنة الدفاع الوطني.

ويطالب البرلمان منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكل الدول والهيئات بأن تعترف به وتدعم جهود الشعب السوري لنيل الحرية والاستقلال. كما سيعمل البرلمان حسب البيان الذي أصدره على «إسقاط شرعية دولة الاحتلال الأسدي والحث على زيادة الضغط الدولي بما يؤدي إلى الانهيار (الدراماتيكي) المتمثل بانشقاقات في الجيش خاصة بعد أن بدأ تشكيل جيش التحرير الوطني. كما ستشهد البلاد هروبا لكثير من الشخصيات التي يعتمد عليها هذا الاحتلال في سياسته الداخلية، وسيبدأ انتقال الأشخاص من ضفة الاحتلال إلى ضفة الثورة، وستخرج الأغلبية الصامتة عن صمتها لوجود جهة قوية تحفظ كيان الدولة وحقوق الجميع فتنحاز لها».

وسيشكل البرلمان اللجان التنفيذية التابعة له والتي ستكون بمثابة نواة لوزارات دولة الاستقلال الثاني. إحدى هذه اللجان هي لجنة السياسات الخارجية وستُمثل بنسبة 70 في المائة لنشطاء ومعارضة الخارج (تنسيقية الخارج)، مقابل 30 في المائة للداخل، وستكون هذه اللجنة بمثابة الذراع السياسية للتعامل مع الخارج، مهمتها شبيهة بمهمة وزارة الخارجية ولها حرية العمل تحت سقف الدستور وموافقة البرلمان. كما سيتم تشكيل لجنة مالية مهمتها جمع التبرعات لبناء الجيش ودعم الثورة واستعادة أموال السوريين المحتجزة في الخارج بالتعاون مع اللجان المعنية.

أما اللجنة القانونية فستكون أيضا ممثلة بـ70 في المائة من تنسيقية الخارج و30 في المائة للداخل، مهمتها متابعة قرارات البرلمان والتأكد من دستوريتها، كما أنها معنية بمتابعة الأمور القانونية المتعلقة بملاحقة أركان الاحتلال الأسدي وكذلك مساعدة المهجرين والمغتربين على الاضطلاع بحقوقهم القانونية ومساعدتهم في أماكن وجودهم من حيث تقديم المشورة والنصح ضمن قواعد القانون الدولي والقوانين المحلية في أماكن إقامتهم.

وحول كيفية التعاون بين البرلمان والتكتلات السياسية والشعبية الموجودة على الساحة، قال البيان إن «البرلمان كفكرة نواة لدولة المستقبل، ويكرس من شكل القادم لطمأنة الأقليات والإقليم والعالم على أن سوريا المستقبل ستكون دولة تشاركية لكل أبناء الوطن، كذلك فإن البرلمان ككيان سياسي لا يستطيع العيش بمفرده بمعزل عن التكتلات الموجودة على الساحة الداخلية والخارجية، لذلك فإنه ينتعش دوره وتعزز إمكانياته بهذا التنوع ويعمل بآلية تشاركية تكون شبيهة بالصمغ الذي يجمع الأجزاء تحت سقف الدستور».

وأكد البيان أنه تم عرض فكرة البرلمان على كل التشكيلات الموجودة على الساحة طالبين من هذه التشكيلات المشاركة بإنشاء البرلمان على أسس وطنية مستقلة تعبر عن احترامهم للدستور والقانون، بغض النظر عن الصفة الحزبية أو الطائفية للمشاركين مهما كان الحزب الذي ينتمون له، وبمعزل عن معتقدات طوائفهم، لأن الهدف هو تعزيز العمل الوطني بجهود تشاركية تساعد على تجاوز الخلافات التي ستنشأ بعد الاستقلال والتي حاول الاحتلال الأسدي تكريسها خلال الثورة، وكخطوة استباقية لكل التصورات المظلمة التي يمكن أن يقع بها الشارع السياسي بين آيديولوجيات دينية أو عرقية أو فكرية.