نقل 10 من الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام إلى المستشفيات

تقدم نحو تحقيق نصف مطالبهم.. وقراقع دعا من القاهرة لنقل قضيتهم إلى الأمم المتحدة

طبيب يفحص فلسطينيا داخل خيمة في غزة لمضربين عن الطعام تضامنا مع الأسرى المعتقلين في السجون الاسرائيلية (رويترز)
TT

في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن تقدم في المفاوضات بين مصلحة السجون الإسرائيلية وممثلي الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، حول نصف قائمة مطالبهم، أفاد مصدر مسؤول في السجون بأن عدد الأسرى المضربين الذين تدهورت حالتهم الصحية بلغ عشرة، وأن ثمة خطرا فعليا على حياة عدد منهم.

دعا الأسرى إلى أوسع حملة تضامن معهم، مؤكدين أن هذا يشكل مصدرا أساسيا لصمودهم، ووجهوا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، يذكرونه وسلفه كوفي أنان، بأنهما أسمعا صوتيهما بقوة لنصرة الجندي الأسير جلعاد شاليط، ووصلا إلى المنطقة خصيصا للاهتمام بأمره، «بينما نحن نحو 5 آلاف أسير نعاني الأمرين من عسف السلطات الإسرائيلية، ولم نسمعكم تقولون شيئا لإسرائيل بشأننا»، كما جاء في الرسالة.

من جهة ثانية، باشرت منظمة «أطباء لحقوق الإنسان» في إسرائيل رفع سلسلة دعاوى إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية بشأن الأسرى المرضى، وأولهم الأسير بلال ذياب المضرب عن الطعام منذ 68 يوما، والذي انهار خلال البحث في المحكمة. وجاء في التماس المنظمة، أنه «بعد مرور 68 يوما من الإضراب عن الطعام، أصبح وضعه (بلال) الصحي في خطر، ويستوجب زيارة فورية لطبيب خارجي مستقل، والسماح لأفراد عائلته بزيارته والبقاء إلى جانبه». وقد تم إرفاق الدعوى بتقرير من النائب العربي في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الدكتور أحمد الطيبي، الذي كان شاهدا على انهياره. وقد أمر قاضي المحكمة العليا، اليكيم روبنشتاين، في حينه، بأن يقدم له الطيبي (وهو طبيب في الأصل)، علاجا أوليا، لكن حراسه رفضوا الانصياع لأمر القاضي. فغضب القاضي وأصدر أمرا باستدعاء قائد مصلحة السجون ومحاسبته على تحقير المحكمة. وقال الطيبي في تقريره، إن ضغط الدم لدى بلال كان 80 - 108، والنبض 48 في الدقيقة، ودرجة حرارته التي تم قياسها مرتين من قبل مضمد مصلحة السجون كانت 35 درجة!! وكلامه بطيء وتكلم بصعوبة بالغة. وكان يشكو من برودة في جميع أنحاء جسمه، وبدا شاحبا جدا وهزيلا. ووفقا لأقواله، خسر 20 كيلوغراما من وزنه. وقال إنه لا يكاد يشعر بقدميه، وبالكاد كان لديه رد فعل لقرص قدميه. وأضاف: «لقد أوصيت بنقله فورا إلى المستشفى بسبب الخطر على حياته. وعلمت بأنه توقف عن تلقي سائل بالوريد (انفوزيا)، الأمر الذي بلا شك سيزيد خطر وفاته، ويجب إقناعه بمعاودة تلقي السوائل (وهو يعرف أن ذلك لا يكسر الإضراب عن الطعام)».

من جهتها، أفادت مصلحة السجون بأن عدد المشاركين في الإضراب بلغ 1600، منذ 17 أبريل (نيسان) الماضي. بينما تقول قيادة الإضراب إن عددهم بلغ 2000، وإذا لم تتجاوب مصلحة السجون مع مطالبهم، فإن بقية الأسرى (البالغ عددهم الإجمالي 4600 أسير) سينضمون للإضراب.

وأفادت إحدى منظمات الدفاع عن الأسرى، المطلعة على المفاوضات بين الأسرى ومصلحة السجون الإسرائيلية، بأن إسرائيل تجاوبت مع نحو 50% من مطالب الأسرى، ولكن هناك أمورا أساسية ما زالت عالقة، ومن دون تسويتها لن يتوقف الإضراب. وأضافت أن صمود الأسرى من جهة ورفع مستوى التضامن العربي والدولي مع الإضراب من جهة أخرى، كفيل بتجاوب السلطات الإسرائيلية مع بقية المطالب.

المعروف أن المضربين يطالبون عمليا بإعادة أوضاعهم إلى ما كانت عليه قبل أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وقد كان من المفروض أن يستعيدوا هذه الأوضاع بعد إطلاق سراح شاليط، لكن مصلحة السجون رفضت ذلك، بل بدا أنها بعد أن أطلقت سراح 1073 أسيرا قررت أن تنتقم من بقية الأسرى، فأعلن هؤلاء إضرابا مفتوحا عن الطعام لإجبار إسرائيل على التراجع عن موقفها. وحسب ذلك المصدر، فإن إسرائيل تراجعت عن نصف مواقفها. فوافقت على:

أولا: زيارة أسرى غزة، حيث أكد (الشباك)، أنه لا مانع لديه من زيارة أهالي أسرى غزة أبنائهم على شكل مجموعات وبشكل غير منتظم، وذلك لعدم وجود تنسيق مع حكومة غزة، مؤكدا أن التنسيق لزيارات أهالي غزة سيكون عبر الصليب الأحمر الدولي ومنسق أعمال الإدارة المدنية الإسرائيلية في المناطق المحتلة، وهيئة الشؤون المدنية الفلسطينية.

ثانيا: العزل الانفرادي، حيث إن هناك 19 أسيرا يعيشون في زنازين ضيقة ولا يشاهدون آدميين. وقد ظهرت بداية انفراج في هذه القضية، تتمثل في تشكيل لجنة دائمة من الاستخبارات والشاباك والأسرى، على أن تعقد اجتماعا لها مرة كل شهر. كما يتم التعهد بإدخال جزء من المعزولين إلى داخل الأقسام، وجزء آخر إلى غرف مغلقة تسمى «شمور».

ثالثا: إعادة بث 3 فضائيات جديدة إلى داخل غرف الأسرى، هي «أبوظبي - أخبار»، و«إم بي سي 2»، و«روتانا سينما».

رابعا: زيادة مخصص الوزارة من 300 إلى 400 شيقل (الدولار يساوي 3.75 شيقل)، شهريا.

خامسا: مرافقة «البوسطة» (سيارة نقل الأسرى من سجن إلى سجن ومن السجن إلى المحكمة) بسيارة إسعاف ونقل الأسرى المرضى بسيارات إسعاف.

سادسا: توسيع نطاق المشتريات داخل السجون، وتطوير أمور الأسرى الحياتية داخل السجون.

تجدر الإشارة إلى أن فلسطينيي 48 (المواطنون العرب في إسرائيل)، يصعدون من تضامنهم مع الأسرى بالمزيد من النشاطات الجماهيرية. وقد نظموا يومي أمس وأول من أمس، مسيرات تجوب البلاد بالسيارات رفعوا خلالها العلم الفلسطيني، وتحدثوا عن قضية الأسرى. وعقد مهرجان كبير في كفر كنا (قرب الناصرة) لنصرتهم، أكد فيه قادتهم من جميع الأحزاب الوطنية، أن قضية الأسرى ستصبح قضيتهم الأولى حتى يحقق الإضراب أهدافه. وحذروا السلطات الإسرائيلية من خطر وفاة أي أسير.

وفي القاهرة، دعا وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين، عيسى قراقع، من على منبر الجامعة العربية، في اجتماع طارئ على مستوى المندوبين أمس، إلى تدويل قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذهاب بها إلى الأمم المتحدة. واستعرض الوزير قراقع معاناة الأسرى والمعتقلين، مطالبا بضرورة البدء فورا في تكليف المجموعة العربية في نيويورك، بدراسة تقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار لطلب رأي استشاري من محكمة العدل العليا في لاهاي، حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، وفقا لأحكام القانون الدولي ذات الصلة، وتحديد مسؤولية دولة الاحتلال والمجتمع الدولي تجاههم. وطالب قراقع الذي يزور مصر حاليا، بتشكيل لجنة تحضيرية لتنفيذ قرار مجلس الجامعة على مستوى القمة وعلى المستوى الوزاري، لعقد مؤتمر دولي تحت رعاية جامعة الدول العربية حول قضية الأسرى. وأقترح أن يكون ذلك يوم التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.

وأضاف أنه ينبغي التأكيد مجددا على طلب توصية من الأمم المتحدة لإرسال لجنة دولية للتحقيق ولتقصي الحقائق حول الأوضاع في سجون الاحتلال، وفحص مدى التزام إسرائيل بأحكام وقواعد القانون الدولي.

كما أكد ضرورة اتخاذ قرارات سياسية لإعادة النظر في أي اتفاقيات تجارية أو اقتصادية أو سياحية أو علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل في ظل استمرار انتهاكاتها حقوق الأسرى، وللضغط للاستجابة لمطالب الأسرى المشروعة وحقوقهم الإنسانية العادلة.