غوانتانامو: تأجيل محاكمة مرتكبي هجمات سبتمبر إلى 12 يونيو

بعد جلسة استمرت 13 ساعة التزم فيها المتهمون بالصمت

TT

أجلت محكمة أميركية تنظر في قضية هجمات 11 سبتمبر (أيلول) جلساتها إلى 12 يونيو (حزيران) المقبل، بعد جلسة افتتاحية كان من المقرر لها أن لا تستغرق أكثر من دقائق معدودة، ولكنها استمرت 13 ساعة بسبب الأسلوب المتبع من قبل المتهمين الخمسة، وعلى رأسهم العقل المدبر المفترض للهجمات، خالد شيخ محمد. ولزم الرجال الخمسة الذين ارتدى كل منهم جلبابا أبيض واعتمر قلنسوة من اللون نفسه، الصمت طوال النهار وهم جالسون في قاعة المحكمة تفصل بين الواحد والآخر مسافة غير قصيرة. وفي ختام جلسة استمرت أكثر من 13 ساعة، وجهت إلى الأشخاص الخمسة تهمة قتل كل فرد من الضحايا الـ2976 في هجمات 2001 في الولايات المتحدة.

ويواجه خالد شيخ محمد الباكستاني البالغ من العمر 47 عاما الذي أعلن نفسه الرأس المدبر لتلك الاعتداءات بكاملها وقريبه علي عبد العزيز علي الذي يحمل الجنسية نفسها، إضافة إلى اليمنيين رمزي بن الشيبة ووليد بن عطاش والسعودي مصطفى الهوساوي، عقوبة الإعدام. وقد وجهت إليهم تهمة «التآمر والاعتداء على مدنيين والجرح العمد والقتل وانتهاك قانون الحرب والتدمير وخطف طائرات والإرهاب»، حسب ما أعلن المدعي الجنرال مارك مارتنز. ولم يعلنوا ما إذا كانوا يعترفون بذنبهم أو يدفعون ببراءتهم. وانتهت الجلسة مع تلاوة نص الاتهام الواقع في 88 صفحة. وجلس الرجال الخمسة في قاعة هذه المحكمة العسكرية الاستثنائية التي أنشئت خصيصا لمحاكمتهم، أول من أمس وقد أمضوا النهار بطوله وعيونهم شاخصة إلى الأسفل، لكنهم يميلون بين الحين والآخر ليتهامسوا. وراح بعضهم يقرأ في كتاب هو على الأرجح القرآن الكريم أو يتبادلون مجلة «ذي إيكونوميست». ونهض اثنان منهم ثم ركعا لتأدية الصلاة مما أدى إلى توقف الجلسة. وقرر القاضي العسكري مرتين تعليق الجلسة لصلواتهم مؤكدا أن ذلك «حق لا يمكن انتهاكه».

وقد اضطر القاضي العسكري جيمس بول إلى أن يردد مرارا وتكرارا عبارة: «المتهم يرفض الإجابة»، وذلك بعد كل مرة كان يوجه فيها السؤال إلى أحد المتهمين طالبا منه التعريف بنفسه. وحده اليمني رمزي بن الشيبة كسر الصمت للاحتجاج على المعاملة التي تلقوها أثناء احتجازهم في سجن سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ومنذ نقلهم إلى غوانتانامو. وصرخ فجأة أمام المحكمة: «إن عهد القذافي قد ولى، لكن هناك قذافي هنا»، قبل أن يضيف «ستقومون بقتلنا لتقولوا بعدها إننا قد انتحرنا».

وشهدت الجلسة التي عقدت في قاعدة غوانتانامو الأميركية بكوبا وظهر فيها المتهمون للمرة الأولى منذ عام 2008، مفارقات عديدة عطلتها لأكثر من مرة، بعدما التزم شيخ محمد الصمت رافضا التحدث للمحكمة، بينما كان رمزي بن الشيبة يصرخ قائلا إن المتهمين «عرضة للقتل».

ودخل المتهمون إلى القاعة بشكل عادي، باستثناء بن عطاش، الذي اقتيد إليها وهو مقيد على كرسي مدولب، دون أن يتضح سبب ذلك، كما قام قبل نهاية الجلسة بخلع قميصه أمام الجميع لإظهار جراح قالت محاميته إنه تعرض لها خلال اعتقاله، ولكن القاضي منعه من ذلك، مهددا بطرده من القاعة.

وبعد ذلك بفترة، قام بن عطاش بصنع طائرة من ورق، ووضعها على المايكروفون المخصص له، ولكن المحكمة أمرت في وقت لاحق بإزالتها بعد أن اعترض المترجم بحجة تأثيرها على الصوت.

وخلال فترات الاستراحة، تبادل المتهمون الأحاديث، كما تداولوا نسخة من صحيفة «ذا إيكونوميست».

وظهر خالد شيخ محمد بلحية طويلة يغلب عليها اللون الأحمر الناتج عن الحناء، وقد بدا أكثر نحافة من المرة الأخيرة التي شوهد فيها علنا.

وتجاهل المتهمون المحكمة تماما خلال الجلسة، وظهر أن بعضهم كان يقرأ دون أن يهتم بما يحصل من حوله، مما عطل جهود القاضي العسكري الذي كان يحاول سؤالهم حول مدى قبولهم بالمحامين الذين يمثلونهم.

وخلال الجلسة، قام بن الشيبة وبن عطاش بأداء الصلاة، وعادا بعد ذلك لالتزام الصمت طوال ساعات، قبل أن يصرخ بن الشيبة قائلا للقاضي باللغة الإنجليزية: «قد لا ترانا بعد اليوم.. سيقومون بقتلنا».

وعلق الأميرال دونالد غوتر، الذي سبق له أن شغل منصب كبير المحامين في قوات البحرية الأميركية، على وقائع الجلسة بالقول: «لقد سبق لي أن تحدثت مع بعض الناس الذين كانوا يعتقدون بأن السيرك سينطلق مع أولى جلسات المحاكمة».

وتشير الاتهامات إلى أن الخمسة متهمون بـ«تخطيط وتنفيذ هجمات سبتمبر في نيويورك وواشنطن وسكانسفيل، مما أدى إلى مقتل 2976 شخصا، وارتكاب أفعال إرهابية والتآمر على خرق قانون الحرب وخطف طائرات ومهاجمة مدنيين والتسبب بجراح عن قصد وتدمير ممتلكات». وكانت الجلسة قد واجهت قبل بدايتها جملة تحديات، أبرزها قضية الترجمة؛ إذ قال المحامي الموكل بالدفاع عن شيخ محمد إن موكله يرفض التحدث إلى المحكمة أو الرد على أسئلتها، وفي حال حصول هذا الأمر فلن يتمكن القضاة من التأكد من أن المتهمين يتمكنون من سماع الترجمة.

وقد جرى عرض اقتراح بوضع مكبرات صوت في القاعة كي يتم التأكد من أن الترجمة مسموعة، ولكن بعض المحامين اعترض على هذا الإجراء.

وكانت الولايات المتحدة قد وجهت في 5 أبريل (نيسان) الماضي اتهامات رسمية إلى شيخ محمد ورفاقه، في خطوة جاءت بعد سنوات من اعتقالهم، وقد تؤدي إلى صدور أحكام بالإعدام بحقهم في حال إدانتهم.