«لمسة دينية» تطغى على انتخابات البرلمان الجزائرية في نهاية الحملة

الجزائريات يترشحن بقوة القانون

نصيرات رئيس الوزراء الجزائري والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى يحملن العلم الوطني خلال حملة الانتخابات التشريعية في الجزائر أمس (إ.ب.أ)
TT

ابتعدت انتخابات البرلمان الجزائري التي ستجرى الخميس المقبل، عن إطارها السياسي ليغلب عليها الجانب الديني، تجلى في «فتاوى رسمية» وأخرى غير رسمية تصف الانتخاب بمثابة «شهادة لا يجوز كتمانها». في مقابل ذلك، يقول رأي ديني آخر إن الانتخاب موقف يبنى على حرية الاختيار، بين التصويت والعزوف عنه.

انتهت حملة انتخابات البرلمان أمس (الأحد)، بخروج قادة الأحزاب الـ44 المشاركة في المنافسة لإقناع الجزائريين بوعودهم. ولوحظ بروز «لمسة دينية» على الانتخابات منذ انطلاق الحملة قبل ثلاثة أسابيع، المغزى منها الدفع إلى التصويت بأعداد كبيرة يوم الخميس، والرد على جزء من المعارضة التي تدعو إلى مقاطعة الاستحقاق.

وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبدالله غلام الله، للإذاعة الحكومية، إن «المتخاذلين هم من يدعون إلى المقاطعة وهم منافقون ولا يصح أن يبنى بهم المجتمع، ولا تستطيع أن تعقد شراكة مع المنافق. والغياب عن الانتخاب ليس موقفا، وإنما هو تهرب من المسؤولية لا يليق بالإنسان الذي يحترم نفسه». وبدا الوزير متشددا حيال دعاة ما يعرف اختصارا بـ«المقاطعة».

وأوضح الوزير غلام الله بأن الانتخاب «واجب قبل أن يكون حقا، وهو يدخل في إطار طاعة ولي الأمر الذي دعا الشعب للانتخاب وأداء الشهادة التي تحدث عنها القرآن، في قوله تعالى (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ)». ويعتبر حديث غلام الله بمثابة فتوى لا تجيز العزوف عن الانتخابات. يشار إلى أن غلام الله ينتمي إلى حزب الوزير الأول «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يخوض المعترك الانتخابي.

وعن إقحام أئمة المساجد في الحملة التي تقودها السلطات، في اتجاه حث الجزائريين على التوجه بكثرة إلى صناديق الاقتراع، قال الوزير: «من الطبيعي أن يكون موقف المسجد في الجزائر متناغما مع موقف الدولة الجزائرية». وأضاف: «المواطنون مطالبون بالقيام بواجبهم الانتخابي.. إن الانتخاب واجب تجاه الدولة التي يعيشون فيها». وذكر الوزير أن الأئمة «مدعوون إلى التشجيع على التصويت دون توجيه الناخبين نحو مرشح معين أو حزب معين». وكشف عن أن الوزارة أبعدت إماما عن المنبر إلى ما بعد الانتخابات، بذريعة أنه استقبل مترشحا في المسجد ورحب به. وفهم من ذلك، حسب غلام الله، أنه يدعم ترشحه ويدعو ضمنا إلى التصويت عليه.

وكان الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، المدرس بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، دعا مطلع الشهر إلى «المشاركة المكثفة في الانتخابات من أجل صنع مستقبل زاهر وتفويت الفرصة على المتربصين بالجزائر». وقال في رسالة إلى الجزائريين، نقلتها وسائل الإعلام الحكومية: «يا شابات وشباب الجزائر, يجب عليكم أن تفوتوا الفرصة على المتربصين بجزائرنا وأن يكون ربيعكم (الجزائر فقط)، وأن تحذروا من الذين يسعون لنشر الفتنة في أوساطكم، وأن تلتفوا حول قائدكم المجاهد عبد العزيز بوتفليقة, رجل المصالحة».

إلى ذلك، توجه 120 مراقبا يمثلون جامعة الدول العربية، أمس، إلى الجزائر للمشاركة في متابعة الانتخابات، طبقا لبروتوكول تم توقيعه بين الجامعة والجزائر، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

صرحت مصادر مسؤولة بجامعة الدول العربية بأن مغادرة الوفد كانت على طائرتين، الأولى خاصة جزائرية، والثانية رحلة ركاب تابعة لـ«مصر للطيران»؛ حيث خاض وفد المراقبين عدة دورات تدريبية على أعمال مراقبة الانتخابات، حيث تم توزيعه فور وصوله على عدد من الولايات والمدن الجزائرية لمراقبة الانتخابات، حيث قام وفد برئاسة السفير وجيه حنفي، رئيس مكتب الأمين العام للجامعة، بالتوجه إلى الجزائر الأربعاء الماضي للإشراف على الاستعدادات الخاصة باستقبال وفد المراقبين الذي سيضم 132 مراقبا تابعين للجامعة، حيث سيتوجه بعضهم من دولهم إلى الجزائر للانضمام للوفد الرئيسي.

وقالت إن مشاركة الجامعة في مراقبة الانتخابات الجزائرية تأتي بناء على بروتوكول تم توقيعه في فبراير (شباط) الماضي بين الأمين العام للجامعة، الدكتور نبيل العربي، ووزير خارجية الجزائر، مراد مدلسي، حيث تعد بعثة مراقبي الجامعة هي الكبرى منذ بدء الجامعة العربية في مراقبة الانتخابات عام 1995 في عدد من الدول العربية، من بينها الجزائر.

من جهة أخرى, دفع قانون التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة الأحزاب الجزائرية إلى البحث عن مرشحات للانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من مايو (أيار) حتى تتطابق قوائمهم مع القانون الجديد ولا يتم رفضها.

وكانت المرأة في السابق مطلوبة أكثر كناخبة، بينما تشارك في الانتخابات المقبلة 7647 مترشحة من بين 25800 مرشح يتنافسون على 462 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني.

ودعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الأول من مايو النساء إلى «المشاركة في الانتخابات وإثبات وجودهن، خاصة أن الظروف أصبحت مواتية حاليا أكثر من أي وقت مضى لتجسيد طموحاتهن».

لكن النساء في الحقيقة يخضعن لموقف مزدوج من الدولة ذات النظام الجمهوري وينص دستورها على أن الإسلام هو دين الدولة.

فكثير من النساء يشغلن مناصب عليا في الإدارة، أو كقاضيات أو وزيرات، حتى إن إحداهن تحمل رتبة جنرال في الجيش، لكنهن لا يملكن حق السلطة الأبوية كالرجال.