اليونانيون يعاقبون الحزبين الكبيرين.. وسياسة التقشف

شكوك حول قدرة الاشتراكيين والمحافظين على تشكيل حكومة ائتلافية

يونانيان يصطحبان طفليهما أثناء الإدلاء بصوتيهما في أثينا أمس (أ.ب)
TT

توجه اليونانيون إلى صناديق الاقتراع أمس لتجديد برلمانهم في انتخابات تراقبها أوروبا عن كثب ويفترض أن تعطي مؤشرا على قدرة البلاد على مواصلة جهود إنهاض الاقتصاد والبقاء في منطقة اليورو. وأظهر استطلاع لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع نتيجة مخيبة للحزبين المؤيدين لسياسة التقشف، باسوك (الاشتراكي) والديمقراطية الجديدة (اليمين)، إذ فاز الحزبان بما بين 31 و37% من الأصوات، مقابل 77.4% في عام 2009. وإذا تأكدت النتيجة فإن هذا الانهيار يجعل إمكان تشكيل حكومة ائتلافية من جانب الحزبين لمواصلة سياسة التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أمرا مستحيلا.

وطغى على هذه الانتخابات التشريعية استياء كبير من إجراءات التقشف، ما أتاح لحزب سيريزا الصغير (يسار متشدد) الفوز بما بين 15.5 و18.5% من الأصوات، وفق الاستطلاع نفسه. واحتل حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ المرتبة الأولى ولكن بنتيجة أكثر من متواضعة راوحت بين 17 و20% مقابل 33.4% في عام 2009. أما حزب خريسي افغي (نازيون جدد) فتوقعت الاستطلاعات فوزه بما بين 6 و8% من الأصوات مقابل 0.29% في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولدى خروجه من مكتب اقتراع في مدرسة بأثينا، حذر رئيس الوزراء لوكاس باباديموس الذي يرأس حكومة ائتلافية من الاشتراكيين والمحافظين منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قائلا: «إننا متفقون على أن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية. كل فرد مدعو إلى اتخاذ قرار، ليس فقط بشأن من سيحكم، بل أيضا بشأن مصير البلاد للعقود المقبلة». وقال زعيم حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ انتونيس ساماراس إن الشعب اليوناني يصوت «لمستقبل أولاده والاستقرار والنمو والأمن والعدالة».

وبات سيناريو تشكيل تحالف بين الديمقراطية الجديدة وباسوك، ضمن حكومة أزمة، غير واضح المعالم أمس، بسبب النتائج التي أظهرتها استطلاعات الرأي والإحساس بأن الناخبين يعتزمون معاقبة الحزبين الكبيرين، قطبي الحياة السياسية في اليونان، ويحملونهما مسؤولية مشكلات اليونان.

وفي مكتب في حي بانكراتي المركزي عبر الطبيب ايثيميوس كاراديماس، 43 سنة، عن أمله في أن يكون لليونانيين «حس بالمسؤولية لاختيار أحزاب أخرى من تلك التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم». ورأت صحيفة «تو فيما» (يسار وسط) أن الاقتراع قد يكون له «وقع قنبلة».

وحاول باباديموس أمس تبديد المخاوف من انعدام الاستقرار السياسي، وقال لأحد الصحافيين إنه واثق من التمكن من تشكيل حكومة «اعتبارا من الأسبوع المقبل». كما أدلى الزعيم الاشتراكي ايفانغيلوس فينيزيلوس بصوته في مكتب اقتراع في سالونيكي (شمال) وسط صيحات استهجان. وصاح عدد من المحتجين: «سياستكم جعلتنا عمالا مهاجرين في ألمانيا». ودعا فينيزيلوس الناخبين إلى عدم معاقبة السياسيين والتصويت «بكل ضمير وحس بالمسؤولية التاريخية». ورد ألكسيس تسيبراس منافسه الشاب في حزب سيريزا من اليسار المتشدد: «بعد حكم همجي استمر عامين، عادت الديمقراطية. سيقوم الشعب بالتغيير ويطلق رسالة مدوية في كل أنحاء أوروبا».

وبعد حملة تركزت أساسا على رفض إملاءات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قد يحصل هذا الحزب على المرتبة الثالثة متقدما على الحزب الشيوعي المتشدد. وبعد سنتين من الأزمة الاقتصادية، وبينما حصلت البلاد على قرضين دوليين لتجنب الإفلاس، تثير هذه الانتخابات قلق الاتحاد الأوروبي الذي يخشى شللا في اليونان وتهديدا للجهود التي يبذلها لضمان بقائها ضمن منطقة اليورو. وستكون قدرة البلاد على مواصلة جهود النهوض الاقتصادي المرتبطة بالمساعدات المالية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والتي تعتمد عليها أثينا لدفع الرواتب ومعاشات التقاعد في القطاع العام، رهنا بمدى التصويت السلبي في هذه الانتخابات الذي يشمل خليطا يتراوح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والذي هيمن برنامج رفض إجراءات التقشف على حملته.