استبعد الرئيس السوداني عمر البشير تطبيع العلاقات مع دولة جنوب السودان في ظل وجود الحركة الشعبية (الحزب الحاكم في جوبا)، مستنكرا سلوكها الذي اعتبره مخالفا لما تم الاتفاق عليه، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن العلاقات مع شعب جنوب السودان لن تتأثر. وأعلنت منظمة الهجرة الدولية عن نقل الآلاف من الجنوبيين العالقين في دولة الشمال إلى بلادهم جوا، ويتوقع أن تبدأ العملية في غضون أسبوع بعد موافقة الخرطوم على تقديم مساعدات.
في غضون ذلك، سلم جنود جنوبيون أنفسهم إلى جيش جنوب السودان في أعالي النيل بأسلحتهم قالوا إن الخرطوم قامت بتسليحهم وأرسلتهم لغزو الجنوب.
وقال البشير أمام الجلسة الافتتاحية للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي في دورة انعقاده الأولى أمس إن الحركة الشعبية في جنوب السودان خالفت كل ما تم الاتفاق عليه وما تم إنجازه في السنوات التي أعقبت اتفاقية السلام الشامل التي وقعت في عام 2005 بين حكومته والحركة الشعبية لإنهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وأضاف أن احتلال الحركة لأراضي بلاده في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان جعل حكومته تصمم على تطهير الأرض، وقال إن الحكومة السودانية ملتزمة بالحفاظ على علاقات طيبة مع شعب جنوب السودان والعمل على تقويتها، لكنه استدرك قائلا «لكن في ظل استمرار سيطرة الحركة الشعبية على مقاليد الحكم سيكون الأمر صعبا»، مشددا على استعداد جيشه للدفاع عن البلاد بما يتفق والأعراف الدولية.
من جهته، طالب وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود رعايا دولة جنوب السودان بالإسراع في توفيق أوضاعهم، وقال إن الجنوبيين أصبحوا أجانب في دولته وينطبق عليهم القانون الخاص بالأجانب، مشيرا إلى أن حكومته قدرت أن سفارة جنوب السودان في الخرطوم أصبح صعبا عليها أن تكمل عملية توفيق أوضاع مواطنيها في السودان، وقال «لذلك قمنا في الوزارة بعمليات حصر وتسجيل وتسليم بطاقات مؤقتة لمن يتم حصرهم عبر مراكز في الولايات»، وأضاف «حتى تتمكن سفارة جنوب السودان من إتمام عملية تسليم الجنوبيين مستنداتهم وأوراقهم الثبوتية»، وشدد على أن وزارته لن تتساهل مع من يخالف توجيهاتها، وأن عقوبات صارمة ستطال من لا يمتلك البطاقة المؤقتة.
وينتظر أكثر من 12 ألف جنوبي عالقين في ميناء كوستي النهري وسط السودان ترحيلهم إلى بلادهم، وتتهم الخرطوم حكومة الجنوب بتجاهلهم، وكان والي النيل الأبيض يوسف الشنبلي أمهلهم أسبوعا لمغادرة ولايته، وقال إنهم أصبحوا يشكلون خطرا أمنيا وبيئيا على الولاية، وعدلت الخرطوم تاريخ ترحيل العالقين إلى 20 مايو (أيار) الحالي، إلا أنها الآن تخلت عن هذا الشرط استجابة لخطة ترحيل المنظمة الدولية للهجرة.
إلى ذلك، قالت المنظمة الدولية للهجرة، إن آلافا من السودانيين الجنوبيين الذين تقطعت بهم السبل في معسكر بالسودان سينقلون جوا إلى جنوب السودان، ويتوقع أن تبدأ العملية في غضون أسبوع بعد موافقة الخرطوم على تقديم مساعدات، وأضافت أن اللاجئين سينقلون عبر حافلات إلى الخرطوم ومنها جوا إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، وقالت إن السودان تخلى عن مطلب مغادرتهم أراضيه بحلول 20 مايو الحالي، وأوضحت أن عملية نقل اللاجئين إلى موطنهم في جنوب السودان أضحت ممكنة بعد أن تعهدت الحكومة السودانية بتقديم المساعدة، وقالت إن الخرطوم وافقت على تقديم وثائق سفر واتخاذ الترتيبات اللازمة لنقل الأمتعة الزائدة التي لا يمكن استيعابها على رحلات الطيران العارضة التي سيتم على متنها نقلهم إلى الجنوب، وقالت مديرة مكتب المنظمة في الخرطوم، جيل هيلكي: «نأمل أن نبدأ خلال أسبوع».
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط»، إن ميليشيا متحالفة مع الجيش السوداني انشقت بعد أن صدرت لها أوامر بمهاجمة حقل نفطي في ولاية أعالي النيل، وأضاف أن المنشقين انضموا إلى الجيش الشعبي بعد أن رفضوا غزو بلادهم، مشيرا إلى أن المنشقين جاءوا بسبع سيارات ومدافع رشاشة ومعهم 250 من الرجال والنساء.