كلينتون تدعو الهند لخفض وارداتها النفطية من طهران وإيران ترد بإرسال وفد تجاري إلى نيودلهي

وفد برلماني إيراني يلتقي المالكي.. ويبحث ترتيبات اجتماعات 5+1 في بغداد

TT

كثفت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، خلال زيارتها إلى الهند، أمس، الضغط على نيودلهي لخفض وارداتها النفطية من إيران في محاولة لكسب دعم نيودلهي في فرض العزلة على الجمهورية الإسلامية. ووسط مخاوف إيرانية من تمكن الغرب من إقناع الهند ودول في المنطقة بالنأي عن طهران، وبالتالي تطبيق العقوبات الدولية المفروضة عليها، ردت إيران على زيارة كلينتون بإرسال وفد تجاري ضخم إلى الهند لـ«تعزيز» التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات مختلفة.

وقالت كلينتون خلال زيارتها للهند التي بدأتها أول من أمس، وتختتم اليوم، إن واشنطن تريد إحكام العقوبات الاقتصادية على إيران لإرغامها على الجلوس على مائدة التفاوض بشأن برنامجها النووي الذي تخشى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من أنه غطاء لمساعي إنتاج قنبلة نووية.

وقالت كلينتون في اجتماع بمدينة كالكتا بشرق الهند: «نعتقد أن الهند كدولة تدرك أهمية محاولة استخدام الدبلوماسية لحل هذه التهديدات الصعبة. إنها تعمل بكل تأكيد تجاه خفض مشتريات الخام الإيراني»، بحسب وكالة «رويترز».

وقالت كلينتون التي اجتمعت لاحقا، أمس، برئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ وكررت عليه نفس الكلام: «نشيد بالخطى التي اتخذت إلى الآن، ونأمل أن يكون هناك المزيد»، وأضافت أن السعودية والعراق والدول الأخرى المنتجة للنفط تزيد المعروض من الخام في الأسواق لتعويض فقد إمدادات من إيران. وتابعت أن الولايات المتحدة ستتخذ قرارا بشأن إعفاء الهند من العقوبات الأميركية «خلال نحو شهرين من الآن».

وفي رد على أسئلة طلاب حول السياسة الأميركية، قالت كلينتون إن إيران يمكن أن تسبب «مشكلات» للهند، وأشارت إلى الاعتداء الذي استهدف السفارة الإسرائيلية في نيودلهي في فبراير (شباط)، الذي يشتبه في تورط عملاء إيرانيين فيه. وتابعت كلينتون: «إنه نظام له تاريخ مشهود بالسلوك العدائي ولا أعتقد أن تقديم تنازلات هو السبيل للتفاوض معهم». وأضافت أن «إسرائيل قلقة جدا من أن يتخذ قائد مستقبلي (إيراني) قرار استخدام (السلاح النووي)، لذلك إذا تمكنت إيران من امتلاك السلاح النووي فالأمر سيكون كارثيا».

وفي غضون ذلك، أرسلت طهران وفدا تجاريا ضخما ضم 50 شخصية إلى الهند لـ«تعزيز التعاون بين البلدين» في محاولة تبدو وكأنها لإغراء الهند للنأي عن التوجهات الغربية. وحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا)، فقد تم التأكيد عل ضرورة تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين إيران والهند، وذلك خلال الاجتماع المشترك للوفد التجار الإيراني واتحاد مؤسسات التصدير الهندية ف نيودلهي. ووصف المشرف عل الوفد التجاري الإيراني يحيى آل إسحاق العلاقات السياسية بين إيران والهند بالإيجابية، مؤكدا عل وجود أرضيات متعددة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين.

وأكد عل ضرورة حل القضايا الخاصة بالجمارك والضرائب والتعريفات التفضيلية والمشكلات التنفيذية، معلنا استعداد إيران للاستثمار المشترك ف مجال النفط والغاز ومجالات أخرى.

وفي سياق متصل، كشف وزير التخطيط والمالية الكوري الجنوبي باهك جاي أن الإمارات العربية المتحدة والسعودية وعدتا بتعويض أي نقص في واردات كوريا من النفط في حالة تعطل الإمدادات المقبلة من إيران.

وأبلغ الصحافيين على هامش اجتماع اقتصادي ثنائي مع مسؤولين إماراتيين في العاصمة أبوظبي: «حتى الآن وعدت الإمارات والسعودية بتقديم مزيد من النفط إذا تدهور الوضع»، غير أنه ذكر بأنه لا اتفاق على كميات محددة حتى الآن.

وقال باهك: «لم يتقرر بعد خفض واردات النفط لكن بعض الشركات بدأت بالفعل تقليص الواردات من إيران».

وتقول مصادر إن كوريا الجنوبية ستخفض وارداتها من الخام الإيراني خفضا حادا من يونيو (حزيران) لتنضم إلى قائمة متزايدة من مشترين مثل الصين واليابان والهند خفضوا مشترياتهم هذا العام بسبب العقوبات التي تحول دون دفع ثمن النفط وشحنه والتأمين عليه.

من جهة أخرى، يجري مسؤولون إيرانيون لقاءات مكثفة في بغداد من أجل التحضير لاجتماعات مجموعة (5+1) مع طهران المقرر أن تستضيفها العاصمة العراقية الشهر الجاري، دعت واشنطن الجمهورية الإسلامية أمس إلى اتخاذ «خطوات عملية عاجلة» لبناء الثقة خلال محادثاتها النووية بينما حث الاتحاد الأوروبي الإيرانيين على تعليق أنشطتهم الذرية الحساسة.

وكانت إيران وقوى (5+1)، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، قد استأنفت المحادثات حول الملف النووي الإيراني في منتصف أبريل (نيسان) في اسطنبول بعد توقف لأكثر من عام. وعقد الوفد الإيراني، الذي يرأسه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي، مباحثات أمس مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وقال بيان لمكتب المالكي إن الأخير «استقبل بروجردي بمكتبه اليوم (أمس) وبحث معه التطورات السياسية والبرلمانية بين البلدين»، مؤكدا على «ضرورة تطوير العلاقات بين بغداد وطهران». وأضاف أن «المالكي أكد أن العراق يريد أن تشهد العلاقات مع إيران تطورات إيجابية على كافة المستويات سواء السياسية أو التجارية والاقتصادية». من جانبه أشار بروجردي إلى أن «زيارته للعراق تأتي في إطار تطوير العلاقات بين البلدين على كافة المستويات وبالأخص البرلمانية منها».

وكان رئيس الوفد الإيراني قد أعلن في تصريح صحافي بعد لقائه أعضاء مجلس النواب العراقي أن «الوفد جاء إلى بغداد للتباحث مع رئيس وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية بشأن العلاقات بين البلدين والمسائل المهمة في المنطقة». وتابع «كما تحدثنا عن سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توطيد العلاقات وحسب الاتفاقات الموقعة بين الطرفين وأن تكون العلاقات أفضل في المستقبل». وبين بروجردي «إننا نفتخر أن العراق على رأس الجامعة العربية وبالتطورات التي حصلت في العراق في جميع المجالات» بحسب قوله.

وعن اجتماع 5+1 حول الملف النووي الإيراني، أكد بروجردي أن «الاجتماع سيعقد في الموعد المحدد في بغداد وسيكون للعراق دور مهم في هذا الأمر». من جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية همام حمودي إن «اللقاء كان جادا وصريحا وتم بحث العلاقة بين البلدين والتي يجب أن تستند إلى علاقة شعبية جادة، وأن تأخذ مستوى أفضل وحل جميع المشكلات وأن نذهب للمستقبل».

وأضاف «نحن نسعى إلى تفعيل لجنة الصداقة ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين». وبينما تسعى أطراف سياسية عراقية أن يلعب العراق دورا في إعادة تأهيل إيران للشراكة في المجتمع الدولي من خلال اجتماعات 5+1 لكي تتجنب إيران الضربة العسكرية وهو ما يصيب العراق بضرر بالغ فإن وزارة الخارجية العراقية طبقا لما أعلنه في وقت سابق وكيلها لبيد عباوي لـ«الشرق الأوسط» تقول إن دور العراق في اجتماعات 5 + 1 «لا يتعدى حدود الاستضافة فقط». وأضاف عباوي أن «هذه الاجتماعات سبق أن عقدت جولة منها في تركيا وسوف تعقد الجولة الثانية في بغداد طبقا للطلب الإيراني وهو ما وافقت عليه المجموعة الدولية».

وفي فيينا، قال المبعوث الأميركي روبرت وود أمام مؤتمر نووي دولي في فيينا تشارك فيه إيران أيضا «ما زلنا قلقين بسبب فشل إيران المستمر في الوفاء بالتزاماتها بمنع الانتشار»، وأضاف حسبما أوردته وكالة رويترز «نسعى لعملية مستدامة تسفر عن نتائج ملموسة وندعو إيران لاتخاذ خطوات عملية عاجلة تبني الثقة وتؤدي إلى الوفاء بكل التزاماتها الدولية».

وبدوره قال الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك في الاجتماع نفسه إن إيران «يجب أن تعلق» نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم وهو أمر رفضته طهران مرارا.

ويقول الغرب إن نشاط إيران النووي غطاء لتطوير قنابل ذرية ويريد ضمانات من طهران يمكن التحقق منها تثبت عكس ذلك مثل قبول طهران إجراء عمليات تفتيش أوسع من الأمم المتحدة والحد من قدرتها على التخصيب.

ولم تستبعد إسرائيل والولايات المتحدة الخيار العسكري ضد إيران بهدف منع الجمهورية الإسلامية من صنع قنابل نووية وذلك إذا فشلت الدبلوماسية في حل النزاع النووي.