نتنياهو يتلقى ضربتين من «الليكود» ومن حليفه ليبرمان

في أول «مواجهة» بعد قرار تقديم موعد انتخابات «الكنيست» إلى سبتمبر المقبل

TT

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، ضربتين من طرف خصومه من اليمين المتطرف داخل حزبه وداخل ائتلافه الحكومي أيضا. فقد انتهى مؤتمر حزب الليكود، الليلة قبل الماضية، إلى فشل ذريع، وهتافات معارضة لرئيسه بنيامين نتنياهو، واتهامات له بـ«الهرب». في حين خسر زعيم «الليكود» إحدى شخصيات اليمين البارزة، يائير شمير، لصالح حزب «يسرائيل بيتنا» الذي يقوده وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.

وكانت عجلة السباق نحو انتخابات مبكرة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، قد انطلقت، أمس، مع قرار الحكومة الإسرائيلية، في جلستها غير العادية، تقديم موعد الانتخابات إلى 4 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولم يتسن الوقت لعقد جلسة للجنة الوزارية لشؤون التشريع، فأجري التصويت هاتفيا وشفويا، وتم تحويله فورا إلى الكنيست للمصادقة عليه، وبذلك يكون البرلمان قد حل نفسه، قبل 14 شهرا من موعد انتهاء دورته.

وقد أقدم نتنياهو على هذه الخطوة، من مركز قوة، إذ إن كل استطلاعات الرأي أشارت إلى أن حزبه سيحظى بزيادة مقاعده في الكنيست (من 27 حاليا إلى 31 في الانتخابات إذا جرت اليوم)، ويشكل الحكومة المقبلة من موقع أقوى. وهناك عدة تفسيرات لتصرفه هذا، فثمة من يرى أن نتنياهو أقدم على هذه الخطوة، خشية أن تجرى الانتخابات في السنة المقبلة، عندما يكون باراك أوباما قد انتخب للرئاسة مجددا لدورة ثانية. فالرئيس الأميركي سيكون أقوى خلال فترة حكم ثانية. ويكون قد تحرر من ضغوط الشارع. وهو يتوقع أن يبدأ أوباما بتوجيه انتقادات إليه تؤدي إلى سقوطه، مثلما حصل مع نتنياهو نفسه في فترة رئاسة بيل كلينتون (1999)، إذ خسر الانتخابات يومها لصالح إيهود باراك، ومثلما حصل لإسحق شمير من قبله، في فترة رئاسة جورج بوش الأب، حيث خسر لصالح إسحق رابين.

نتنياهو نفسه يرفض التعقيب على هذا التفسير الرائج، وادعى خلال خطاباته أمس وأول من أمس، أنه اضطر إلى تقديم موعد الانتخابات لأنه بدأ يشعر باهتزاز ائتلافه الحكومي من جراء كثرة المطالب المقدمة إليه من حلفائه في الائتلاف. وقال إن إسرائيل دخلت عمليا في حقبة انتخابية، وإذا لم تجر الانتخابات في سبتمبر (أيلول)، فإن هذا سيعني أنها ستعيش معركة انتخابات طويلة من سنة ونصف السنة. وأضاف نتنياهو أن تقديم موعد الانتخابات سوف يقوي إسرائيل، لأنها تحتاج إلى شخصية قوية ذات خبرة في السياسة والعسكرة والاقتصاد، و«الليكود» بقيادته، يوفر هذه المعطيات ويحقق الإنجازات. وألقى نتنياهو خطابا أمام مؤتمر حزبه، الليلة قبل الماضية، عدد فيه إنجازات حكومته، وأهمها إقناع دول العالم بالخطر الإيراني. وكعادته، سمح لنفسه بأن يغير في المعلومات ويبدلها، مما جعل الصحف الإسرائيلية تخرج بتقارير تبين عدم التزامه الحقيقة. فقد قال إن حكومته حققت هدوءا أمنيا، فذكرته الصحف بأن هذا الهدوء قائم بفضل الحرب التي نفذتها حكومة إيهود أولمرت على لبنان وعلى قطاع غزة. وقال إنه حقق نموا اقتصاديا، فذكرته بأن النمو هبط من 5 في المائة إلى 3 في المائة في عهده. وتباهى بتخفيض نسبة البطالة وتوفير 250 ألف وظيفة، فعدلت الرقم إلى 210 آلاف فرصة عمل، وأنه فقط في الأشهر الثلاثة انضم 10 آلاف عامل جديد إلى سوق البطالة. ولفتت نظره إلى الإحصاءات التي تقول إن عدد الفقراء في إسرائيل ارتفع إلى 1.6 مليون نسمة في السنة الأخيرة.

لكن الأمر الأبرز في مؤتمر «الليكود»، كان في القسم الأخير منه. فقد حاول نتنياهو أن يمرر عملية انتخاب لرئاسة المؤتمر، فاقترح أن يتولى بنفسه رئاسة الهيئة، وعرض أسماء 40 مرشحا ينبغي انتخاب 11 شخصا منهم، ثم طلب أن يكون التصويت علنيا برفع الأيدي. لكن غالبية أعضاء المؤتمر هبوا ضده وطالبوه بإجراء تصويت سري، وراحوا يطلقون الأصوات الاحتجاجية والاستنكارية، حتى اضطر إلى التراجع، وخرج يجرجر ذيل الهزيمة. وتبين أن من قاد هذه المعارضة له، هم أولئك الأعضاء القادمون من المستوطنات، وغالبيتهم متدينون. وقد أجمعت الصحف الرئيسية الثلاث في إسرائيل؛ «معاريف» و«يديعوت أحرونوت» و«هآرتس»، على أن نتنياهو تلقى ضربة في داخل حزبه مع أنه يتفوق على منافسيه من باقي الأحزاب على الصعيد القطري. فقد خرجت «معاريف» بعنوان رئيسي يقول: «اليمين يفشل محاولات نتنياهو انتخابه بالإجماع رئيسا للمؤتمر». أما «يديعوت أحرونوت» فوضعت عنوانا يقول «إهانة نتنياهو في مؤتمر الليكود». واختار مراسل «هآرتس» للشؤون الحزبية، يوسي فيرتر، عنوانا يقول «مركز الرباي» وقال في تقريره إن «من وصل إلى مركز مؤتمر (الليكود) أمس، كاد يظن نفسه في (يشيفات مركز هراف)، (الأكثر تطرفا في التيار الديني الصهيوني)، أو في المستوطنات الأكثر تطرفا في الضفة الغربية».

أما الضربة الثانية، فتلقاها نتنياهو من حليفه ليبرمان، إذ تبين أن الأخير، سيضم إلى لائحته الانتخابية رجل الأعمال، يائير شمير، نجل رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحاق شامير، الذي عرف بأنه الأكثر تطرفا وتشددا بين زعماء «الليكود». وشمير الابن، يعتبر شخصية محبوبة في أوساط اليمين المتطرف، وقد حاول نتنياهو ضمه إليه في قائمة «الليكود».