اليونان تحاول الخروج من المأزق السياسي بتشكيل حكومة ائتلافية

مهلة زعيم المحافظين تقتصر على 3 أيام فقط لتشكيل حكومته

TT

بعد رفض تاريخي لسياسة التقشف ومعاقبة نظام الحزبين القديم أثناء الانتخابات التشريعية الأحد، يتوقع أن تحاول اليونان الخروج من المأزق السياسي بالشروع في إجراءات تشكيل حكومة ائتلافية تحت أنظار أسواق ينتابها القلق.

ويفترض أن يدعو الرئيس كارلوس بابولياس، أنطونيو سماراس زعيم حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات (18.8 في المائة)، أي نحو 108 مقاعد في البرلمان، ولكن دون التمكن من الحصول على أغلبية، لتكليفه «بمهمة استطلاعية» تهدف إلى تشكيل حكومة ائتلافية. وتقتصر مهلة سماراس على ثلاثة أيام فقط لتشكيل حكومة تقتضي إشراك حزبين آخرين، على الأقل، مع حزبه؛ ذلك لأن مجمل أصوات الحزبين لا تشكل الأغلبية حتى بمشاركة حزب باسوك الاشتراكي شريك اليمين في الحكومة الائتلافية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الذي حصل على 13.2 في المائة من الأصوات، أي 41 مقعدا حسب النتائج شبه النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية، الأمر الذي يجعل مشاركة حزب ثالث ضرورية، فالحزبان يعدان 149 نائبا من أصل 300.

من هنا صعوبة تشكيل حكومة نظرا لأن الحزب الثالث لا يمكن أن يكون سوى أحد الأحزاب الخمسة - ثلاثة من اليسار واثنان من اليمين أحدهما حزب النازية الجديدة «كريسي افغي» - المعارضة لسياسة التقشف.

ويواجه سماراس معضلة أخرى تتمثل في كونه أعرب خلال الحملة الانتخابية عن معارضته لأي تعاون مع باسوك، خصمه التقليدي! وقوله إنه يريد «أن يحكم بمفرده»، لكنه دعا منذ مساء الأحد إلى حكومة وحدة وطنية.

وبموجب الدستور، إذا فشل سماراس في تشكيل حكومة ائتلافية في غضون ثلاثة أيام، فإنه يتعين على بابولياس أن يعرض «هذا التفويض الاستطلاعي» لتشكيل حكومة على زعيم الحزب الذي حل ثانيا، أي ألكسيس تسيبراس زعيم اليسار الراديكالي «سيريزا»، الذي فاجأ الجميع بحصوله على 16.5 في المائة من الأصوات، أي 52 مقعدا في البرلمان مقابل 4.6 في المائة في الانتخابات التشريعية السابقة في 2009.

وإذا لم يتمكن تسيبراس أيضا من تشكيل حكومة ائتلافية في مهلة ثلاثة أيام، فستعرض المهمة على الحزب الذي احتل المرتبة الثالثة وهو حزب باسوك الاشتراكي.

وفي حال أخفق هذا الحزب أيضا في إبرام التحالفات الضرورية لتشكيل حكومة جديدة، فسيدعو رئيس الدولة قادة كل الأحزاب البرلمانية إلى اجتماع الفرصة الأخيرة، لكن الدستور لا يحدد مهلة لهذا الجهد الأخير من أجل التفاهم الذي قد يدوم عدة أيام.

وعنونت صحيفة «كاثيميريني» الليبرالية اليونانية الاثنين «البحث عن حكومة»، وأبرزت صعوبة المهمة. من جانبها، عنونت «تا نيا» (يسار وسط) «كابوس: استحالة تشكيل حكومة». ولم تستبعد انتخابات مبكرة جديدة.

وهكذا ستكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة بالنسبة لبلد ما زال يثير قلقا كبيرا في الأسواق ولدى الجهات الدائنة: الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، التي قررت منحه قرضين متتاليين بقيمة 240 مليار يورو مقابل تطبيق سياسة تقشف شديدة منذ 2010.

وبرفضهم هذا التقشف، رفض الناخبون اليونانيون سياسة الحزبين التقليديين: الديمقراطية الجديدة وباسوك، المهيمنين على الحياة السياسية في اليونان منذ 38 سنة، والمسؤولين عن سياسة هدر المال العام التي أدت إلى الأزمة.

وعنونت صحيفة «اثنوس» (يسار) «اقتراع الغضب»، بينما أشارت صحيفة «أليفثيروس تيبوس» (يمين) إلى «غضب الشعب الذي يطالب بتغيير بنود المذكرة» (خطة تنقية الاقتصاد المبرمة مع الجهات الدائنة للبلاد).

وأكبر المستفيدين من فشل اليمين والاشتراكيين هي أحزاب اليسار، الشيوعيون في حزب كي كي اي، واليسار الراديكالي سيريزا، واليسار الديمقراطي ديمار، التي جمعت أكثر من 30 في المائة من الأصوات وفازت بـ97 مقعدا في البرلمان، حسب النتائج شبه النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية.

وفي جانب اليمين، يعتبر دخول حزب النازية الجديدة «كريسي افغي» إلى البرلمان بنحو 6.9 في المائة و21 مقعدا - سابقة في اليونان التي شهدت ديكتاتورية الكولونيلات بين 1967 و1974، والتي شكلت إحدى أكثر الصفحات السوداء في تاريخها المعاصر.

وساد القلق البورصات الأوروبية التي فتحت الاثنين على انخفاض كبير نتيجة الشكوك التي تحوم حول تشكيل سريع لحكومة في اليونان. وبعيد افتتاح جلسة التداول، تدهورت بورصة أثينا بنسبة 7.6 في المائة.

واعتبر بادرايك غارفي، المحلل في مؤسسة «آي إن جي ريتس ستراتيجي»، أن «نتيجة الاقتراع في اليونان تشكل مأزقا وتدل على تصاعد الاحتجاج على سياسات التقشف.. الأمر الذي يثير قلقنا».