بوتين يستهل رئاسة روسيا بتحديث الجيش

موسكو تسعى لتوثيق علاقات مع واشنطن بشرط ضمانات بألا يستهدفها الدرع الصاروخية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعد لدخول قاعة سان أندرو في قصر الكرملين أمس لحضور حفل تنصيبه (أ.ف.ب)
TT

وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ساعات من عودته إلى الكرملين أمس سلسلة مراسيم تتعلق بتحديث القوات المسلحة والاستثمارات وطوابير الانتظار في المكاتب الإدارية.

وهذه المراسيم التي نشرت على موقع الكرملين تحدد أهداف بوتين بحلول عام 2018، تاريخ انتهاء ولايته، وحتى بعد ذلك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.

وتنص المراسيم خصوصا على مضاعفة، بحلول 2018، الرواتب الفعلية بـ1.4 و1.5، وتجهيز الجيش بنسبة 70 في المائة بأنظمة عسكرية حديثة، وإيجاد 25 ألف وظيفة بحلول عام 2020. كما وقع مرسوما يقضي ببذل كل الجهود لتتقدم روسيا من المرتبة الـ120 إلى الـ20 في ترتيب البنك الدولي، لمناخ الأعمال. ويطالب بوتين أيضا بإخضاع المهاجرين اعتبارا من سبتمبر (أيلول) لامتحانات في اللغة والثقافة الروسية باستثناء «الاختصاصيين ذوي الكفاءات العالية».

وتعهد بوتين بألا ينتظر أي فرد أكثر من 15 دقيقة في الطوابير أمام المكاتب الإدارية اعتبارا من 2014، وأن تبلغ نسبة رضا الشعب الروسي من خدمة القطاع العام 90 في المائة في 2018.

ووفقا للمرسوم، تسعى موسكو إلى توثيق علاقاتها مع الولايات المتحدة لكنها لن تتسامح مع التدخل في شؤونها، وتريد «شراكة مع ضمانات» بألا يستهدفها الدرع الصاروخية الأميركية.

وقال المرسوم إن روسيا تريد تحقيق التعاون مع واشنطن «على المستوى الاستراتيجي»، ولكن يجب أن تقوم العلاقات على أساس «المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل لمصالح بعضنا البعض».

وقال المرسوم إن روسيا ستواصل سعيها لضمانات بألا يستخدم الدفاع الصاروخي الأميركي في تقويض الأمن بروسيا عن طريق إضعاف قوتها النووية الرادعة. وتسلم فلاديمير بوتين، أمس، مهامه كرئيس لروسيا لولاية ثالثة اعتبرها «حاسمة لمصير روسيا»، وذلك غداة مظاهرة كبرى للمعارضة التي تندد بعودته إلى الكرملين قامت الشرطة بقمعها بعنف واعتقال 120 متظاهرا في موسكو. وقال بوتين في كلمة مقتضبة: «اليوم ندخل في مرحلة جديدة من التطور الوطني. سيكون علينا تولي مهمات بأبعاد ومستويات جديدة».

وتابع بوتين أمام نحو ثلاثة آلاف شخص دعوا إلى الكرملين لحضور حفل التنصيب أن «السنوات المقبلة ستكون حاسمة لمصير روسيا للعقود المقبلة وعلينا أن ندرك أن حياة أجيال المستقبل والآفاق التاريخية لدولتنا وأمتنا هي رهن بنا».

وبوتين الذي كان يتولى منصب رئيس الوزراء بعدما كان رئيسا من 2000 وحتى 2008 خلف رسميا ديمتري ميدفيديف في حفل ضخم نظم في القصر الكبير في الكرملين.

وبعدما سار على السجادة الحمراء وسط تصفيق الحاضرين، أدى بوتين اليمين الدستورية.

وقال: «أقسم بصفتي رئيسا لاتحاد روسيا على احترام وحماية حقوق وحريات الشعب والمواطنين، واحترام وصيانة دستور اتحاد روسيا». وبين الحاضرين بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريلوس والحاخام الأكبر بيرل لازار، ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني والرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر.

وعشية هذا الحفل، نظمت المعارضة مظاهرة ضمت ثمانية آلاف شخص إلى عشرات الآلاف في موسكو بحسب السلطات والمنظمين، وقمعتها الشرطة بالقوة حيث ضربت المتظاهرين بالهراوات. وأصيب 29 شرطيا بجروح في الصدامات التي تلت المظاهرة. وأعلنت الشرطة أنها أوقفت 436 شخصا بينهم زعيم جبهة اليسار سيرغي أودالتسوف والمدون الكسي نافالني ونائب رئيس الوزراء السابق بوريس نيمتسوف.

وفتح تحقيق بتهمة «الدعوة إلى الإخلال بالنظام العام» وارتكاب «أعمال عنف ضد شخص يمثل السلطة العامة» وهي جنح عقوبتها على التوالي السجن ثلاث وعشر سنوات.

وسجل انتشار أمني كثيف في محيط الكرملين ووسط موسكو حيث نشر آلاف الأشخاص لضمان الأمن.

وحاول معارضون التجمع قرب الكرملين للتنديد بعودة بوتين إلى السلطة، في مظاهرة غير مرخصة. وأعلنت شرطة موسكو أنها أوقفت نحو 120 شخصا بينهم بوريس نيمتسوف.

وبوتين الذي انتخب في 4 مارس (آذار) بنسبة نحو 64 في المائة من الأصوات في ختام عملية انتخابية شابتها أعمال تزوير، بحسب ما تقول المعارضة، عاد إلى الكرملين الذي غادره عام 2008 لكي يصبح رئيسا للوزراء بسبب عدم تمكنه من تولي أكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين، بحسب الدستور.

وأفسح العميل السابق في جهاز الاستخبارات السابق «كي جي بي» آنذاك المكان أمام ديمتري ميدفيديف لتولي الرئاسة، الذي سيتولى في الأيام المقبلة منصب رئيس الحكومة في «ثنائي» حكم يبدو أنه باق في السلطة لفترة طويلة. وفي حين أن السنوات الثماني الأولى من رئاسة بوتين (2000 - 2008) شهدت الإمساك مجددا بزمام الأمور في البلاد وبعضا من الاستقرار بعد السنوات الليبرالية الفوضوية في حكم بوريس يلتسين، فإن هذه الولاية الثالثة التي مددت لست سنوات تبدو أكثر صعوبة في مجتمع لم يكن طموحه بالتغيير أكبر مما هو عليه الآن، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق في 1991. ووجد بوتين نفسه في نهاية 2011 في مواجهة موجة احتجاجات غير مسبوقة من جانب الشعب الذي نزل بأعداد كبرى إلى الشارع للتنديد بما قال إنه تزوير للانتخابات التشريعية ثم الرئاسية والفساد المستشري في البلاد.

وكانت بوتين قد اقترح أمام البرلمان ترشيح سلفه ديمتري ميدفيديف لتولي رئاسة الحكومة، حسبما نقلت وكالات الأنباء عن رئيس الدوما (مجلس النواب) سيرغي ناريشكين. وأضافت الوكالات أن بوتين الذي لا يزال يتولى رئاسة الحكومة قدم استقالته من المنصب بعد أدائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد. وسيبدأ ميدفيديف الذي أنهى للتو ولاية من 4 سنوات في الكرملين، عملية تعيينه على رأس الحكومة عبر لقائه قادة المجموعات البرلمانية في مجلس النواب.