بوادر عداوات بين الجيران في سوريا بعد أكثر من عام من التوتر الطائفي

السنة التركمان يناشدون أردوغان لإنقاذهم.. والعلويون يطالبون الأسد بحمايتهم

TT

انقسمت قرية الزارة السورية الواقعة في ريف حمص على أساس طائفي مع اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث حولت عمليات القتل والانتقامات الجيران الهانئين إلى أعداء لدودين. وانتصب جدار من الخوف بين التركمان السنة القاطنين على تلة الزارة والسكان العلويين في جسر الزارة، الذين كانوا يعيشون بوفاق معا منذ الإمبراطورية العثمانية.

واستمع المراقبون الدوليون في هذه المنطقة، من الطرفين على حد سواء، عن هواجسهم وعذاباتهم. ويناشد الطرف الأول تركيا لإنقاذهم من الرئيس السوري بشار الأسد، بينما يطالب الطرف الآخر الأسد حمايتهم من هجمات «الإرهابيين» القادمين من لبنان، البلد المجاور.

ويقول الملازم المنشق باسل العين: «إننا تركمان، ويجب على أردوغان أن يحمينا، وإلا فإن بشار سيقضي علينا»، في إشارة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. ويقول هذا الضابط إنه انشق عن الجيش السوري في 26 مارس (آذار) بعد «أن رأى ثلاث مدفعيات تقوم بقصف بابا عمرو» - الحي الثائر في حمص الذي سيطر عليه الجيش في مطلع مارس الماضي.

ويسيطر على قرية الزارة، المتاخمة للحدود اللبنانية، الجيش السوري الحر المكون من منشقين ما زالوا يرتدون لباسهم العسكري. ويؤكد أهالي القرية، الذين كشفوا الأسبوع الماضي للمراقبين آثار حطام قذائف الدبابات وقذائف الهاون، مقتل 12 شخصا وجرح وفقدان 150 آخرين، كما أنهم لا يعلمون شيئا عن 50 شخصا تم اعتقالهم من قبل الجيش أو اختطفوا على أيدي مجهولين.. ويحمل أهالي القرية صور أقاربهم محاولين تمريرها لضباط الأمم المتحدة.

ويقول مقدم سابق في الجيش، ذو لحية إن «الأمر لا يتعلق بموضوع الثورة أو الحرية؛ إنها حرب دينية وطائفية يقودها النظام الذي يريد القضاء على جميع السنة في سوريا من أجل إحلال دولة (الرافضة - وهو تعبير يطلق على الشيعة)».. ويومئ أحد الشبان، الذي يرتدي سروالا وقميصا أسود يحمل شعار «القاعدة»، برأسه موافقا.. إلا أنه رفض التعليق لدى سؤاله.

ويبلغ عدد التركمان في سوريا 300 ألف نسمة، وهم من الطائفة السنية. ويشكل السنة أغلبية السكان، بينما يشكل العلويون الأقلية، ومنهم ينحدر الأسد. وتؤيد الغالبية السنية الحركة الاحتجاجية، بينما يدعم العلويون عموما الرئيس الأسد، في حين تنأى الأقليات الدينية الأخرى بشكل عام بنفسها عن الاحتجاجات.

وتخفق راية المعارضين في هذه البلدة، التي تمثل العلم السوري بعد الاستقلال في عام 1946، ويهتف السكان «الشعب يريد إسقاط النظام» و«الله يحمي الجيش الحر».. بينما يرفع السكان في أسفل التلة العلم الحالي إلى جانب صورة الرئيس هاتفين «الله سوريا بشار وبس».

ويقول الطالب العلوي مصطفى عبد الكريم محمود (23 عاما): «لقد قتلوا (مناهضو النظام) عدة ضباط على قارعة الطريق، لقد أوقفوا الشاحنات وسرقوا البضائع. إنهم يختطفون أقاربنا ويطالبوننا بدفع فدية». ويضيف «إنهم يجتازون النهر ليلا ويحرقون المحال ويطلقون النار علينا ثم يلوذون بالفرار عند مجيء الجيش، إنهم يقولون إننا عصابات الأسد.. نعم، نحن جنود الأسد».

ويتابع هذا الشاب: «كنا نعيش كالإخوة قبل أن يأتي الغرباء (من لبنان) ويقلبوا الأوضاع». وقال آخر «لقد مضت ثمانية أشهر لم أتمكن خلالها من العودة إلى منزلي في منطقة تلكلخ»، التي يسيطر عليها المعارضون ويحاصرها الجيش. بينما يضيف ثالث شاكيا: «إنهم يريدون إرغامي على معارضة النظام».

وأشار محافظ حمص، غسان عبد العال، إلى أن «من خطط لهذه الأزمة يسعى إلى اللعب بالوتر الطائفي ليهدم العلاقة بين مكونات المجتمع». وأضاف «إننا متأكدون من أن الغالبية ترفض التصعيد وتريد العيش بسلام».