«السلمية».. مدينة «الفقر والفكر»

تستضيف آلاف النازحين من حمص وحماه.. وتتمسك بالسلمية لإسقاط النظام

TT

يقول معارضون سوريون إن مدينة السلمية السورية الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا إلى الشرق من مدينة حماه لم تتأخر عن تلبية نداء «الثورة» والمشاركة في كل مظاهرها السلمية، إذ إنه ومنذ 25 مارس (آذار) 2011 خرج أهلها في أول مظاهرة من نوعها في مدينتهم دعما لمطالب المعارضة السورية، محطمين بذلك ما يقول أحد الناشطين من المدينة إنها «قيود وأغلال زرعها النظام؛ بدءا من الطائفية، لتنتهي بالتقسيم الشعبي لسوريا بين أقليات وأكثرية».

هذه المدينة التي يسميها البعض مدينة «الماغوط»، نسبة للشاعر الكبير محمد الماغوط، أو مدينة «الفقر والفكر» كما يسميها آخرون، حاولت إضافة طابع فكري ثقافي على المظاهرات، كما يقول محمد تيسير الناشط من المدينة، الذي يتحدث أيضا عن أن «المدينة بانتفاضتها المبكرة منعت النظام من التعامل معها بقسوة، لأن واقعها وتركيبتها التي يعرفها الجميع ما كانت لتتوافق ورواياته عن مجموعات سلفية وإرهابية، فحاول التحايل بخلق معارك داخلية بين أبناء المدينة، انجر إليها بعض أفراد المدينة التابعين للنظام والمستفيدين منه، كما بعض البسطاء الذين أعطاهم النظام (كارت أخضر) لفض المظاهرات بكل الوسائل، فكانوا يهاجمون المظاهرات ويقومون بصدامات، مستخدمين وسائل بسيطة كالسكاكين والحجارة لتتطور وتصل للأسلحة».

ويضيف الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «ثم بدأ النظام بالتحايل على المدينة، فدعا قبل جمعة أزادي إلى حوار مع ناشطي المدينة تعهدت خلاله قوات الأمن والشرطة بالسماح بحرية التظاهر، شريطة أن يتم ذلك في مكان محدد.. ليتفاجأ المواطنون بأن النظام قد حشد الشبيحة من داخل المدينة وخارجها وحصّنهم بأحد الأبنية العالية المطلة على موقع التظاهر المتفق عليه، ليتم رشق المظاهرة بالحجارة».

ويقول الناشط محمد تيسير إنه «وعند هذه النقطة، انتهى ما تبقى من ثقة بين أهل المدينة والنظام، ليبدأوا للمرة الأولى بالمطالبة بإسقاط النظام في جمعة أزادي»، مذكرا بأنه - وعند اقتحام الجيش السوري لمدينة حماه - خرج «أحرار مدينة السلمية نصرة لحماه، وأقاموا اعتصامات وسط ساحة الحرية، ثم خرجوا للساحة العامة وأحرقوا كل صور بشار الأسد»، لافتا كذلك إلى أن «أهالي السلمية استضافوا أكثر من 25 ألفا من أهل حماه المهجّرين منها بفعل قمع النظام واجتياحه للمدينة».

ويتحدث الناشطون في المدينة عن أكثر من أسلوب استخدمه النظام للتحايل على أبنائها، وفي هذا الإطار يقول تيسير إن النظام «حاول خلق فتنة طائفية في السلمية حين اتهم أبناء من الطائفة السنية بمحاولة تمزيق الصورة التي تظهر إمام الطائفة الإسماعيلية كريم آغا خان بجانب صورة بشار الأسد.. لكن خبرة أهالي المدينة ووعيهم حالا دون ذلك»، ويضيف «بعد فشل النظام في إنهاء المظاهرات ومع تعاظم المد الشعبي المعادي للنظام بدأت الحملة الأمنية، فحاصرت قوات الأمن والشبيحة الساحة التي يتظاهر فيها أبناء المدينة، وسدوا جميع المداخل، فما كان من السكان إلا أن تظاهروا في مناطق أخرى متحدين التشديد الأمني، ليتصاعد الحل الأمني بعملية اعتقال شرسة شنتها السلطات والقوات الأمنية مقتحمة بيوت الناشطين في 19 أغسطس (آب) 2011».

وتستضيف السلمية اليوم آلاف اللاجئين من مدينة حمص بعدما كانت قد قدمت كل المساعدات اللازمة لأكثر من 25 ألف نازح من حماه. ويلفت ناشطو المدينة إلى أن أهاليها يرسلون كذلك المساعدات لمن تبقى في حمص والرستن وأحيانا تحت القصف. وتطالب مدينة السلمية المنظمات الإنسانية والحقوقية بمعرفة مصير كل أبنائها الذين اعتقلوا منذ أكثر من سبعة أشهر، والذين تخطى عددهم السبعين.

يذكر أن نشطاء السلمية شاركوا في مظاهرات خارج منطقتهم، وبالتحديد في الخالدية وبرزة والبلد وكفرسوسة والميدان وقدسيا، فاعتقلت قوات الأمن على أثرها الناشطين تمام طهماز وغيفار سعيد، والطبيبين أحمد خنسة وأحمد طالب الكردي، والكاتب حسان محمد محمود.