«العليا الإسرائيلية» تأمر الحكومة بإخلاء وهدم الحي الاستيطاني قرب رام الله

بناء على دعوى من فلسطينيين وأنصار سلام يهود

TT

بعد بحث قصير، أعلنت هيئة من ثلاثة قضاة في محكمة العدل العليا بإسرائيل، رفضها طلب الحكومة تأجيل البت في قضية الحي الاستيطاني «أولبانا» في مستعمرة بيت إيل بمحاذاة رام الله، وأمهلت الحكومة مدة أقصاها شهران تنتهي في الفاتح من يوليو (تموز) لإخلاء الحي وهدم البيوت الخمسة وأية بيوت أخرى أقامها المستوطنون على أراض فلسطينية خاصة. وقد أثار القرار ردا هستيريا من اليمين المتطرف بلغ حد التهديد بسفك دماء، ومطالبة بسن قانون يكبل أيدي المحكمة العليا ويقيد صلاحياتها ويمنع تنفيذ قرارها هذا.

وجاء في قرار القضاة، أشير غرونيس (رئيسا) وعوزي فوغلمان وسليم جبران، أن صدور قرار الحكم هذا يضع حدا نهائيا للمداولات في موضوع القرار، ولا يمكن للأطراف أن تدعي مجددا بعد اليوم، في المواضيع التي حسمها قرار الحكم. واعتبرت «العليا» رغبة الحكومة النظر مجددا في سياستها، ذريعة لإعادة فتح ملف انتهى البحث فيه، داعية إلى احترام قرار «العليا» وتنفيذه خلال فترة زمنية محددة، كي لا يكون الإجراء القضائي مجرد إجراء وهمي لا قيمة له، بالذات عندما يكون هذا الإجراء في المحكمة العليا.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية، قد اتخذت قرارا في السنة الماضية بهدم الحي حتى الأول من شهر مايو (أيار) الحالي، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تنفذه. وفي اللحظة الأخيرة، توجهت إلى المحكمة طالبة إمهالها 90 يوما أخرى، لعلها تجد حلا للموضوع. وقد التأم القضاة الثلاثة في جلسة درامية في مطلع الأسبوع، للنظر في طلب حكومة بنيامين نتنياهو هذا. ولم يخف ممثل الحكومة أن الهدف هو إعادة البحث عن سبيل يمنع تنفيذ أوامر الهدم في المستوطنة. وقد انتقد القضاة الحكومة بشدة. وقال القاضي عوزي فوغلمان، «إنه عندما تقول الدولة إنها ستفعل شيئا فلا يخطر ببالنا أن الفعل لن يتم، لأن هناك احتراما متبادلا بين السلطات». وأضاف القاضي أنه لا توجد سابقة لإعادة فتح ملف وتغيير سياسة بعد صدور قرار الحكم، «لم أعرف شيئا كهذا في نهج القضاء ولا في أي نهج آخر، وهذا يعني أنه في مئات الملفات تأتي الدولة وتغير السياسة، الأمر الذي له تداعيات واسعة». وقال القاضي العربي جبران إن تصرف الحكومة يثير تساؤلات كثيرة حول فهمها للحياة الديمقراطية ومبدأ فصل السلطات.

وقد طلبت الحكومة، في ردها للمحكمة العليا الإسرائيلية، أن تسمح لها بالتراجع عن التزامها السابق، بهدم مبان استيطانية بنيت على أراض فلسطينية خاصة في الحي الاستيطاني «أولبانا»، مبررة ذلك بأن هدم المباني سيكون له تداعيات صعبة على مستوطني «بيت إيل» التي يقع الحي في نطاقها. وجاء في الرد، أن رئيس الحكومة والطاقم الوزاري يطلبون التفكير مجددا في طريقة تنفيذ السياسة التي قرروها سابقا، والقاضية بهدم كل ما بني على أراض خاصة، مما يشتق منه أيضا، موقفهم التفصيلي الذي سبق أن أعلموا المحكمة به.

من جهته، وصف ممثل الملتمسين، المحامي ميخائيل سفراد، تراجع دولة إسرائيل عن إعلانها السابق بهدم المباني القائمة على أراض فلسطينية خاصة، وصفه بإعلان حرب على سلطة القانون. وقال إن إسرائيل، بتوجهها لاقتطاع الأراضي الفلسطينية الخاصة، إنما تهدم الأساس الأخلاقي الذي تقوم عليه الدولة، على حد قوله. وقد اعتبر سكرتير حركة «سلام الآن»، ياريف أوفنهايمر، إعلان دولة إسرائيل المذكور بـ«عملية تفجير إرهابية ضد الدستور». وقال إن نتنياهو ووزراءه ينتهكون بشكل فظ وغير مسبوق، التزامهم الذي أعطوه للمحكمة العليا ويضعون المستوطنين فوق القانون، وإنه في لحظة الحقيقة تستقيم الحكومة مع سرقة الأراضي وانتهاك قرارات المحكمة إرضاء للمستوطنين، أعضاء مركز الليكود.

بالمقابل، بارك مستوطنو «أولبانا» القرار الحكومي ودعوا إلى شرعنة الحي الاستيطاني، مؤكدين معرفة الحكومة الإسرائيلية بأنه يشكل طرف جبل الجليد فقط، وأن هناك 9000 وحدة استيطانية يفترض تشريعها. وقد صدمهم قرار المحكمة الجديد فلم يتوانوا عن مهاجمتها والتلميح بأنها اتخذت قرارها تحت تأثير القاضي العربي في المحكمة العليا، سليم جبران. وقال داني ديان، رئيس مجلس المستوطنات، إنه لو كان الحديث جاريا عن هدم بيوت في أم الفحم (وهي ثاني أكبر مدينة عربية يسكنها فلسطينيو 48)، لكانت المحكمة وجدت طريقة لتسوية الأمور بلا هدم.

وهدد عضو الكنيست اليميني المتطرف، ميخائيل بن آري، بالرد على القرار بمقاومة شديدة، وقال إن تنفيذه سيؤدي إلى سفك دماء.