مجلس النواب المغربي يقر قانونا يمنح رئيس الحكومة حق تعيين 68 مسؤولا ساميا

وزير الوظيفة العمومية اعتبره مدخلا رئيسيا لتكريس الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة

TT

دافع الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) على قانون توزيع الصلاحيات بين الملك محمد السادس وعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، في مجال التعيين في المناصب العليا داخل المؤسسات الحكومية، واعتبره «أحد مظاهر الثورة المغربية»، بينما اعتبرته الحكومة «نموذجا متقدما للحكامة الجيدة على المستوى الدولي».

ويعد هذا القانون أول قانون تنظيمي تحيله الحكومة إلى البرلمان، حيث أحيل إلى المجلس خلال انعقاد الدورة الاستثنائية في مارس (آذار) الماضي.

وكانت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب قد أجازته بالأغلبية بعد موافقة الحكومة على تعديلات بسيطة تهم تدقيق المصطلحات وإدماج بعض مواد القانون، بينما رفضت تعديلا أساسيا يقضي بتقليص عدد «المؤسسات الاستراتيجية» التي يتم تعيين مسؤوليها من قبل الملك، وعددها 39 مؤسسة، تقدم به الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، على اعتبار أن عددا كبيرا من تلك المؤسسات ليست «استراتيجية»، ويمكن إلحاقها بلائحة المؤسسات التي يعين مسؤولوها من طرف رئيس الحكومة، الذي منحه هذا القانون صلاحيات التعيين في 51 مؤسسة حكومية، وفي 17 منصبا ساميا، أي ما مجموعه 68 منصبا.

وقال نواب الاتحاد الاشتراكي إنه من شأن تقليص عدد هذه المؤسسات توسيع صلاحية رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى إخضاع تلك المؤسسات لرقابة البرلمان ومؤسسات الرقابة المالية، بيد أن الحكومة أكدت في رفضها التعديل أن الطابع الاستراتيجي لهذه المؤسسات لا يعفيها من الرقابة.

وأوضح عبد العظيم الكروج، وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، خلال مناقشة القانون في جلسة عامة عقدت أمس (الثلاثاء) بمجلس النواب، أن القانون يشكل مدخلا رئيسيا لتكريس الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، مشيرا إلى أن الحكومة راعت أثناء تصنيف المؤسسات الاستراتيجية طبيعة الأنشطة والأدوار المنوطة بها، والمشاريع الكبرى التي تشرف عليها، وكذلك إشعاعها الدولي، وامتداد برامجها ومخططاتها على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما يجعلها في حاجة دائمة إلى الاستقرار.

من جهته، قال النائب سليمان العمراني، من حزب العدالة والتنمية، إنه طبقا لهذا القانون لم يعد ممكنا أن تذهب التعيينات رأسا إلى الديوان الملكي، بل لا بد أن تمر على رئيس الحكومة باقتراح الوزير المعني ويتداول بشأنها إما في المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك أو في المجلس الحكومي. وأضاف العمراني أن التعيينات في المناصب العليا كانت تتم في السابق لاعتبارات «سياسية وحزبية ضيقة» بينما الكفاءة والاستحقاق هي المعايير التي ستعتمد في اختيار المرشحين لتولي المسؤولية في المناصب العليا للدولة.

وكان القانون قد نص على مبادئ ومعايير التعيين في الوظائف المذكورة وحصرها في «مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة في وجه جميع المرشحات والمرشحين، وعدم التمييز بجميع أشكاله في اختيارهم، بما في ذلك التمييز بسبب الانتماء السياسي أو الثقافي، أو بسبب اللغة أو الدين أو الجنس أو الإعاقة، أو أي سبب آخر، وكذا مبدأ المناصفة بين النساء والرجال»، أما معايير التعيين فنص القانون على التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والتوفر على مستوى عال من التعليم والكفاءة، وعلى التجربة المهنية، وطالبت فرق الغالبية إضافة معيار «الاستقامة والنزاهة» إلى شروط استحقاق هذه الوظائف، وهو ما وافقت عليه الحكومة.

ومن أهم المؤسسات الاستراتيجية التي يخول القانون الملك تعيين مسؤوليها، «صندوق الإيداع والتدبير (صندوق مالي حكومي)، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، والخطوط الجوية المغربية، ومؤسسة الفوسفات، والبنك الشعبي المركزي، ومصرف القرض العقاري والسياحي، والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، مؤسسة السكك الحديدية، ومؤسسة المطارات، والشركة الوطنية للطرق السيارة (السريعة)، والوكالة المغربية للطاقة الشمسية، ووكالة الأنباء المغربية، والشركات الوطنية للإعلام المرئي والمسموع (المحطات التلفزيونية والإذاعية الحكومية)، وأرشيف المغرب، والمؤسسة الوطنية للمتاحف».