فتح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني السابق والمرشح لانتخابات الرئاسة المصرية، النار على جماعة الإخوان المسلمين، حين أكد أن وضعها الحالي «غير صحيح وغير قانوني»، وطالبها بالكشف عن أرصدتها المالية بشفافية ووضوح، أمام الرأي العام والدولة. وأثار حديث أبو الفتوح، الذي دأب على تكراره في أكثر من حوار تلفزيوني ومؤتمرات انتخابية خلال هذه الأيام، الجدل مرة أخرى حول مشروعية وجود الجماعة، التي تأسست منذ أكثر من 80 عاما، ويتبعها حزب سياسي (الحرية والعدالة) أنشأته بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني).
وبينما قال قانونيون وسياسيون إن إحدى مهام الرئيس المقبل هي وضع حد لعمل مثل هذه الجماعات الدعوية غير المقننة والتي تمارس العمل السياسي من دون أي غطاء قانوني يشملها، وتتلقى أموالا غير معروفة المصدر، رفضت جماعة الإخوان المسلمين هذه الاتهامات، وقالت قيادات بها لـ«الشرق الأوسط»: «إن وضع الجماعة الشرعي والقانوني سليم، ولن يستطيع أحد أن ينزعه، إلا بموجب حكم قضائي، كما أنها لا تتلقى أي أموال من الخارج».
وكانت جماعة الإخوان المسلمين، التي تم تأسيسها عام 1928، قد تم حلها كجمعية أهلية في عام 1948، وهو القرار الذي تم الطعن عليه أمام القضاء الإداري عام 1951، قبل أن يصدر الحكم النهائي بالحل في يناير 1952، وهو ما تبعته في عام 1954 إجراءات أكثر تعسفية بحق الجماعة شملت أحكاما بالإعدام في حق قياداتها.
وقال أبو الفتوح في حوار تلفزيوني له منذ أيام على قناة «النهار» الفضائية، إنه يجب فصل العمل الدعوي عن العمل الحزبي، مشيرا إلى أن «هذا ما يجب أن تقوم به جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، فلا يصح لجماعة دعوية أن تتحول لحزب سياسي»، قائلا «وضع جماعة الإخوان الآن غير قانوني وغير صحيح.. إحنا هنضحك على بعض؟». وتساءل «ما هو رقم الحساب الذي من الممكن أن يتبرع فيه أي أحد لجماعة لإخوان المسلمين؟.. لا أقول إن أموالهم خطأ، لكن يجب أن تكون هناك رقابة للذمة المالية للجماعة».
وكان أبو الفتوح (60 عاما) من القيادات البارزة في جماعة الإخوان، حتى تم فصله منها العام الماضي، بعد أن خالف قرارها بإعلانه الترشح للرئاسة منفردا، قبل أن تتراجع الجماعة عن تعهدها بعدم المنافسة في الانتخابات الرئاسية وتقدم محمد مرسي مرشحا عنها.
وبعد الثورة، حظيت الجماعة باعتراف سياسي وشعبي كبير، وفي مايو (أيار) 2011 افتتحت مقرا رئيسيا ضخما لها في ضاحية المقطم الراقية بالقاهرة، تبعته بافتتاح عدة مقرات أخرى عبر المحافظات المختلفة، وذلك من دون أي تغيير رسمي في الوضع القانوني للجماعة التي ظلت تعرف إعلاميا باسم «المحظورة» حتى سقوط نظام مبارك ليلة 11 فبراير (شباط) الماضي.
وقال المستشار أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض السابق، لـ«الشرق الأوسط: «إن جماعة الإخوان المسلمين غير مسجلة ومشهرة في وزارة الشؤون الاجتماعية، ولا تخضع للقانون 84 لعام 2002، وبالتالي هي لم توفق أوضاعها مع القانون الحالي وتعمل خارج الإطار القانوني».
واعتبر ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، في تعليقه لـ«الشرق الأوسط» عن وضع الجماعة، أن «الدولة أضعف من أن تواجه جماعة الإخوان، أو أنها في وضع اتفاق أو تحالف مع السلطة».
وأبرزت وسائل إعلامية محلية تصريحات أبو الفتوح، التي وصفها مراقبون بأنها «انقلاب واضح من صديق الأمس»، بشكل لافت، ونقلت صحيفة «الأهرام» (شبه الرسمية) ترحيب قوى مدنية بها، واعتبرتها تأكيدا لما نادت به منذ فترة طويلة.
وقال نبيل زكي، المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع اليساري «لا يوجد أي وضع قانوني لجماعة الإخوان.. هذه الجماعة هي القيادة الحقيقية لحزب الحرية والعدالة، ومن المفترض أنها جماعة دعوية لكنها تمارس العمل السياسي وينطبق عليها قانون الأحزاب الذي يحظر قيام الأحزاب الدينية».
ورفضت جماعة الإخوان تصريحات أبو الفتوح والتشكيك في قانونية الجماعة، وقال عبد المنعم عبد المقصود، محامي الجماعة، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «وضع الجماعة صحيح وقانوني، حيث تم تأسيسها عام 1928 وفقا لأحكام القانون ودستور 1923 المطبق حينها، وعندما تم حلها عام 1948 صدر حكمان من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار الحل وعودة الجماعة، وقد أكدت المحكمة في حكمها أن «الجماعة هيئة إسلامية جامعة» وليست جماعة بالمعنى الضيق، وبالتالي لا تخضع لقانون الجمعيات الأهلية.
وشدد عبد المقصود على أن «الجماعة لا تتلقى أي تبرعات أو أموال من الخارج، وأن كل أموالها هي ملكية خاصة، وطبقا للإعلان الدستوري والمبادئ الدستورية السابقة فإن الأموال الخاصة لا تمس ولا تجوز مصادرتها إلا بحكم قضائي، كما أن الجهاز المركزي للمحاسبات، المسؤول عن مراقبة الأموال في الدولة، لا يمكن أن يراقب أعمال الجماعة لأنها ليست أموالا عامة». وتابع «من يستطيع أن يثبت أننا تلقينا مليما من الخارج فليقدم بلاغا للنائب العام».
وأوضح عبد المقصود أن جماعة الإخوان حاليا تتعامل ككيان له شخصية قانونية لا يستطيع أحد أن ينزعها إلا بحكم قضائي، وأنه عندما يوجد قانون جديد ينظم عملها ويصلح لطبيعتها كهيئة إسلامية جامعة ويكون قادرا على احتواء أنشطتها الدعوية، ستنضوي تحت سقفه.
وكان محمود غزلان، المتحدث باسم الجماعة، قد أوضح لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن «الجماعة هيئة إسلامية جامعة، القانون الحالي لا يتسع لها ولأنشطتها المتعددة»، وأن القانون الحالي يقصر عمل الجمعيات على نشاط واحد كرعاية الأيتام أو التعليم، أو دفن الموتى. وأكد غزلان «نحن نفهم الإسلام على أنه دين شامل يتضمن السياسة والاجتماع والتعليم، لذا فالقانون الحالي لا يتماشى مع الجماعة»، مضيفا «نطالب بقانون موسع يتفهم عمل الجماعة بمختلف فروعه، ويتفهم العلاقة بين الجماعة وحزب الحرية والعدالة». وأكد غزلان أن «تمويل الجماعة يأتي من أعضائها الذين يدفعون نحو 7 في المائة من مرتباتهم، بالإضافة إلى تبرعات الميسورين من أعضائها». وقال غزلان «أرحب بأي جهة تراقب عملنا المالي، لأنه ليس هناك ما نخفيه».