ماراثون الرئاسة في مصر.. يكسر البروتوكول

«فول» و«عصير قصب» و«كشري» على أجندة دعاية المرشحين

المرشح حمدين صباحي يتناول الـ«آيس كريم» من عربة جوالة بمتنزه القناطر الخيرية («الشرق الأوسط»)
TT

مع اقتراب العد التنازلي للاقتراع عليها يومي 23 و24 مايو (أيار) الحالي؛ دخل ماراثون انتخابات الرئاسة في مصر مناطق ساخنة، حيث يتبارى المرشحون في تنويع حملاتهم الدعائية، وكسر النمط التقليدي السائد لها، ومفاجأة الجماهير بمواقف شعبية غير معتادة من قبل للتقرب من الناخبين وكسب أصواتهم.

ونافست دعاية المرشحين المشاهد المأثورة في السينما المصرية، والتي تناولت بشكل كوميدي وسائل تقرب الناخبين من مرشحيهم البسطاء؛ وانتقلت هذه المشاهد بزخم إلى أرض الواقع، فلم يجد عدد من المرشحين حرجا في كسر البروتوكول الرسمي ورسمية الحملات بطريقة أو بأخرى تقربهم من الجماهير لحثهم على الإدلاء بأصواتهم لصالحهم، حيث شهدت جولاتهم الانتخابية ومؤتمراتهم الجماهيرية في الأيام الماضية نوعا من التبسط ومشاركة المواطنين في تناول الأطعمة الشعبية أو الجلوس مع البسطاء على عتبات منازلهم.

فالمرشح حمدين صباحي دائم التجول في شوارع المناطق الشعبية وكذلك المحافظات الريفية، يصافح الشباب والأهالي ويقوم بتقبيل عدد من الأطفال، وأثناء جولته في ميدان لبنان بضاحية المهندسين لبى صباحي دعوة من صاحب محل عصائر لتناول كوب من عصير القصب المشروب الشعبي المفضل للمصريين، وفي احتفالات أعياد الربيع وشم النسيم ذهب صباحي إلى مدينة القناطر الخيرية لمشاركة المواطنين، ونقلت وسائل الإعلام صورته وهو يتناول الـ«آيس كريم» من عربة جوالة.

أما المرشح عمرو موسى فيحرص على مشاركة المواطنين طعامهم، ففي إحدى الجولات تناول وجبة الغداء داخل مطعم «فول وطعمية» مع الأهالي، ومن قبلها كان ظهوره وهو يأكل «الكشري» في إحدى المحلات المعروفة. وأثناء جولته بين سكان المقابر طرق باب الحجرات وصافح سكانها. وبحسب أحد سكان المقابر «عندما مشى موسى بيننا شعر بحب الناس، وقرر أن يقضي أكثر جولته سائرا على قدميه ليتفقد أحوالنا».

«الكشري» أيضا كان حاضرا في إحدى جولات المرشح عبد المنعم أبو الفتوح، ففي إحدى جولاته الميدانية بحي مدينة نصر لم يجد وسيلة فعالة للتعرف على مشاكل المواطنين أفضل من زيارة لأحد محلات الكشري للتحدث إليهم.

ومن المشاهد المتكررة في جولات المرشحين في أنحاء مصر استقبالهم من جانب المواطنين على أنغام المزمار البلدي كنوع من الحفاوة، وهو ما صاحب المرشح أحمد شفيق في إحدى جولاته الانتخابية في إحدى قرى صعيد مصر، والذي تفاعل معه شفيق بالدخول إلى سرادق مؤتمره الانتخابي على ظهر «حصان».

هذا النمط من الدعاية يتسم بقدر عال من التلقائية الشعبية، وليس شكليا أو مصطنعا كما حدث مع مشهد الرئيس المخلوع (مبارك) وقت انتخابات الرئاسة عام 2005، حين تخلى عن السيارات الفخمة والحراسات وتوقف لدقائق أمام كوخ صغير على رأس حقل في إحدى القرى لاحتساء كوب من الشاي مع أحد المزارعين، وهو يتجاذب أطراف الحديث معه، وهو مشهد أثار جدلا في الشارع المصري حينها حول صدقيته.

ولا تمر مظاهر كسر البروتوكول الرسمي للمرشحين مرور الكرام على أعضاء مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، حيث يتم تداول صور المرشحين وهم في جولاتهم على هذه المواقع بكثرة، مع مسحة من السخرية والنكات أحيانا، وبنوع من الاستنكار والتشكيك في نوايا المرشحين في أحيان أخرى.

فبينما يعلق أحد الأعضاء قائلا «مرشحو الرئاسة.. مش هتقدر تغمض عينيك»، يرى آخر «إننا بالفعل نحتاج لمرشح يأكل الطعام ويمشي في الأسواق»، فيما يطرح البعض تساؤلات حول تلك المظاهر كونها تمثيلا من جانب المرشحين أم تبسطا حقيقيا من جانبهم. وبحسب المحلل النفسي مدحت حامد، فهذه الأساليب التي يلجأ إليها المرشحون تأتي من أجل التواصل مع المواطنين، كطرق دعاية ومحاكاة للتفاعل الجماهيري مع الشعب، فبعضهم يقوم بسلوكيات يفعلها فقط في منزله مثل المأكل والمشرب لكنه لجأ لإظهارها على غير عادته أمام الكاميرات وأمام الجماهير حتى يتقرب منهم ويشاركهم وجدانيا ويشعرهم بأنه منهم ولا يختلف عنهم.