في صدام مفاجئ بين لجنة الانتخابات الرئاسية في مصر ومجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان) بما قد يهدد مصير الانتخابات الرئاسية، قررت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية، أمس، تعليق أعمالها ووقف نشاطها الخاص باستكمال إجراءات الانتخابات، احتجاجا على ما وصفته بـ«تطاول بعض نواب مجلس الشعب على اللجنة وأعضائها وتشكيكهم في نزاهتها»، أثناء مناقشة تعديلات قانون انتخابات الرئاسة في البرلمان أول من أمس.
وأثار هذا التعليق مخاوف المرشحين، خاصة أن هذا القرار جاء قبل يومين من بدء تصويت المصريين في الخارج لاختيار رئيس الجمهورية، هذا إلى جانب توقف مجموعة من الإجراءات كان من المقرر أن تنهيها لجنة الانتخابات أمس.
وأصدرت لجنة الانتخابات بيانا شديد اللهجة أكدت فيه «أنه قد يكون من الأفضل أن تجلي موقفها (اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية)، وتعلن لأبناء الشعب المصري أنه إزاء سعي البعض إلى تأزيم المواقف، وتأجيج الفتن، فإنه يتعذر عليها الاستمرار في مباشرة أعمالها على النحو الذي يرضيها ويحقق آمال أهلنا من المصريين».
وأوضحت اللجنة أنها وهي تترفع عن الرد على ما أصابها من تطاول، «تهيب بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، المنوط به إدارة شؤون البلاد، أن يمارس سلطاته الدستورية؛ كونه حكما بين السلطات، لكي تتمكن اللجنة من مواصلة أعمالها، وإنجاز ما تبقى من إجراءات، وإنهاء العملية الانتخابية في مواعيدها المحددة سلفا، إعلاء للمصلحة العليا للوطن».
وألغت اللجنة الاجتماع الذي دعت إليه مساء أمس مع جميع المرشحين للرئاسة لإطلاعهم على كل إجراءات واستعدادات الانتخابات. وقال رئيس اللجنة، المستشار فاروق سلطان: «إذا كانت اللجنة قد تسامحت كثيرا فيما تردد في بعض الأوساط السياسية، ممن يزعمون أنهم أضيروا من قرارات أصدرتها اللجنة، وهي قرارات ما اتخذتها إلا تطبيقا لأحكام القانون، فإنه ليس من المقبول ما قاله بعض نواب الشعب في المجلس في هذا الخصوص وفي هذا التوقيت بالذات، وما صدر عنهم من تهديدات للجنة وأعضائها وأمانتها العامة، أثناء المناقشات، لقضاة مصر المشرفين على العملية الانتخابية».
ورفض المستشار حاتم بجاتو، الأمين العام للجنة الانتخابات، تفسير موقف اللجنة وإلى أي مدى ستعلق أعمالها، وقال بجاتو لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما ذكرته اللجنة في بيانها مقصود بالكلمة، وإنهم في انتظار ما يقرره رئيس اللجنة بخصوص العودة للعمل أو البقاء بتعليق أعمالهم».
وأوضحت مصادر قضائية بلجنة الانتخابات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أعضاء اللجنة فقط هم من أوقفوا أعمالهم، لكن جميع الموظفين يقومون بأعمالهم الإدارية بشكل اعتيادي، وأن رئيس اللجنة، فاروق سلطان، يدرس الموقف حاليا مع باقي الأعضاء والمجلس العسكري للحفاظ على هيبة لجنة الانتخابات واحترام قراراتها».
وكان مجلس الشعب قد وافق بشكل نهائي على تعديلات في قانون انتخابات الرئاسة المصرية، أبرزها ضرورة فرز أصوات الناخبين في اللجان الفرعية مع إلزام القضاة باستخراج صورة من محضر الفرز لكل مرشح وعدم السماح لأعضاء لجنة الانتخابات بتقلد أي مناصب سياسية بعد انتهاء الانتخابات، وتخفيف عقوبة مخالفة الدعاية الانتخابية لتكون بالغرامة وليس بالحبس سنة.
وبقرار تجميد نشاط لجنة الانتخابات، توقفت مجموعة من الإجراءات كان من المقرر أن تنهيها لجنة الانتخابات أمس، أهمها إغلاق باب التنازلات بين المرشحين للرئاسة، مع توزيع الناخبين على لجان الاقتراع على مستوى الجمهورية، وتحديد عدد اللجان الفرعية حتى يتم تجهيزها استعدادا لإجراء التصويت على الانتخابات يومي 23 و24 مايو (أيار) الجاري.
يضاف إلى ذلك استعدادات لجنة الانتخابات، بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، لبدء تصويت المصريين في الخارج بانتخابات رئاسة الجمهورية المقرر بدء التصويت فيها يوم الجمعة المقبل 11 مايو لمدة أسبوع.
واعتبر الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، قرار لجنة الانتخابات نوعا من التحذير والاحتجاج بعد التطاول عليها خلال الفترة الأخيرة، وخاصة بعد استبعاد عدد من المرشحين أمثال خيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل.
وأوضح أن لجنة الانتخابات أمامها أكثر من خيار يمكن اللجوء إليه باعتبار أنها لجنة مستقلة، ولها حصانتها واختصاصاتها في إصدار ما تراه من قرارات، مشيرا إلى أن اللجنة بإمكانها تأجيل الانتخابات، إذا رأت، أو وقفها وإلغاؤها، مشيرا إلى أن اللجنة ستتعامل بحكمة مع الموقف الراهن، خاصة أن إلغاء الانتخابات مطلب عدد من التيارات التي تصعد موقفها ضد اللجنة منذ فترة لأنها ترى أنها حرمت من السباق الرئاسي، وبالتالي فإن اللجنة أرادت أن تحصن قراراتها وتحفظ هيبتها فيما تتخذه من قرارات.
في المقابل تنوعت مواقف وردود فعل مرشحي الرئاسة من قرار لجنة الانتخابات، حيث قالت حملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح إن لجنة الانتخابات لا تملك سلطة أو اختصاص تعليق عملها، وقالت اللجنة القانونية بالحملة في بيان لها إنه لا يوجد نص قانوني أو لائحي يبيح للجنة اتخاذ مثل هذا القرار كلجنة إدارية، وإذا اتخذته بوصفها لجنة قضائية فإنها ارتكبت بذلك جريمة إنكار العدالة.
وأعرب المرشح الرئاسي عمرو موسى عن قلقه من موقف لجنة الانتخابات، خاصة أنه قد يؤثر على مسيرة الانتخابات الرئاسية، وقال: «أتفهم احتجاج اللجنة على ما جرى إزاءها في البرلمان، ولها أن تتخذ من الإجراءات والمواقف ما تراه مناسبا، إلا أن إطار عملها والمصالح المرتبطة بها يجب أن يؤخذ في الاعتبار».
وأعلن أحمد عبد العاطي، منسق حملة الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة، استمرار نشاط اللجنة وحملاتها الدعائية على الرغم من تعليق لجنة الانتخابات أعمالها، وقال في بيان له إنه يجب أن تكون هناك سرعة في الوصول لحلول لهذا الموقف دون إرباك للمشهد السياسي، خاصة أن كل الأمور تسير في مراحلها النهائية، وأنه من المنتظر أن تجرى الانتخابات في مواعيدها المحددة سلفا ولا تؤجل.