اليونان تدخل مرحلة الضبابية السياسية دون حكومة وبرلمان

الرئيس يكلف زعيم حزب سيريزا اليساري المتشدد بتشكيل حكومة ائتلافية

الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس يصافح زعيم التحالف اليساري الراديكالي أليكسيس تسيبراس في أثينا أمس بعد أن كلفه بتشكيل حكومة ائتلافية (أ.ف.ب)
TT

تلقى زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس، الذي يعارض اتفاقات الإنقاذ المالي لبلاده، تكليفا أمس من الرئيس اليوناني بتشكيل حكومة ائتلافية، عقب الانتخابات التي أدت إلى برلمان، أي لا يتمتع فيه أي حزب بالأغلبية التي تسمح له بتشكيل حكومة بمفرده.

وقال تسيبراس: «هذه لحظة تاريخية لليسار، ومسؤولية كبيرة». وحصل تسيبراس، وهو زعيم حزب الائتلاف اليساري الراديكالي (سيريزا) على التفويض الذي يستمر 3 أيام، بعد إخفاق زعيم حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ أنتونيس ساماراس في مساعيه لتشكيل حكومة ائتلاف.

كان زعيم حزب الديمقراطية الجديدة أنتونيس ساماراس، الذي حاز حزبه المركز الأول بنسبة متدنية بلغت 8.‏18 في المائة من الأصوات، أخفق في تشكيل ائتلاف أمس وأعاد التفويض للرئيس.

يحاول تسيبراس خلال الأيام الثلاثة البحث عن شركاء في الائتلاف الحكومي، وفي حال فشله ينقل التفويض إلى وزير المالية السابق إيفانغيلوس فينيزيلوس الذي حل حزبه، الباسوك الاشتراكي، في المركز الثالث في الانتخابات التي جرت في البلاد قبل يومين. وفي حال إخفاق المحاولة الثالثة، يتم الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، يرجح أن تكون الشهر المقبل.

من المتوقع أن يسعى زعيم حزب سيريزا إلى الأحزاب الأخرى في معسكر اليسار في محاولة لتشكيل ائتلاف بقيادة اليسار.

وجاء في تقرير أوردته صحيفة «كاثيميريني» اليونانية أن هدفه سيتمثل في السعي للحصول على موافقة الحزب الشيوعي اليوناني (كيه كيه إي) وحزب اليسار الديمقراطي الذي يعتبر أكثر اعتدالا، فضلا عن تأييده لأوروبا. غير أن مساعيه قد تبوء بالفشل بعد أن أعرب الحزب الشيوعي عن نيته علنا عدم التعاون مع الأحزاب اليسارية الأخرى أو الأحزاب التقليدية في البلاد.

من المتوقع أن يلتقي سيبراس رؤساء الأحزاب الصغيرة التي لم تتمكن من اجتياز الحاجز الانتخابي المحدد بـ3 في المائة لدخول البرلمان في مسعى لتعزيز موقف سيريزا قبيل جولة إعادة محتملة.

يذكر أن مواطني اليونان يشعرون بخيبة أمل إزاء النهج الذي تتبعه البلاد بعد قرابة 5 أعوام من الركود والبطالة التي بلغت معدلات قياسية، لم يمنحوا أصواتهم لأحزاب تيار الوسط في انتخابات أول من أمس الأحد، الأمر الذي حرم الحزبين الكبيرين التقليديين - حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ وحزب الباسوك الاشتراكي - من الحصول على أغلبية برلمانية.

وأوضح زعيم حزب الديمقراطية الجديدة، متصدر الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، أن كل الجهود التي بذلها طوال نهار الاثنين في مسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية قد باءت بالفشل، ما يعني أن مهمة تشكيل الحكومة ستنتقل حكما إلى زعيم الحزب الذي حل ثانيا في الانتخابات، وهو في هذه الحالة حزب سيريزا اليساري المتطرف.

وقال ساماراس في مقابلة تلفزيونية في ختام نهار طويل من الاجتماعات مع قادة عدد من الأحزاب: «لقد فعلت كل ما بوسعي من أجل أن أصل إلى نتيجة، ولكن الأمر كان مستحيلا». وأضاف: «لقد أبلغت الرئيس (كارولوس بابولياس) بذلك وأعدت إليه تكليفي».

وعملا بأحكام الدستور كلف الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس الاثنين ساماراس تشكيل الحكومة في غضون 3 أيام، وهي مهمة توقع الكثيرون فشلها في ظل برلمان أغلبية نوابه من رافضي الإجراءات التقشفية الصارمة المفروضة على اليونان منذ 2010 لإنقاذها من الإفلاس.

وبإعلان ساماراس فشله فإن التكليف سينتقل حكما إلى أليكسيس تسيبراس، زعيم ثاني أكبر حزب في البرلمان، حزب سيريزا اليساري الراديكالي، الذي ستكون أمامه هو أيضا مهلة ثلاثة أيام لتشكيل الحكومة.

وكان تسيبراس أعلن رفضه عرضا للانضمام إلى حكومة ائتلافية بقيادة ساماراس، مؤكدا أنه يريد أن يشكل بنفسه ائتلافا يضم «القوى اليسارية» الرافضة للتقشف.

وقال تسيبراس في خطاب عبر التلفزيون: «لا يمكن أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية مع اليمين الذي وقع إجراءات التقشف الهمجية.. التي رفضها الشعب» في انتخابات الأحد، مشددا على أن «التوقيع على اتفاق القرض (المقدم لأثينا من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي) ليس وحدة وطنية، بل مأساة».

وسجل سيريزا نتيجة باهرة في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، صدمت جميع المراقبين، حيث تمكن من زيادة عدد مقاعده في البرلمان السابق ثلاثة أضعاف بحصوله على نحو 17% من الأصوات و52 مقعدا من أصل 300 مقعد. وبهذه النتيجة حل الحزب ثانيا بفارق ضئيل للغاية عن متصدر الانتخابات حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ الذي حصل على 18,85% من الأصوات، وحجز لنفسه 108 مقاعد في البرلمان، وذلك بفضل الـ50 مقعدا التي يخصصها القانون الانتخابي للحزب الذي يحل أولا في الانتخابات.

وأجرى ساماراس الاثنين مفاوضات أيضا مع زعيم حزب باسوك الاشتراكي إيفانغيلوس فينيزيلوس الذي مني حزبه بأسوأ نتيجة له في تاريخه الانتخابي بحصوله على 13,18% فقط من الأصوات، وحل ثالثا في ترتيب الأحزاب داخل البرلمان.

وأكد فينيزيلوس استعداده للانضمام إلى حكومة ائتلافية تضم «كل الأحزاب الموالية لأوروبا، سيريزا واليسار الديمقراطي، لإيجاد حل».

واليسار الديمقراطي (ديمار) هو حزب موالٍ لأوروبا أكثر اعتدالا من سيريزا، وقد حصل على 6,10% من الأصوات أهلته لدخول البرلمان للمرة الأولى.

وكان فينيزيلوس دعا إلى أن يعهد بمهمة تشكيل الحكومة إلى «شخصية وفاقية» تعكس المنحى العام المناهض لإجراءات التقشف، وقال: «ما دام الموضوع الرئيسي للمفاوضات هو التوجه الأوروبي للبلاد والبقاء في منطقة اليورو فلا بد من التفاوض على إجراءات التقشف التي أملتها علينا أوروبا وطلب مهلة ثلاث سنوات عوضا عن سنتين لإصلاح الموازنة العامة للبلاد».

وقد رفض حزبان هما سيريزا وديمار عرض ساماراس بالانضمام إليه لتشكيل حكومة ائتلافية برئاسته، في حين أن الحزب الشيوعي وحزب اليونانيين المستقلين لم يوافقا حتى على لقائه.

أما حزب باسوك الذي حل ثالثا في الانتخابات فقد وافق على الانضمام إلى حكومة ائتلافية بقيادة ساماراس بشرط أن تنضم إليها بقية أحزاب اليسار.