السعودية: بعض مناطق الشرق الأوسط تعاني غيابا تاما للعدالة وإنكار الحقوق

في كلمة ألقاها الأمير تركي بن محمد أمام اجتماع «عدم الانحياز»

TT

أكد الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف، أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تعاني في بعض مناطقها من غياب تام للعدالة وإنكار لحقوق الآخرين، مبينا أنه ليس أدل على ذلك من استمرار الاحتلال الإسرائيلي الجاثم لعقود على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال الأمير تركي في كلمته أمس أمام الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز بمدينة شرم الشيخ المصرية «إن المملكة العربية السعودية تجدد التأكيد على موقفها الثابت والراسخ الداعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني انطلاقا من دعمها وتأييدها للمبادرة العربية للسلام».

وبشأن الوضع في سوريا، أشار إلى أن بلاده في طليعة أي جهد دولي يحقق حلولا عادلة وعاجلة وشاملة لحماية الشعب السورين، وتشدد على أهمية الإسراع في وقف العنف ووضع حد لإراقة الدماء وبما يضمن توصيل المساعدات الطبية والإنسانية إلى جميع المدنيين المتضررين».

وفي ما يتعلق بالإمارات، شدد وكيل وزارة الخارجية على دعم المملكة المطلق لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث المحتلة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وأن المملكة تطالب طهران بالاستجابة إلى دعوة دولة الإمارات لإيجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر عن طريق الوسائل السلمية بواسطة المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وفي الشأن اليمني، أوضح أن اليمن يتعرض لتحديات ومخاطر عديدة تستوجب من الجميع تقديم الدعم والمؤازرة والمساندة للجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، خاصة أن أمنه واستقراره مرتبط بأمن واستقرار الجميع، لافتا إلى أن اليمن يحتاج إلى دعم دول عدم الانحياز في هذه المرحلة الحرجة في مساره السياسي والاقتصادي والأمني.

وفي ما يخص السودان، أكد الأمير تركي أن المملكة العربية السعودية تدعو حكومة جنوب السودان إلى الالتزام باحترام الحدود القائمة بينها وبين السودان على أساس حدود الأول من يناير (كانون الثاني) 1956، وتنفيذ الالتزامات المبرمة بين البلدين في كل المجالات، وفض المنازعات بالطرق السلمية، ووقف جميع أشكال التعديات بين البلدين.

وفي ما يتعلق بظاهرة الإرهاب، أكد أن محاربة هذه الظاهرة لم تعد شأنا محليا ينحصر في حدود دولة ما، وإنما تعدت ذلك لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره، موضحا أن السعودية أكدت في مناسبات عديدة إدانتها واستنكارها للأعمال الإرهابية، والعمل على استئصال الإرهاب من جذوره بكل أشكاله انطلاقا من المبادئ والقيم التي تؤمن بها، والإسهام بفاعلية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف ظاهرة الإرهاب دون انتقالية أو ازدواجية، ومعالجة أسبابه لما في ذلك من دعم للاستقرار والأمن الدوليين، مبينا معاناة بلاده من عمليات الإرهاب في الماضي كما هو حال كثير من دول الحركة، وأنها اتخذت العديد من التدابير اللازمة لمحاربة هذه الظاهرة على جميع المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، ومن ذلك عقدها للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب (الرياض - 2005) تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بهدف الحوار وتبادل الآراء بين المشاركين. وقد تبنى المؤتمر توصيات عديدة نتج عنها إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب بشكل لا يتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك اتخاذ الدول الإجراءات القانونية اللازمة للقضاء على الإرهاب وتمويله.

وقال إنه في ضوء ما يشهده العالم من اضطراب وتفاوت في القيم والمفاهيم وانتشار روح الكراهية، ومساهمة في نشر قيم الحوار المتسامح والاعتدال وبناء علاقات تعاون وسلام تسهم في مواجهة تحديات الانغلاق وضيق الأفق، فقد بادر خادم الحرمين الشريفين بإطلاق دعوته الصادقة لتبني نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات، حيث عُقد اجتماع في مكة المكرمة عام 2008، ونتيجة لما حققه هذا الاجتماع من نتائج إيجابية فقد تم عقد اجتماع آخر في مدريد شارك فيه عدد كبير من أتباع الديانات والثقافات العالمية برعاية من خادم الحرمين الشريفين وملك إسبانيا، وتوصل المجتمعون إلى رؤى وتوصيات بناءة تهدف إلى تحقيق التقارب والتعاون وخلق مناخ التسامح بين معتنقي الديانات والحضارات المختلفة.

وفي مجال حقوق الإنسان، أكد الأمير تركي أن بلاده حققت إنجازات عديدة مستمدة من التعاليم الإسلامية السمحة باعتبارها دستورا لها، وتماشيا مع التطورات الدولية في هذا المجال فقد انضمت إلى العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية الرئيسية لحقوق الإنسان، وإنشاء الهياكل الوطنية الرئيسية لحقوق الإنسان، والعديد من الإنجازات والجهود في مجال حقوق ووضع المرأة وحقوق الطفل داخليا ودوليا، وتعزيز ودعم المملكة بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمساهمة في البرامج الإنسانية التنموية الدولية بما يتفق مع إعلان الأهداف التنموية الألفية.

وبين أن «المملكة العربية السعودية تضطلع بدورها في الشؤون الاقتصادية الدولية من خلال عضويتها ضمن مجموعة العشرين للتأكيد على عدم استغلال الأزمة العالمية لتحقيق مصالح واهتمامات الدول المتقدمة. وتدعم بلادي اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحرير التجارة وتجنب السياسيات الحمائية التي تعرقل جهود إنهاء الأزمة المالية العالمية، وأكدت على أن تكون جهود إصلاح النظام المالي والتجاري الدولي من خلال المؤسسات القائمة لبناء نظام اقتصادي عالمي يقوم على شراكة جديدة ومتوازنة بين الدول النامية والدول المتقدمة على أساس من التعاون والعدل والمساواة والشفافية والمنافع المتبادلة، وحاجة هذه الدول إلى وصول منتجاتها إلى أسواق الدول المتقدمة».

وأشار أن المملكة تعد دولة مانحة وشريكا رئيسيا في التنمية الدولية، فقد مثلت المساعدات والمعونات الخارجية جانبا أساسيا من سياسات المملكة إلى الدول النامية منذ عام 1973 وحتى هذا اليوم، حيث قدمت أكثر من 100 مليار دولار، استفاد منها أكثر من 95 دولة من الدول النامية. وفي مجال المساعدة للقضاء على الفقر أوضح أن السعودية تقوم بجهود حثيثة من خلال المنظمات الدولية المتخصصة، وبشكل ثنائي، حيث قدمت مبلغ مليار دولار لصندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي، وأعلنت عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لمبادرة الطاقة من أجل الفقراء التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين خلال مؤتمر جدة للطاقة، كما تبرعت بمبلغ 500 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي لمساعدة الدول الفقيرة على ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية.

وفي ما يخص أمن الطاقة، أشار إلى أن «السعودية ترى أن أمن الطاقة لا يقتصر على أمن الإمدادات، لكن يتعداه إلى أمن الطلب أيضا وتلافي التذبذب والمضاربات في الأسعار، وعدم استهداف البترول بضرائب تمييزية، واستشعارا منها بأهمية ذلك أعلنت بلادي عن تخصيص 500 مليون دولار تقدم على شكل قروض ميسرة لتمويل مشاريع الطاقة في الدول النامية، كما أعلنت خلال قمة أوبك التي عقدت في الرياض عن تبرعها بمبلغ 300 مليون دولار لإنشاء صندوق خاص لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي».

وأشار إلى أن تغير المناخ جزء لا يتجزأ من موضوع التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة، التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة، وأنه ينبغي التصدي لهذا الأمر بشكل متكامل من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والهيئات الفرعية ذات الصلة، وأن أي تدخل لمجلس الأمن في هذا الموضوع سوف يؤدي إلى تداخل لا مبرر له في الاختصاصات، وأنه من الضروري لجميع الدول الأعضاء أن تعزز التنمية المستدامة من خلال التقيد بمبادئ «ريو»، لا سيما مبدأ المسؤولية المشتركة والمتفاوتة.