بغداد ترجئ محاكمة الهاشمي مجددا

رئيس الحكومة العراقية: لا مشكلة مع تركيا ولا نريد أن نعاديها

TT

في الوقت الذي استجابت فيه المحكمة الجنائية العراقية المركزية مرة أخرى للطلب الذي تقدم به محامي الدفاع عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي مع عدد من أفراد حمايته لتأجيل النظر في القضية، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس إن بلاده لا تريد أن تعادي تركيا التي ترفض تسليم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المطلوب للقضاء بتهم إرهاب.

وفي بيان مقتضب للصحافيين داخل قاعة المحكمة، تلا أحد مسؤولي الإعلام في المحكمة بيانا قال إنه «تم تأجيل المحاكمة إلى الأسبوع المقبل»، من دون تحديد التاريخ. وعزا الموظف سبب التأجيل إلى «تقديم محامي الدفاع عن الهاشمي طعنا إلى محكمة التمييز للمرة الرابعة لنقل محاكمته من المحكمة الجنائية إلى المحكمة الاتحادية».

من جهته، قال محامي الدفاع عن الهاشمي مؤيد العزي إن «المحكمة الاتحادية مختصة بالنظر في القضايا المتعلقة بأصحاب المناصب السيادية وفق أحكام المادة 93 من الدستور». وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الطعن تضمن كذلك وجود نواقص وأخطاء في التحقيقات التي أجريت من قبل اللجنة القضائية التحقيقية»، مشيرا خصوصا إلى «وجود إكراه معنوي في الاستجواب». وتابع العزي: «طالبنا في الطعن كذلك بضرورة أن تنظر محكمة التمييز (في إمكانية) أن تجتمع بكل أعضائها لأهمية القضية وحساسيتها».

من جهتها، أبدت القائمة العراقية التي يعد الهاشمي أحد قيادييها استغرابها من إحالة قضية نائب رئيس الجمهورية إلى الإنتربول، منتقدة إطلاق سراح «مجرمين» دوليين ومحليين، في إشارة إلى قيام إحدى المحاكم العراقية بتبرئة الناشط في حزب الله اللبناني علي موسى دقدوق الذي كان الأميركان قد سلموه للسلطات العراقية بوصفه أخطر المطلوبين. وبررت المحكمة العراقية إطلاق سراحه بعدم توفر الأدلة الكافية للحكم عليه.

وقالت المتحدثة باسم «العراقية» ميسون الدملوجي في بيان صدر أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن قائمتها «تستغرب من إحالة قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إلى الإنتربول في الوقت الذي يتم فيه إطلاق سراح مجرمين دوليين ومحليين دون عقاب»، مبينة أن «هذا الأسلوب في التعامل مع الشركاء السياسيين يسيء لسمعة العراق».

واعتبرت الدملوجي أن «استقلالية القضاء أصبحت موضع شك من قبل الشعب العراقي والمجتمع الدولي على حد سواء»، مشيرة إلى أن «هذا الأمر يتم في ظل الإفراج عن أركان الأجهزة القمعية للنظام البائد وتبرئة دقدوق عضو حزب الله اللبناني المتهم بجرائم كبرى في العراق بينما تحال قضية الهاشمي إلى الإنتربول على الرغم من دوره البارز والمعروف في إقناع عدد من الفصائل المسلحة برمي السلاح والولوج في العملية السياسية حقنا للدماء».

وأكدت الدملوجي أن «الهاشمي على أتم الاستعداد للمثول أمام محكمة عراقية لتبرئة سمعته، مما نسب إليه من تهم جائرة بشرط توفر العدالة وبعيدا عن التسييس والاستهداف الرخيص»، معربة عن استغراب قائمتها «من صمت القضاء عن استشهاد أحد أفراد حماية السيد الهاشمي في المعتقل وتحت التعذيب، وآثار القسوة والوحشية ظاهرة على أماكن حساسة من أجسادهم».

من جهة أخرى، قال المالكي في مقابلة مع محطة «إن آر تي» الفضائية الكردية ستبث في وقت لاحق إن «سياستنا في العراق اليوم قائمة على أساس تطوير العلاقات الخارجية مع جميع دول العالم»، وأضاف: «لا نريد معاداة تركيا ولا إيران أو أميركا أو السعودية ولا أي بلد آخر، وما حصل من مواقف وتصريحات صدرت من الجانب التركي لا تمت بصلة لقواعد الاحترام المتبادل بين الدول». وقبيل اندلاع قضية الهاشمي، سادت مرحلة من التوتر بين أنقرة وبغداد.

وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن في الثالث من مايو (أيار) الحالي عن تأجيل محاكمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المطلوب بتهمة «الإرهاب» وأفراد حمايته إلى الخميس، العاشر من شهر مايو الحالي، للنظر بالطعن المقدم من فريق الدفاع بشأن نقل محاكمته إلى المحكمة الاتحادية.

من جهته، أعلن الهاشمي عن عزمه على البقاء في تركيا حتى حل الأزمة السياسية العراقية، بعد يوم واحد على إصدار منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) مذكرة حمراء بحقه بناء على شكوك بأنه متورط في قيادة وتمويل جماعات إرهابية في العراق، التي قالت إنها تحد بشكل كبير من حريته في التنقل وتتيح للبلدان الموجود فيها إلقاء القبض عليه، فيما أكدت أنها ليست مذكرة اعتقال دولية.

واتهم أردوغان مؤخرا نظيره العراقي باحتكار السلطة وبالتمييز حيال المجموعات السنية في حكومته. ورد عليه رئيس الوزراء الشيعي متهما تركيا بإشاعة الفوضى في المنطقة من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. وبعد إصدار مذكرة توقيف بحق الهاشمي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رفض الأخير الاتهامات الموجهة إليه ولاذ بالفرار.

وبعد أن لجأ إلى إقليم كردستان في شمال العراق في 19 ديسمبر الماضي رفضت السلطات تسليمه لبغداد، فانتقل إلى قطر ثم إلى السعودية ومنها إلى تركيا.