المغرب: تكهنات باحتمال إسقاط مجلس المستشارين لموازنة 2012

حكومة ابن كيران لا تتمتع بالغالبية فيه.. وانتقادات لرغبتها في «الجمع بين حلاوة السلطة وشرف المعارضة»

TT

توقعت مصادر برلمانية أن يسقط مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية من البرلمان) خلال تصويته اليوم (الجمعة) الموازنة السنوية، وهو ما سيخلق إشكالات عويصة أمام حكومة عبد الإله ابن كيران، التي لا تتوفر على أغلبية في هذا المجلس، عكس ما هو عليه الحال في مجلس النواب.

وفي غضون ذلك، وجه حكيم بن شماس، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، انتقادات لاذعة لحكومة ابن كيران، وقال إنها «توزع الوعود والأوهام بسخاء وبقليل من المسؤولية»، كما أنها من وجهة نظره «لا تعمل بمنطق الدولة، بل بمنطق المزايدات الفارغة».

وجاءت هذه الانتقادات خلال جلسة عامة للمجلس عقدت أمس (الخميس) لمناقشة الموازنة السنوية. وعقدت الجلسة بحضور عدد محدود جدا من المستشارين لا يتجاوز 26 مستشارا، ولتبرير هذا الغياب قال بن شماس، الذي يتوفر حزبه على أكبر مجموعة برلمانية بالمجلس (59 مستشارا)، إن ضعف جاذبية مناقشة القانون المالي (الموازنة السنوية) بمجلس المستشارين، خلافا للسنوات الماضية، يعود إلى «إرادة الحكومة تقزيم دور المجلس، والاستخفاف به وكأنه شي زائد»، على حد تعبيره.

وكال بن شماس لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يرأس الحكومة، نقدا لاذعا أكثر من مكونات الغالبية الأخرى، سواء بشكل ضمني أو صريح، وقال إن الحزب الذي كان إبان وجوده في المعارضة يقيم الدنيا ولا يقعدها، يستنسخ النموذج الكلاسيكي للحكومات السابقة، ولم يظهر أي مؤشر على دخول المغرب عهدا ديمقراطيا جديدا.

وأضاف بن شماس: «لم نعثر على إجراءات نوعية تستجيب لتطلعات وانتظارات الشعب المغربي، ورؤية سياسية تحدث قطيعة مع طرق إدارة الشأن العام كما كان يتم في السابق».

وشكك بن شماس في قدرة الحكومة على مواجهة الأزمة، وقال إنها وزعت الوعود والأوهام بكثير من السخاء وبقليل من المسؤولية، مشيرا إلى أن عمل الحكومة يطبعه الارتباك، وأنها لا تعمل بمنطق الدولة، بل بمنطق المزايدات الفارغة، على حد اعتقاده.

ودعا بن شماس، رئيس الحكومة إلى الاستعجال في مراجعة منهجية عمل الحكومة والالتزام بأقصى درجات المسؤولية لمواجهات المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قبل فوات الأوان لأن الزمن لم يعد يرحم الكسالى والمتخاذلين، حسب تعبيره. وأضاف أن المجتمع أصبح يشعر بالخوف والقلق نتيجة مؤشرات لا تبعث على الارتياح ضمنها ضعف الانسجام بين مكونات الحكومة وتضارب مواقفها وبطء الأداء.

وأوضح بن شماس أن الحكومة منشغلة بالترويج الإعلامي حد الإدمان، بينما تلقى المسؤولية على جهات تقول إنها تعاكس الإصلاح دون أن تكون لها الجرأة على الكشف عن هويتها، وزاد قائلا إن الحكومة تريد «الجمع بين حلاوة السلطة وشرف المعارضة».

وانتقد بن شماس ابتعاد الحكومة عن روح الدستور لأنها لم تضع حتى الآن برنامجا لإخراج القوانين التنظيمية التي تتلاءم مع مقتضيات الدستور الجديد، ودعاها إلى إعادة النظر في سلم الأولويات بحيث تعطي الأولوية للشأن العام وليس للشأن الحزبي، وأن تعمل أكثر وتتحدث أقل.

وذهب بن شماس إلى أكثر من ذلك، ودعا الحكومة إلى الكف عما سماه «الزهو الزائد» نتيجة النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية.

وقال إن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد ليست على ما يرام وقد تزيد استفحالا لأنه يتم التعامل معها بنفس المنهجية التي أثبتت عقمها، وأعطى مثالا على ذلك بتعامل الحكومة مع العاطلين الجامعيين، وتنصلها من الالتزامات التي وعدتهم بها حكومة عباس الفاسي. وإذا كان بن شماس قد تفهم عدم إمكانية توظيف «جيوش العاطلين» في مؤسسات حكومية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فإنه قال إن حزبه حذر الحكومة السابقة من ذلك، إلا أنه دعا الحكومة الحالية إلى عدم إغلاق باب الحوار في وجه العاطلين.

إلى ذلك، يعقد مجلس النواب الاثنين المقبل أول جلسة مخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة سيحضرها ابن كيران، وهي جلسة شهرية تأتي تطبيقا لأحكام الفصل 100 من الدستور، والنظام الداخلي الجديد للمجلس، الذي ينص على أنه «تحدد باتفاق مع الحكومة جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وتقدم الأجوبة عنها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة وفقا لأحكام الفصل المائة من الدستور».