الرئيس السوداني: الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لا يستطيعان أن يفرضا على السودان «ما لا يريده»

البشير: إذا أرادوا تغيير النظام في الخرطوم فسنعمل على تغيير النظام في جوبا وإذا أرادوا دعم متمردين فسندعم متمردين

الرئيس السوداني عمر البشير يحيي عمالا من القطاع النفطي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير أمس أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لا يستطيعان أن يفرضا على السودان «ما لا يريده»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو الخرطوم ودولة جنوب السودان إلى وقف المعارك تحت طائلة فرض عقوبات.

وقال البشير أمام أعمال وزارة النفط السودانية في الخرطوم أمس «بالنسبة للقرارات سننفذ ما نريده. وما لا نريده لا مجلس الأمن ولا مجلس الأمن والسلم الأفريقي سيجعلاننا ننفذه».

وكان الرئيس السوداني يتحدث إلى نحو ألف شخص من العاملين في صناعة النفط السودانية خلال احتفال بتحرير حقل هجليج النفطي بعد أن احتلته قوات جنوب السودان في 10 أبريل (نيسان) الماضي واستعادته قوات الخرطوم بعد عشرة أيام على ذلك. وجاء حديث البشير بعد يوم واحد من تجدد القتال على حدود الدولتين.

وقال البشير في خطابه أمس إن «حكومة الجنوب تقول إنها تريد تغيير النظام في الخرطوم». وأضاف «إذا أرادوا تغيير النظام في الخرطوم فسنعمل على تغيير النظام في جوبا وإذا أرادوا دعم متمردين فسندعم متمردين. العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم».

وأعلن الجيش السوداني استعادة منطقتين حدوديتين من قوات جنوب السودان، بينما اتهم جنوب السودان طيران الخرطوم بقصف مناطق على حدود الدولتين. وكان السودان وجنوب السودان أكدا سعيهما للسلام بعد أن أصدر مجلس الأمن في الثاني من مايو (أيار) القرار رقم 2046 الذي ينص على وقف المعارك تحت طائلة التعرض لعقوبات.

وطالب القرار السودان وجنوب السودان بوقف إطلاق النار والأعمال العدائية على حدودهما وحل القضايا العالقة بينهما بعد انفصال جنوب السودان بموجب اتفاق سلام 2005 الذي أنهى الحرب الأهلية بين الطرفين التي استمرت من 1983 إلى 2005.

وبينما وقعت مواجهات أول من أمس على طول الحدود المتنازع عليها، أعرب جنوب السودان عن «الاستعداد للنقاش في أي لحظة». وصرح دينق الور وزير الرئاسة في جنوب السودان أمس قائلا «إن لم نطبق قرار مجلس الأمن الدولي فقد يتفاقم النزاع».

وتابع ردا على أسئلة صحافيين «لا أحد يرغب في الحرب. فلنجد حلولا سلمية لمشاكلنا ولنتجنب النزاع المسلح لأننا في الحقيقة نلنا كفايتنا من الوضع هذا».

وكان السودان أعلن رسميا التزامه بتطبيق القرار، لكنه حذر من حصول «بعض الصعوبات». ووجهت وزارة الخارجية السودانية رسالة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتثبت خطيا التزامها بخطة الخروج من الأزمة التي أطلقها الاتحاد الأفريقي وصدقت عليها الأمم المتحدة.

وأعلن الجيش السوداني أول من أمس استعادته لمنطقتين حدوديتين متنازع عليهما كانت قوات جنوب السودان سيطرت عليهما مطلع الشهر، هما كفن دبي وكافي كنجي داخل الحدود السودانية.

وكان السودان اتهم الجنوب باحتلال المناطق المختلف عليها. وقال «إذا لم ينسحبوا منها فسيجبرون على ذلك».

من جهته، قال جيش جنوب السودان إن «هذه الحادثة تؤكد حدوث خرق لوقف العدائيات الذي طالب به قرار مجلس الأمن الدولي بعد سريانه».

واتهم جنوب السودان الخرطوم بقصف عدد من مناطقه بالطائرات على طول الحدود بين الدولتين.

وأشار المتحدث باسم جيش جنوب السودان كيلا كيث إلى «قصف متكرر على مناطق المدنيين في حدودنا الشرقية بولاية أعالي النيل وفي ولاية الوحدة وشمال بحر الغزال». وينفي السودان القصف. ويتهم السودان جنوب السودان بمساندة متمردي دارفور الذين يقاتلون الحكومة السودانية في إقليم دارفور غرب السودان المضطرب منذ 2003 وأجزاء منه تتاخم جنوب السودان. بينما تنفي جوبا مساندتها لمتمردي دارفور وتتهم الخرطوم بمساندة متمردين داخل أراضيها. وقد طالب قرار مجلس الأمن الدولي الطرفين بالكف عن مساندة متمردي الطرف الآخر.

ويؤكد قرار مجلس الأمن ضرورة عودة الطرفين إلى التفاوض الأربعاء المقبل بوساطة من الاتحاد الأفريقي يقودها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، من دون أي شروط مسبقة لحل القضايا العالقة بينهما خلال ثلاثة أشهر.

وقال محلل دولي، رفض الكشف عن اسمه، إنه من «المنطقي» السعي إلى ترسيم الحدود قبل أي مفاوضات محتملة، مشيرا إلى أنها مسألة «فائقة الخطورة» في الوقت نفسه، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وتتمثل القضايا الخلافية في رسوم عبور نفط جنوب السودان إلى السودان إضافة للمناطق الحدودية المختلف عليها ووضع مواطني كل دولة المقيمين في الدولة الأخرى والخلاف حول منطقة أبيي.

وقالت الحكومة السودانية إنها ملتزمة تماما بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بوقف الأعمال العدائية بين الدولتين.

ونفى العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، ادعاءات دولة جنوب السودان بأن الجيش قصف مواقع داخل دولة الجنوب، نافيا أي خرق بشأن وقف إطلاق النار، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر لأي أعمال عسكرية ضد جوبا «رغم وجود قواتها على أراضينا».

من جانبه، أعلن علي أحمد كرتي، وزير الخارجية السوداني، تمسكه بخارطة مجلس الأمن الدولي بشأن حل النزاع بين السودان وجنوب السودان. وقال «بصراحة شديدة نتمسك بقرار مجلس الأمن، لأن التعاطي معه أفضل من إلغاء أنفسنا في خانة الاتحاد الأفريقي». وشن هجوما شديد اللهجة على الوسيط الأفريقي، وقال إنه اختطف ملف النزاع مع دولة جنوب السودان «بحيلة غريبة جدا» قابلتها الأخيرة ببعض الهدايا.

ووجه كرتي، لدى مخاطبته المجلس الوطني (البرلمان) أول من أمس، بـ«التعامل مع قرارات مجلس الأمن الدولي بحكمة للوصول إلى أهدافنا داخليا وخارجيا، وتجويد ما هو متاح بالحوار والعمل مع الأصدقاء للوقوف ضد أي مسالب»، وقطع بعدم التوقيع على أي قرار إلا بعد إخضاعه لمصالح السودان. وقال «لن نكون مكرهين على قبول شيء لا نقبله»، وزاد «لم ولن نقدم الدنيئة لا في ديننا ولا حق بلدنا»، وكشف عن اتجاه الخارجية لاستدعاء الوسيط الأفريقي عبر رئاسة الجمهورية حتى لا تكون لديه فرصة للاستماع إلى الأجندة المضادة، وحتى «يعرف العالم أن حكومة الجنوب تتردد».

من جهة أخرى، قال جعفر الصادق الميرغني، مساعد الرئيس السوداني، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه من الضروري تعزيز النجاحات الأمنية بضمانات تحقق الاستقرار وتؤهل لدفع عجلة التنمية. وأكد أن الملف الأمني ينبغي ألا يكون نهاية المطاف حول مشكلة السودان وجنوب السودان، فـ«العلاقات التاريخية العريقة، والآمال في المستقبل والمصير المشترك، تدعو الجميع لإجراء ما يلزم للخروج بالشعبين من النفق المظلم». وقال «من واقع مسؤوليتي الوطنية وبهدف إرساء الاستقرار بين البلدين، وتوحيد جهود السلام والتنمية، فإنني أدعو إلى تشكيل (لجنة حكماء السودان وجنوب السودان)، على أن تتولى معالجة الآثار السلبية للحرب ومداواة الجروح التي في الصدور، وإزالة المرارات المضنية». واقترح الميرغني أن تكون هذه اللجنة من ثلاثة أشخاص من كل جانب، ثلاثة من جمهورية السودان، وثلاثة من دولة جنوب السودان، وتهدف اللجنة إلى إرساء السلام، وتحقيق التعاون الاقتصادي والاستثماري الكامل بين الدولتين، وإعادة المياه لمجاريها على المستوى الشعبي والأهلي.