عشرات الآلاف يتظاهرون .. وتوثيق 225 خرقا لمبادرة أنان

انفجار «قوي» في حلب وعودة المظاهرات إلى الخالدية في حمص

مظاهرات حاشدة خرجت أمس مطالبة بسقوط الأسد أمس في إدلب (أوغاريت)
TT

تحت عنوان «فتح من الله ونصر قريب» ورغم الانتشار الأمني الكثيف لقوات النظام عمّت المظاهرات معظم المدن السورية مطالبة بإسقاط النظام ومندّدة بالتفجيرات المتنقلة التي تشهدها سوريا، وقد واجهتها القوى الأمنية بالرصاص كعادتها موقعة عشرات القتلى كحصيلة أولية بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. كما أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها قامت بالتعاون مع مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، بتوثيق ما لا يقل عن 225 خرقا لمبادرة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان وذلك عبر إطلاق نار مباشر وقصف مدفعي واقتحامات من قبل قوات الجيش السوري استهدف المتظاهرين السلميين، مما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى وتسجيل عدد من الاعتقالات.

واستمرت محافظة إدلب في تصدر مشهد المظاهرات السلمية في البلاد سواء من حيث أعداد المشاركين أو مدة التظاهر أو تحضير اللافتات، وذلك بسبب سيطرة الجيش الحر على مناطق التظاهر وتوفير الحماية للمدنيين بحسب ما قاله ناشطون، أشاروا إلى غياب ذلك في المناطق التي تحتلها القوات النظامية، حيث تخرج مظاهرات «طيارة» سريعة ويسقط العدد الأكبر من القتلى والجرحى. ويوم أمس الذي كان من المتوقع أن تكون فيه المظاهرات المناهضة للنظام أخف وتيرة عن السابق لا سيما في العاصمة دمشق، بعد تفجير أودى بحياة أكثر من 100 مدني.

وشهد أمس خروج عشرات الآلاف من السوريين في أكثر من 600 نقطة تظاهر في مختلف أنحاء البلاد بحسب إحصاءات أولية، للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وإدانة التفجيرات الإرهابية التي يرتكبها ورفض دعوات الحوار معه، وذلك رغم الانتشار العسكري والتشديد الأمني الخانق، ففي دمشق، خرجت نحو خمسين مظاهرة في أحياء عدة من العاصمة وغالبية مدن وبلدات ريفها، وقامت قوات الأمن والجيش النظامية بمواجهتها بالقوة، حيث أطلقت النار على المتظاهرين في منطقة دف الشوك وفي حي الميدان وحي التضامن الذي يشهد منذ أسابيع تصاعدا في الاحتجاجات، وبحسب ناشطون أصيب خمسة على الأقل في حي التضامن. كما جرت حملات اعتقال شرسة في المهاجرين لدى تحول تشييع إلى مظاهرة، وفي حي المزة خرجت عدة مظاهرات، شنت على أثرها قوات الأمن حملات اعتقال عشوائية. وخرجت المظاهرات في كفرسوسة وبرزة وركن الدين وفي ريف دمشق خرجت أكثر من سبعين مظاهرة في غالبية مدن وبلدات الغوطة الشرقية وفي وادي بردى الزبداني ومضايا ودرايا وجديدة عرطوز والمعضمية والتل ويبرود وغيرها. وفي دوما وبعد ليلة استمر فيها إطلاق النار كثيف لمدة تصل إلى تسع ساعات، من قبل قوات النظام التي انتشرت بالمدينة صباح أمس وحاصرت أكبر المساجد، خرجت عدة مظاهرات بحسب مصادر محلية، وتم إطلاق النار على ثماني مظاهرات لتفريقها. وفي الضمير التي تتعرض لعملية عسكرية شرسة من قبل قوات الجيش قام فريق من المراقبين الدوليين بزيارة سريعة بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال ناشطون إن الأهالي «أصروا على أن يرافقوهم إلى مكان الدمار الذي خلفته قوات النظام إلا أن المراقبين الدوليين لم يترجلوا من سياراتهم واكتفوا بفتح جزء من النافذة وقاموا بالتصوير عبر جوالاتهم البسيطة وغادروا بسرعة».

وخيم الموقف من التفجيرات التي شهدتها دمشق صباح الخميس على شعارات ولافتات المتظاهرين، الذين أجمعوا في كل المناطق على اتهام النظام بافتعال تلك التفجيرات، ولفتوا إلى أن زيارات المراقبين إلى المناطق تعرضها للخطر لأن النظام يقصفها بعد خروج المراقبين منها.

وذكر المتظاهرون في حي العسالي بدمشق بسلسلة التفجيرات التي استهدفت معارضي النظام السوري في لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكتبوا «تذكرنا الانفجارات في سوريا باغتيالات الشخصيات المعارضة لبشار في لبنان»، وعبروا عن قناعة الكثير من السوريين المناهضين للنظام بأن «بشار كان يصدر الإرهاب إلى العراق ولبنان.. الآن أصبح يستورده من عند المالكي ونصر اللات»، في إشارة إلى دور الحكومة العراقية وحزب الله في دعم النظام السوري ضد الشعب. وفي الرستن رفع المتظاهرون مثلا شعبيا يختزل رؤيتهم للنظام، يقول «يقتل القتيل ويمشي بجنازته»، أما في عامودا، شمال شرقي البلاد، فكانوا أكثر وضوحا وحسما في اتهام النظام بارتكاب التفجيرات باستعارة شعار اعتاد الشبيحة على كتابته على جدران المناطق التي يداهمونها ويسيطرون عليها وكتبوا «من فجر في دمشق هو: الأسد أو لا أحد»، واتهموا النظام بشكل غير مباشر بقتل المعتقلين في هذه التفجيرات بالقول «فقط في سوريا معظم ضحايا التفجيرات مكبلي اليدين.. نريد معرفة مصير معتقلينا». وفي حي الخالدية بحمص الذي عادت إليه المظاهرات أمس (الجمعة)، اعتبروا «تفجيرات دمشق مسلسلا جديدا من مسلسلات النظام»، وأكدوا رفضهم لدعوات الحوار مع النظام قائلين «لن نحاور، وحتى آخر ثائر». وفي سقبا جرت حملة مداهمات كبيرة في شارع الثانوية بعد خروج مظاهرة حاشدة في ساحة العيد، وفي مدينة التل خرجت مظاهرة بعد صلاة الجمعة وجرت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن الذين هاجموا المظاهرة بإطلاق النار والقنابل المسيلة. إلا أن المتظاهرين استمروا والتقوا مع مظاهرتين أخريين تمت مواجهتهما بالطريق ذاتها. وفي زملكا خرجت مظاهرات من أربعة مساجد بعد أداء صلاة الغائب على شهداء البلاد بحسب ما قاله ناشطون.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «انفجارا قويا» استهدف مساء أمس مقرا لحزب البعث السوري (الحاكم) في مدينة حلب، وقال المرصد في بيان «إن المعلومات الأولية تشير إلى أن انفجارا قويا وقع في حلب واستهدف فرع حزب البعث الحاكم في سوريا»، مضيفا «لم ترد معلومات حتى اللحظة عن عدد الضحايا الذين سقطوا في الانفجار».

كما خرج أمس آلاف المتظاهرين في نحو مائة مظاهرة في حلب وريفها نددت بالتفجيرات التي وقعت في دمشق الخميس، واتهمت النظام بارتكابها، وقامت قوات الأمن بمواجهة المتظاهرين بالرصاص مما أسفر عن سقوط إصابات.

وفي حي السكري جرى إطلاق رصاص كثيف في شارع المستوصف حي الشعار، قبيل وصول لجنة المراقبين إلى مخفر الشعار، وقالت السلطات السورية إن «إرهابيا انتحاريا يستقل سرفيسا مسروقا نوع مازدا حاول تفجير السرفيس في حي الشعار المكتظ بالسكان يوم أمس» وقال مصدر في محافظة حلب إن «الجهات المختصة تصدت للإرهابي بعد أن صدم شرطيين فقام بتفجير نفسه بحزام ناسف كان يرتديه بهدف تفجير السرفيس مما أدى إلى مقتله فقط». كما قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إنه في حي سيف الدولة «انفجرت عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة في منتصف الطريق اقتصرت أضرارها على الماديات كما انفجرت عبوة صوتية أخرى بحي الخالدية خلفت أضرارا مادية أيضا». بينما قال ناشطون في حلب إن قوات الأمن أطلقت النار والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين في حي الشعار، وقام المتظاهرون برشق الأمن بالحجارة. من جانبه قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات الأمن أطلقت النار لتفريق متظاهرين في حي صلاح الدين في حلب مما أدى إلى إصابة رجل بجراح خطرة. وفي عين عرب ذات الغالبية الكردية في ريف حلب، رفعت لافتات «عاشت الأخوة الكردية العربية»، وردد المتظاهرون هتافات تضامنا مع المدن المنكوبة منها «يا حمص نحن معاك للموت ويا حماه نحن معاك للموت» بحسب ما أظهرت مقاطع بثت على الإنترنت.

وفي إدلب (شمال غرب)، خرجت أكثر من 160 مظاهرة بعد صلاة الجمعة في المدينة وريفها التي تعد من أسخن مناطق الاحتجاجات في سوريا. وهتف متظاهرون من كفررومة في ريف إدلب «ثورة يا أحرار على الظالم بشار» ورفع آخرون إلى جانب الإعلام «أثبتنا للدنيا أننا أشجع شعب في العالم».