غضب في أروقة المخابرات البريطانية والأميركية للمعلومات المسربة حول شخصية «العميل المزدوج»

مصادر مطلعة: يمني من مواليد جدة درس وعمل في بريطانيا > الانتحاري المفترض قضى وقتا في مدرسة لتعليم اللغة في صنعاء

TT

أدت تسريبات مفصلة عن أسرار العملية الخاصة باختراق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وإحباط مخطط تفجير طائرة أميركية، ومغادرة العميل المزدوج اليمن الشهر الماضي مارا بالإمارات، وتسليمه «القنبلة المعدلة» التي صممت للهجوم على الطائرة ومعلومات عن قادة الجماعة ومواقعها وأساليبها وخططها إلى وكالة الاستخبارات المركزية والأمن السعودي والوكالات الاستخبارية المتحالفة معها، إلى موجة غضب في الاستخبارات الأميركية، حيث وجه عملاء «سي آي إيه» السابقون اللوم إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بسبب تهديده للأمن القومي وتشويه سمعة الاستخبارات البريطانية الداخلية (إم آي 6) والاستخبارات البريطانية الخارجية (إم آي 5).

لكن مسؤولي المخابرات الأميركية كانوا غاضبين بشأن كشف مخطط «القاعدة»، الذي تم الإعلان عنه يوم الاثنين عبر وكالة «أسوشييتد برس»، التي أجلت القصة على مدى عدة أيام بطلب من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، حيث كانوا يخشون من أن يؤدي تسريب الخبر إلى تثبيط وكالات الاستخبارات الأجنبية من التعاون مع الولايات المتحدة في مهام خطرة في المستقبل، بحسب النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك في الكونغرس بيتر كينغ، رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب.

ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية في عددها الصادر أمس عن مصادر سعودية أن العميل لم يكن سعودي الجنسية كما نشر من قبل، لكنه يحمل الجنسية اليمنية، فقد ولد بالمملكة العربية السعودية، في مدينة جدة، ودرس وعمل بالمملكة المتحدة حيث حصل علي جواز سفر بريطاني.

ويقول مايك شور، الرئيس السابق لوحدة خاصة بابن لادن بالاستخبارات المركزية الأميركية، إن «التسريبات بشأن تفاصيل عملية تورطت فيها بريطانيا قد يجعل من الصعب تكرار العملية»، مضيفا أن «الاستخبارات البريطانية الخارجية غاضبة جدا الآن، فهذا موضوع يجب أن يناقشه رئيس الوزراء مع الرئيس.. هذه مأساة حقيقية». وأضاف «لا ينبغي الكشف عن المزيد من المعلومات».

وأشار إلى أن «تلك التسريبات جاءت في أعقاب سلسلة من المعلومات تم الكشف عنها على مدار 10 أيام، بدءا بتقرير عن عزم الاستخبارات المركزية الأميركية توسيع نطاق هجماتها العسكرية في اليمن، مرورا بزيارة أوباما المفاجئة لأفغانستان في موعد شبه متزامن مع ذكرى مقتل بن لادن، وأخيرا تلك المعلومات المسربة غير المبررة».

وصرح روبرت غرينير، الرئيس السابق لمركز مكافحة الإرهاب التابع للاستخبارات المركزية الأميركية «أفترض، لكني لا أعلم أن الاستخبارات البريطانية لن تكون راضية عن ذلك، فهم على الأرجح ساخطون على أصدقائهم الأميركيين الذين تسيء إليهم تلك المعلومات المسربة أكثر منهم ولهم أسبابهم المعقولة التي تدفعهم إلى ذلك». ويضيف «لو كنت في موقفهم، كنت سأفكر أكثر من مرة قبل أن أتعاون مع الأميركيين، ولن أفعل ذلك إلا إذا كنت مضطرا. تكمن المشكلة في تلك العلاقة في عدم علمك بما تجهل تحديدا، ولا الفرص المتاحة التي قد تخسرها إذا قررت ألا تكشف عما لديك. ويعمل الأميركيون بنجاح في تقويض الثقة. وجذور المشكلة هي القيادة». ولم يتم الكشف عن اسم حامل الجواز البريطاني بعد، لكن قد يتسرب ذلك عن طريق «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، حيث كان يقضي وقتا في مدرسة لتعليم اللغة في العاصمة اليمنية صنعاء، وتم تجنيده من قبل «القاعدة» كانتحاري. وقال خبراء في مكافحة الإرهاب إنه قد تم تجنيد الانتحاري من قبل السعودية منذ ما يقرب من عام ليخترق «القاعدة»، حيث يمثل حصوله على جواز بريطاني عامل جذب للجماعة لأنه يعني أنه يستطيع السفر إلى الولايات المتحدة من دون تأشيرة دخول.

وقدم العميل المزدوج، بعد قضاء أسابيع في معقل أخطر الجماعات التابعة لـ«قاعدة اليمن»، معلومات حساسة سمحت لـ«سي آي إيه» بشن غارة بطائرة من دون طيار مؤخرا، أدت إلى مقتل فهد القصع، مدير العمليات الخارجية في الجماعة والمشتبه في ضلوعه في تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في اليمن عام 2000. وقد سلم العميل القنبلة، التي صممها خبير المتفجرات في الجماعة كي لا يتم اكتشافها في نقاط التفتيش في المطارات، إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قام بتحليل مكوناتها في معامله في كونتيكو، بولاية فيرجينيا. وقد ظلت مؤامرة التفجير سرا لأسابيع من قبل وكالة الاستخبارات المركزية والوكالات الأخرى لأنها كانت تخشى من الانتقام من العميل وأسرته. وكان اليمن من البلدان المستهدفة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والاستخبارات البريطانية (قسم 6) مع تنامي قوة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على مدى السنوات القليلة الماضية. مع ذلك تولت الاستخبارات السعودية القيادة حيث تحظى بأفضل موقع للعمل ولديها فرص كبيرة في استغلال العلاقات على جانبي الحدود. ونقل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نشاطه إلى اليمن عام 2007 بعد هزيمة «القاعدة» في السعودية. واتجه عمر الفاروق عبد المطلب، الانتحاري النيجيري، الذي كان يخبئ المتفجرات تحت ملابسه وحاول تفجير نفسه على متن رحلة من أمستردام إلى ديترويت عام 2009.