أشهر عدد من الفصائل والقوى اليمنية الجنوبية، أمس، تكتلا سياسيا جنوبيا في عدن أطلق عليه اسم «التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي»، ضم مكونات سياسية وشبابية واجتماعية ونقابية جنوبية، إضافة إلى شخصيات جنوبية بارزة في الحراك الجنوبي وحزب رابطة أبناء الجنوب (رأي)، وهو أول تجمع سياسي يمني جنوبي يضم المنادين بالفيدرالية بين الشمال والجنوب، وبين من ينادون بما يسمونه «فك الارتباط» أو «الاستقلال».
وعقد الاجتماع الخاص بإشهار التكتل في مدينة عدن، حاضرة جنوب البلاد، وصدر عن التكتل المشهر بيان أكد أن «التوافق على إنشاء هذا التكتل بيننا، كقوى ومكونات وشخصيات تحمل رؤى مختلفة وتتفق على الغاية الأسمى، وهي حق شعبنا في الجنوب في أن يحقق طموحاته في حياة حرة كريمة وفق خياره الحر»، وأن «هذا التوافق يعتبر عملا تاريخيا لم يشهده الجنوب منذ نحو ستة عقود، وهو عمل يستجيب لحاجة شعبنا في الجنوب وآماله في تكاتف قواه لنيل حقوقه وتحقيق طموحاته، وهو تجاوب مع سمات العصر الذي لم يعد يقبل الفردية في الرأي والفعل وإقصاء الآخر، وينفتح على التنوع والتعاون في إطاره، لا التنازع والصراع بسببه».
وقال بيان التأسيس إن «الجنوب يشكل جزءا أصيلا من النسيج الديني والقيمي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والجغرافي والتاريخي لشبه الجزيرة العربية، وبالتالي فإن الارتباط المتبادل بين بلادنا ودول شبه الجزيرة العربية تحكمه عوامل استراتيجية ضاربة جذورها في أعماق التاريخ وتمتد لتظلل حاضر المنطقة ومستقبله».
وأكد محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أن التكتل الذي أعلن هو لـ«مكونات سياسية وحزبية وشبابية ومن شخصيات اجتماعية وحكام سابقين»، وأن «الأساس الذي يقوم عليه هو إرساء ثقافة جديدة في الجنوب، فبدلا من الرأي الآخر، نريد أن يكون هناك رأي ورأي آخر»، ويؤكد على أن التكتل يقوم على «أصحاب الرؤيتين فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، من يطالبون بالاستقلال أو فك الارتباط، ومن يطالبون بالفيدرالية على إقليمين، وهي الفيدرالية المزمنة التي تنتهي بالاستفتاء وتقرير مصير شعب الجنوب»، ويضيف بن فريد لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا أن تجتمع الرؤيتان في عمل سياسي راق، ويتعاون الجميع لإيجاد حل سياسي حضاري للقضية الجنوبية، ويتم ذلك عبر حوار وليس عبر حرب بين أصحاب الرؤيتين، ونعتقد أنها خطوة أولية في طريق جمع الشمل الجنوبي، وكما يعلم القاصي والداني أن هناك تمزقا جنوبيا كبيرا، ونرى أنه من المهم السعي الجاد لجمع الشمل، وذلك عبر التنسيق والتعاون والحوار الحضاري، وهذا هو جوهر التكتل الجديد».
من جانبه أكد العميد علي محمد السعدي، القيادي في «الحراك الجنوبي»، أن «الاصطفاف» الذي أشهر كتكتل، أمس، ليس وليد اليوم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعمل منذ ما يقارب الـ9 أشهر من أجل التوصل إلى وحدة الصف الجنوبي وتقريب وجهات النظر، وقد جرت لقاءات كثيرة في القاهرة وإسطنبول وغيرهما، ونحن نسعى إلى تأسيس قاعدة تزيل التصور أو ما يطلق علينا نحن الجنوبيين بأننا عدائيون فيما بيننا بسبب اختلاف وجهات النظر، وقد شكلنا هذا التكتل كبادرة طيبة، ولا يعني هذا الاصطفاف أنه يمثل أبناء شعب الجنوب بشكل عام».
وقد حاول العشرات من أتباع القوى والفصائل الجنوبية الأخرى المعارضة لتوجهات الأطراف التي دعت إلى تشكيل التكتل، إفشال حفل الإشهار من خلال التجمهر أمام الفندق الذي عقد في اجتماع الإشهار، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك.
وأصدر المشاركون في التكتل الجنوبي الجديد وثيقة أطلق عليها «وثيقة الاصطفاف الجنوبي الواسع»، تضمنت عدة نقاط متفق عليها، ومن أهمها «تكوين تكتل وطني جنوبي توافقي، هدفه تحقيق مصالح وكرامة وطموحات أبناء الجنوب، وبما يحقق له الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية والعزة والكرامة والرخاء الاقتصادي، وفقا للقواسم المشتركة للقوى المكونة له، والمتمثلة بالرؤيتين: الاستقلال وخطابه السياسي، الفيدرالية المزمنة من (3 - 5 سنوات) بين إقليمين فيما كان يعرف بـ(جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) و(الجمهورية العربية اليمنية)، ويليها استفتاء شعب الجنوب ليقرر مصيره»، ونصت الوثيقة على «التواصل مع بقية المكونات والأطراف الجنوبية، وذلك لتوسعة دائرة الاصطفاف والتكتل ليشمل كل القوى الحية والمؤثرة في الجنوب، والساعية لحل القضية الجنوبية في إطار الرؤيتين». ويشهد جنوب اليمن حركات سياسية منذ مطلع عام 2006، تحتج على الأوضاع التي وصل إليها الجنوب بعد الحرب الأهلية في صيف عام 1994، بين شريكي الوحدة التي قامت في 22 مايو (أيار) عام 1990، وهي الحرب التي ظفر بها الطرف الشمالي أو «قوات الشرعية»، كما كانت تسمى، ويختلف الجنوبيون بشأن مساعيهم السياسية بين من يطالب بـ«فك الارتباط» عن الشمال، وبين من يطرح موضوع الفيدرالية المزمنة.