المعارضة الجزائرية تدعي تزوير الانتخابات البرلمانية لصالح حزبي السلطة

مراقبون قالوا إنها جرت في هدوء.. وحركة النهضة التونسية تنفي دعم مرشحي التيار الإسلامي

رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي خوسيه إغناسيو سالافرانكا (وسط) أثناء مؤتمر صحافي عن الانتخابات البرلمانية بالعاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجت أحزاب المعارضة الجزائرية على ما قالت إنه «تزوير مفضوح» بالانتخابات البرلمانية، التي أسدل عنها الستار مساء الخميس الماضي بفوز كبير لحزب «جبهة التحرير الوطني»، لكن مراقبون أجانب حضروا سير العملية الانتخابية قالوا «إنها كانت خالية من العيوب في عمومها».. بينما نفت قيادات في حركة النهضة التونسية تدخلها من بعيد أو من قريب في الانتخابات البرلمانية الجزائرية، مشيرة إلى أن «النهضة وقفت على نفس المسافة بين كل الأحزاب الجزائرية المتنافسة».

وقالت لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال» اليساري، أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة إن «التزوير كان كاسحا، وهو بمثابة انقلاب على الإرادة الشعبية ودعوة غير مباشرة إلى الثورة على الأوضاع». وذكرت أنها «مقتنعة بأن الشعب لن ينساق وراء ذلك لأنه واعٍ». وكشفت حنون عن اتصالات مع «تكتل الجزائر الخضراء»، الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية، بغرض التشاور بخصوص ما اتفقت على وصفه المعارضة بأنه «تزوير مفضوح لصالح حزبي السلطة».

وحصل «حزب العمال» على 20 مقعدا، وبذلك تراجع نسبيا عن نتائج انتخابات 2007 التي أعطته 26 مقعدا.

وعقد عبد المجيد مناصرة، رئيس الحزب الإسلامي المعارض، مؤتمرا صحافيا ندد فيه بـ«برلمان يشبه برلمان الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك». وأن طغيان حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (جبهة التحرير الوطني) على البرلمان الجديد، يغلق اللعبة السياسية في الجزائر، ويقضي على التعددية ويقزم المعارضة. وحذر مناصرة من «مصير شبيه بمصير مبارك وحاشيته، بحكم انسداد الأفق السياسي بالجزائر»، وأضاف أن الجزائريين «أداروا ظهرهم للتغيير؛ على عكس مناخ التغيير السائد بالمنطقة العربية».

وسئل مناصرة إن كان حزبه، الذي فاز بأربعة مقاعد فقط، سيعقد تحالفات في البرلمان لمواجهة الأغلبية الساحقة التي يمثلها «حزبي السلطة» (288 مقعد)، وهما «جبهة التحرير» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، فقال إن تنسيقا مثل ذلك «غير مستبعد».

ودعا «تكتل الجزائر الخضراء» على صفحته في «فيس بوك» مناضلي الأحزاب التي تشكله، وهي «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح»، إلى «التقيد بقرارات القيادة وضبط النفس وانتظار التعليمات مركزيا، وعدم الانسياق وراء النداءات المغرضة بعد التزوير الفاضح والتعتيم الجبان على النتائج الحقيقية، التي تم استبدالها في الغرف الخاصة وإبعاد كل المراقبين وأعضاء اللجان من حضوره فرز الأصوات». وقال قيادي في «مجتمع السلم»، رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن مجلس شورى الحزب قد يدرس عدم مشاركة الحزب في الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات (لديه حاليا أربعة وزراء)، كرد فعل على ما يعتبره «تزويرا معمما».

وعلى عكس المعارضة، صرح رئيس بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي خوسيه إيغناسيو سالافرانكا، بأن الانتخابات «جرت في ظروف تتسم بالهدوء»، ولكنه عبر عن «أسفه» لأن وزارة الداخلية رفضت منحه نسخة من لائحة المسجلين في الانتخابات.. وهو الأمر الذي علق عليه وزير الداخلية أول من أمس بقوله: «لا أعرف بلدا يمنح للأجانب أسرار مواطنيه».

وقال عبد العزيز بلخادم أمين عام «جبهة التحرير» لصحافيين إن «العمل البرلماني سيعرف نوعا آخر من التجارب بين أحزاب تملك برنامجا وأحزاب يمثلها النواب، وسيجري العمل البرلماني من اليوم فصاعد وفق انتماءات فكرية؛ أحيانا متجانسة وأحيانا أخرى متنافرة». ووصف البرلمان الجديد بأنه «فسيفسائي لأن أكثر من 15 حزبا لم تتحصل على أكثر من أربعة مقاعد، باستثناء خمسة أحزاب بإمكانها تشكيل مجموعات برلمانية».

وذكر بلخادم أن النتائج التي أفرزتها الانتخابات «تدفع إلى التفكير في خوض العمل البرلماني بطرق أخرى كإنشاء عائلات سياسية داخل البرلمان، بناء على تقارب الأفكار والمشاريع المجتمعية التي تدافع عنها الأحزاب». ودعا المعارضة إلى «تفعيل المراقبة في كل المجالات، بما فيها العمل الحكومي الذي سيتشكل من التحالف المرتقب لبعض الأحزاب من أجل تشكيل الحكومة».

يشار إلى أن الدستور الحالي، يمنح لرئيس الجمهورية وحده صلاحية اختيار الوزراء ورئيس الوزراء. ومن المنتظر أن ينزع التعديل الدستوري، المرتقب نهاية العام، من الرئيس هذه السلطة ليمنحها للحزب الذي يحوز على الأغلبية. وفي الحالة المطروحة حاليا، سيكون البرلمان والرئيس متجانسين لأن «الجبهة» صاحبة الأغلبية هي حزب الرئيس، وتقول إنها تطبق برنامجه منذ أن وصل إلى الحكم عام 1999.

إلى ذلك، نفى نجيب الغربي، القيادي في حركة النهضة التونسية، تدخلها من بعيد أو من قريب في الانتخابات البرلمانية الجزائرية. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النهضة وقفت على نفس المسافة بين كل الأحزاب الجزائرية المتنافسة».

وأضاف الغربي أن الجزائريين في تونس قد تمتعوا بكامل الحرية في اختياراتهم ولم تسع حركة النهضة إلى التأثير على أي طرف كان، واعتبر أن نتائج الانتخابات الجزائرية كانت شفافة ولا تعكس غير إرادة الجزائريين.

وعلقت بعض الصحف التونسية على تلك النتائج بأن الجزائريين رفضوا الانضمام إلى الربيع العربي، «ولم يمكنوا الأحزاب الإسلامية من الوصول إلى السلطة»، كما حدث في تونس ومصر وليبيا.

وكان قاسة عيسي، الناطق باسم جبهة التحرير الجزائرية الحاكمة، قد اتهم حركة النهضة بدعم مرشحي التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية التي شاركت فيها الجالية الجزائرية في تونس. وصرح عيسي بأن «مزورين اشتروا أصواتا لدعم مرشحي التيار الإسلامي في الجزائر»، وقال إن مرشحي التيار الإسلامي استفادوا من دعم أحزاب سياسية أجنبية وقنوات فضائية خارجية.