الغنوشي أمام 30 منظمة حقوقية دولية: لا سلطة دينية فوق سلطة الشعب

قال: رفضنا مقترح «الإخوان» بوضع مجلس علماء للرقابة على البرلمان لأنه يشبه ولاية الفقيه في إيران

TT

قدم الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية مجموعة من المواقف في لقاء نظمته مؤسسة السلام الأميركية مساء أول من أمس، بحضور ممثلين عن أكثر من 30 منظمة حقوقية دولية، وأجاب خلالها على أسئلة الحضور التي تمحورت حول الوضع العام في تونس ومواقف حركة النهضة من بعض المسائل الحقوقية ودور المجتمع المدني في المرحلة القادمة.

وقال الغنوشي إن «الثورة التونسية ثورة شعبية شاركت فيها جميع الجهات والتيارات التونسية»، وصنف حركة النهضة من أكبر ضحايا النظام السابق وقال: إن أكثر من 30 ألفا من أبنائها اعتقلوا وطردوا من أعمالهم، ولذلك «لم يكن غريبا أن تفوز حركتنا بثقة الشعب في أول انتخابات حرة ونزيهة»، على حد تعبيره.

وبشأن حركة النهضة التي تقود ائتلافا ثلاثيا يحكم تونس منذ قرابة 6 أشهر، قال الغنوشي إنها «حركة ديمقراطية؛ القيادة فيها يتم انتخابها من قبل الأعضاء، وهي تستعد منذ أشهر لعقد مؤتمرها التاسع في شهر يوليو (تموز) القادم».

وفيما يتعلق بحقوق المرأة و«الفزاعة» المرافقة لهذا الموضوع من إمكانية التراجع في مكاسبها، وخاصة قانون الأحوال الشخصية، إذا ما حكم التيار الإسلامي، ذكر الغنوشي أن حركة النهضة تعترف بجملة الأحوال الشخصية وبجميع مكاسب المرأة التونسية، وهي لم تعترض على مبدأ المناصفة الذي تم اعتماده في انتخابات المجلس التأسيسي. وقال: إن من مجموع 49 امرأة في البرلمان هناك 42 امرأة من النهضة، وعبر عن الأمر قائلا: «لو كانت المرأة التونسية تخشى على مكاسبها من النهضة لما حازت النهضة على الأغلبية، ولا يمكن لأحد الحصول على الأغلبية إذا لم يحصل على أصوات المرأة التي هي نصف المجتمع إن لم تكن أكثر».

وتطرق الغنوشي في اللقاء الذي جمعه بالمنظمات الحقوقية الدولية إلى مسألة تعدد الزوجات، وقال: إن المبدأ في الإسلام هو الزواج بواحدة، والتعدد أبيح في الإسلام كحل لمشكلات اجتماعية تبرز، خاصة في زمن الحرب. وقال: إن المشكل في تونس اليوم هو عزوف الشباب عن الزواج نتيجة البطالة، وليس تعدد الزوجات، وبالتالي المطلوب «توفير الشغل للشباب حتى يتمكن من الزواج».

وبشأن حرية المعتقد بين الشيخ الغنوشي أن حركة النهضة مع حرية المعتقد لأن الإيمان مقره القلب، ولا يمكن إكراه أحد على الإيمان. وقال: إن الحركة «ترفض النفاق بإرغام الناس على إظهار ما لا يعتقدون». وتطرق الغنوشي إلى موضوع المطالبة بالتنصيص على الشريعة في الدستور، وقال: إن حركة النهضة قبلت «الفصل الأول دون إضافة لاعتقادها أن الدستور يجب أن يقوم على الإجماع وليس مجرد الأغلبية».

ورفض الغنوشي القول بأي سلطة دينية فوق سلطة الشعب الذي يختار نوابه وممثليه، وذكر أنه عارض مقترح الإخوان المسلمين بوضع مجلس للعلماء للرقابة على البرلمان، وهو وضع يشبه ولاية الفقيه في إيران. وقال: «نعتقد أنه لا وجود لنظام (الباباوات) في الإسلام، وعلينا القبول بما يقره البرلمان لأنه الممثل للشعب والأمة التي هي مصدر السلطة».

وبخصوص التيار السلفي أوضح الغنوشي أن التيار السلفي متعدد، فيه السلفية العلمية المسالمة وفيه السلفية الجهادية التي تعتمد العنف، وقال: إن لحركة النهضة حوارا مع كل من ينبذ العنف، وعندما حمل بعض السلفيين السلاح في منطقة بئر علي بن خليفة منذ أشهر تعامل معهم جهاز الأمن وفق القانون، وقتل اثنين ممن يحملون السلاح.

وذكر الغنوشي بالنموذجين التركي والماليزي، وقال: إنهما «من أقرب النماذج إلى التجربة التونسية»، وأشار إلى أن لكل تجربة خصوصيتها، واعتبر تونس مثالا ناجحا للتعايش بين التيار الإسلامي والتوجه العلماني. وبشأن دور المجتمع المدني في ترسيخ الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان والحوار مع الحكومة، أكد الغنوشي على ضرورة مساعدة المجتمع المدني على القيام بدوره دون التدخل في شأنه أو السيطرة عليه كما كان الشأن في عهد الرئيس المخلوع، وقال: «نحن لا نرغب في إعادة تلك التجربة الفاشلة».