حزب الله: الشعب السوري أمام خيارين.. الإصلاح أو التدمير

خطاب نصر الله يثير مواقف شاجبة.. والحريري يترك الرد عليه لصناديق الانتخابات

صورة وزعتها شبكة «شام نيوز» لمنازل وسيارات مدمرة في حمص (أ.ف.ب)
TT

دان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أول من أمس التفجيرين «الانتحاريين» اللذين هزا دمشق الخميس، متهما أطرافا خارجية بالسعي لتدمير سوريا، ومعتبرا أن أمام السوريين خيارين إما «منهج جدي في الإصلاح» تقوده السلطات السورية أو «عقل تدميري».

وجاء كلام الأمين العام لحزب الله، أحد أبرز حلفاء دمشق في لبنان، بمناسبة إنجاز «مشروع وعد» لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية.

ورأى نصر الله أن «ما يجري في سوريا ليس مطالبة بإصلاح» وقال: إن الشعب السوري أمام خيارين «منهج جدي في الإصلاح» تقوده السلطات، أو «عقل تدميري ويد تدميرية وجهات حاضرة أن تقدم السلاح والمال والانتحاريين».

وأثارت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي اعتبر فيها أيضا أن أحداث السابع من مايو (أيار) 2008 كانت لوأد الفتنة في لبنان، وهجومه على تيار «المستقبل»، وتشديده على قانون انتخابات وفق النسبية من دون البحث بموضوع السلاح الذي سيبقى قبل وبعد الانتخابات خارج النقاش، موجة من ردود الفعل الشاجبة والتي اعتبرت أن إصرار الحزب تمجيد السابع من مايو، هو إشعال للفتنة في لبنان والمنطقة.

وكما دعا نصر الله إلى «تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات في موعدها»، مؤيدا قانون الانتخابات على أساس النسبية لأنه لا يلغي أحدا، بل يلغي الأحادية في الطوائف». وانتقد الكلام عن أنه لا انتخابات في ظل السلاح، فقال: «هذا يعني أنهم لا يريدون انتخابات لأن السلاح باق، ثم إن السلاح الذي يؤثر على الانتخابات هو السلاح الفردي والمتوسط وهو في يد كل اللبنانيين». وعن أحداث 7 مايو 2008 (العملية العسكرية التي شنها حزب الله وحلفاؤه في بيروت)، شدد على «تجنب التحريض لمنع الفلتان الأمني، لأن كل ما حولنا يضج بالأحداث والضغوط»، مكررا الحرص على «عدم جر البلد إلى أي فلتان». وكشف عن «امتلاك وثائق حول ما كان يترتب قبل 7 مايو لإحداث فتنة شيعية ـ سنية يليها استقدام قوات عربية تعوض ما فشل في حرب يوليو (تموز) 2006». وقال: «نحن فقأنا عين الفتنة ومنعنا الفتنة السنية ـ الشيعية، وكنا حريصين على المسارعة إلى وأد الفتنة يومها ومعالجة الأمور، ولدينا وثائق وصور ومعطيات»، مشيرا إلى أن «المواجهة في 7 مايو لم تكن مع السنة بل مع تيار المستقبل الذي يحتكر التحريض في هذا الملف لأنه يريد احتكار تمثيل الطائفة السنية».

وفي أول تعليق له على مواقف الأمين العام لحزب الله، أكد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أن «الرد الوحيد على كلام السيد حسن نصر الله سيكون في صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2012»، مشددا على أن «هذه الانتخابات ستكون نقطة فصل أساسية لتحديد مستقبل لبنان». وفي دردشة له مع متتبعيه على موقع «تويتر»، وصف الحريري ما أورده نصر الله بأنه «ذاكرة انتقائية»، مشيرا إلى أن «خطاب نصر الله هو نفسه يتكرر في كل مرة».

في هذا الوقت أبدى عضو كتلة «المستقبل» النائب عقاب صقر، أسفه لأن «وجهة نظر حزب الله من أحداث 7 مايو تتكرر وهو يصر على تحويل هذه المناسبة من خطأ استراتيجي أشعل فيها نارا طائفية امتدت على كل أرجاء الوطن العربي إلى خطيئة مميتة». وأكد صقر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أحداث 7 مايو أسقطت قدسية المقاومة ودقت المسمار الأول في نعش حزب الله وربما يكون سقوط النظام السوري المسمار الأخير في نعشه». وقال: «المشكلة ليست بـ7 مايو وفظاعاته، بل بإصرار الحزب على أن الفتنة التي أشعلها يومها هي الوسيلة الفضلى لديه لوأد الفتنة، وهو كمن يعطي السم للمريض ليمنع عنه الموت، في حين أن تلك الأحداث هي التي أججت الفتنة». وأوضح أنه «إذا أراد هذا الحزب أن يلغي مفاعيل هذه المناسبة الأليمة عليه أن يقدم اعتذارا صريحا وإن لم يفعل فيعني ذلك أنه مصر على الفتنة». ملاحظا أن «خطاب حزب الله التصعيدي والموقظ للفتنة، يقابل بخطاب رجل دولة هو الرئيس (الحكومة السابق) سعد الحريري الذي لم يوجه حتى مجرد نقد إلى حزب الله الذي تتداعى صورته عربيا ودوليا بسبب ما حصل في 7 مايو وأحداث سوريا وقضية (اغتيال) الرئيس رفيق الحريري». أما عن إصرار السيد نصر الله على قانون انتخابات على أساس النسبية، فرأى صقر أن «النسبية كلمة حق يراد منها باطل». وقال: «من حيث المبدأ لا أحد ضد النسبية وقد تكون الأفضل تمثيلا، لكن طرحها بهذا الشكل كمن يقدم العسل لمريض السكري، لأن الجسم اللبناني لديه داء مستعص اسمه الجزر الأمنية، فمثلا في المناطق التي فيها ثقل شعبي لتيار المستقبل يستطيع أي مرشح ضد هذا التيار أن يترشح وربما يفوز بالانتخابات، أما في المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله وحركة أمل لا يستطيع أي مرشح معارض لهما أن يقوم بحملة انتخابية لأنهم يحرضون عليه صبية يرجمونه ويكون وراء هؤلاء الصبية أكثر من مليون بندقية». أضاف: «بعد انتخابات عام 2009 وبمجرد أن أطلقت صرخة وقلت إنني مرشح لرئاسة المجلس النيابي بشكل ديمقراطي، قيل لنا إن مجرد الترشح في وجه الرئيس نبيه بري هو مشروع حرب». ولفت إلى أن «الخطورة في النسبية هي أن كل الطوائف تخترق إلا الطائفة الشيعية التي يحتكر تمثيلها حزب الله و(أمل) اللذين يصبح لديهما واقع طائفي معطل، بحيث يصعب وضعهما خارج الحكم لأنك بذلك تكون كمن يخرج طائفة بكاملها، وإذا احتكروا هذا التمثيل سيعطلون المؤسسات ويقولون إما ميشال عون رئيسا للجمهورية وإما الفوضى»، معتبرا أن «هذه اللعبة السياسية باتت مكشوفة ومفضوحة»، ومؤكدا أن «أمل ميشال عون بالوصول إلى رئاسة الجمهورية هو كأمل إبليس بدخول الجنة، خصوصا بعد أن أصبح مجرد شبيح عند النظام السوري وشتام عند حزب الله وحلفائه».

بدوره اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت في معرض تعليقه على كلام حسن نصر الله أن «7 مايو هو عنوان الفتنة الأساسي، وهو استعمال السلاح في وجه اللبنانيين، فهم (حزب الله) عندما انحشروا أنزلوا (القمصان السود) وشكلوا حكومة، إذن هم يستعملون السلاح كل يوم، ونحن لم ننس أن نصر الله وصف 7 مايو باليوم المجيد». وحول كلام نصر الله عن الدول التي ساهمت في الإعمار بعد حرب يوليو 2006، قال فتفت «لقد اعترف جزئيا بدور بعض الدول العربية بإعادة الإعمار ونسي شعارات (شكرا قطر) و(شكرا السعودية)».