اتفاق فلسطيني ـ إسرائيلي يلبي شروط الأسرى مقابل وقف أي نشاط

بعد مفاوضات شاقة في سجن عسقلان تدخل فيها المصريون مباشرة

فلسطيني في رام الله مكبل بالسلاسل داخل قفص يرفع شارة النصر تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام (أ.ف.ب)
TT

قال مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون، إن قيادة الأسرى المضربين في السجون الإسرائيلية، وقعت أمس على الاتفاق المصري - الإسرائيلي، الذي يقضي بإنهاء إضراب الأسرى المستمر منذ 28 يوما، مقابل الاستجابة لجميع مطالبهم.

وتوقف نحو 1600 أسير فلسطيني فورا عن الإضراب عن الطعام الذي بدأوه احتجاجا على ظروف اعتقالهم. وقال قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، لـ«الشرق الأوسط»: «قيادة الإضراب وقعت على الاتفاق في سجن عسقلان، والإضراب توقف فورا».

وأكدت سيفان وايزمان، المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية، في بيان، أنه «تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الإضراب عن الطعام المستمر منذ 28 يوما». وأضافت: «تم التوصل إلى الاتفاق عقب تفاهمات تمت صياغتها في الأيام الأخيرة».

وأوضح صالح العاروري، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، تفاصيل الاتفاق قائلا: «إن اللجنة العليا لقيادة الإضراب وقعت اتفاقا مع إدارة السجون لإنهاء الإضراب بعد الاستجابة لمطالب الأسرى».

وقال العاروري: «الاتفاق يقضي بإخراج جميع الأسرى المعزولين من العزل الانفرادي خلال اثنين وسبعين ساعة، وتقديم لوائح اتهام بحق المعتقلين إداريا أو أن يتم إطلاق سراحهم مع انتهاء حكمهم الإداري، والموافقة على زيارات أهالي غزة لأبنائهم في السجون، وإنهاء تطبيق ما يسمى بـ(قانون شاليط) الذي فرض بعد أسر المقاومة الجندي جلعاد شاليط، وتحسين وضع الأسرى في السجون، وإعادة الحياة في السجون إلى ما كانت عليه قبل عام 2000».

وقالت مصادر إسرائيلية إن الاتفاق يشمل أيضا تسليم 100 جثمان لشهداء محتجزين في مقبرة الأرقام في إسرائيل، كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأكد «الشاباك» الإسرائيلي ذلك، لكنه قال إن الاتفاق على إنهاء عزل الأسرى الفلسطينيين جاء مقابل تعهدهم بعدم العمل ضد أمن «الدولة» انطلاقا من السجون والمعتقلات. وقال الشاباك في بيان مختصر، إن «الاتفاق جاء ثمرة اتصالات بين الأمن الإسرائيلي والمصري والفلسطيني، ويتعلق بتحسين شروط اعتقال الأسرى الفلسطينيين وطريقة وقف نشاطهم (الإرهابي) انطلاقا من السجون والمعتقلات».

ومع استجابة إسرائيل لمطالب الأسرى يكون المعتقلون الفلسطينيون حققوا نصرا كبيرا على سجانيهم الذين ماطلوا في البداية.

وحتى وقت متأخر من بعد ظهر أمس، كانت المفاوضات بين قيادة الإضراب في السجون الإسرائيلية وإدارة مصلحة السجون محتدة حول «صفقة» الاقتراحات المصرية.

وبعدما أعلن عزام الأحمد، مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى مصر، الذي شارك في مباحثات حول الأسرى، أن الاتفاق ينص على إفراج إسرائيل عمن يطلق عليهم اسم «المحتجزين إداريا» فور انتهاء فترة احتجازهم، واستئناف زيارات الأهل بالنسبة لأسرى قطاع غزة، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، حدث تطور مفاجئ استدعى تدخل مصر في قلب المفاوضات، إذ تراجعت إسرائيل عن مسألة إنهاء الاعتقال الإداري، وهذا أدى إلى تعطيل الاتفاق لساعات، قبل أن يتوجه مسؤول مصري (القنصل لدى إسرائيل) إلى سجن عسقلان لمعالجة الأزمة المتعلقة بقضية الاعتقال الإداري.

وكان الأسرى قد تلقوا الأسبوع الماضي وعودا من إدارة مصلحة السجون، بأن توافق على أن تكون زيارات أهالي غزة على شكل مجموعات وليس منتظمة، كما قالت إنها ستبحث شهريا إخراج أسرى من العزل الفردي، فيما وافقت على السماح بالاتصال التلفوني للأسير مرة كل شهر، وإعادة ثلاث محطات فضائية، والسماح بالتصوير للأسير داخل الأقسام وتحسين حال «الكنتين» (المقصف).

وحصل تطور لافت أول من أمس عندما أخرجت إسرائيل في بادرة حسن نية، كما يبدو، عميد الأسرى المعزولين محمود عيسى، الذي أمضى 13 عاما متواصلة في العزل الانفرادي. ولم يدفع ذلك الأسرى إلى وقف إضرابهم، وطلبت قيادة الإضراب الاستجابة بشكل صريح وواضح لمطالب المضربين، بإخراج كل المعزولين، والسماح لأهالي الأسرى من غزة بزيارتهم، ووافقت إسرائيل بعد تدخل مصري مباشر.

وتحولت مصر هذا الأسبوع إلى مقصد كل المسؤولين الفلسطينيين المعنيين بملف الأسرى، والتقى عزام الأحمد، مبعوث الرئيس الفلسطيني، مسؤولين في الحكومة المصرية بالقاهرة لتنسيق المواقف والضغط على إسرائيل، كما طار وفد من حماس ضم أسرى محررين من بينهم روحي مشتهي للقاهرة قبل أيام للسبب نفسه.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حذر من «طامة كبرى» إذا أصاب أحد الأسرى المضربين أي أذى. وطالب يتسحاق مولخو، مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي التقاه في مكتبه في رام الله لتسليمه رسالة، بإنهاء معاناة الأسرى فورا.

وقال عباس: «هذا هو أهم موضوع نتعاطى معه هذه الأيام. إن الأسرى لديهم مطالب عادلة كبشر، ونحن الآن نتكلم عن ظروف السجن والاعتقال، وحتى الآن لم تلبَّ مطالبهم، على الرغم من أن هناك محادثات تجري حول مطالبهم، ولكن الوضع في منتهى الخطورة».

وأردف: «قد يتعرض أحد الأسرى للأذى، وهذه ستكون كارثة وطنية لا يستطيع أحد تحملها، لذلك نعمل على إنهاء الأزمة بأسرع وقت ممكن».